لماذا انتقلت “حرب النّاقلات” بشَكلٍ مُكثّف من مِياه الخليج إلى البحر الأحمر

لماذا انتقلت “حرب النّاقلات” بشَكلٍ مُكثّف من مِياه الخليج إلى البحر الأحمر؟

المغرب اليوم -

لماذا انتقلت “حرب النّاقلات” بشَكلٍ مُكثّف من مِياه الخليج إلى البحر الأحمر

عبد الباري عطوان
عبد الباري عطوان

أفاق ميناء جدّة العاصمة الاقتصاديّة للمملكة العربيّة السعوديّة فجر اليوم الاثنين على هُجومٍ “غامض” استهدف ناقلة نفط ترفع العلم السّنغافوري، وتقل 60 ألف طن من البنزين، الأمر الذي أدّى إلى اشتِعال النّيران في النّاقلة، وتسرّب نفطي، وإغلاق الميناء إلى أجلٍ غير مُسمّى.

هذا الهُجوم هو الثّالث في غُضون شهر، أمّا الهُجومان الآخَران، فاستِهدف الأوّل، والأخطر الشّهر الماضي، مخازن وقود تابعة لشركة أرامكو في المدينة بصاروخ كروز مُجنّح يحمل اسم “قدس 2” ويطير على ارتفاع مُنخفض لا ترصده الرادارات، والثّاني استِهدف ناقلة نفط يونانيّة في ميناء الشقيق جنوب المدينة وأدّى إلى  إشعال النّيران فيها.

لم تُعلن أيّ جهة مسؤوليّتها عن الهُجوم الجديد على الميناء الأضخم في المملكة، لكنّ حركة أنصار الله الحوثيّة أعلنت مسؤوليّتها عن الهُجوم الصّاروخي الذي ضرب مخازن شركة أرامكو ودمّر ما يزيد عن 15 بالمِئة من الوقود الموجود فيها، من خِلال الصّاروخ المذكور انطلق من صعدة وقطع مسافة 650 كم، ووصل إلى هدفه دُونَ أن تعترضه صواريخ “الباتريوت” الأمريكيّة المُتطوّرة، والرّادارات والمنظومات الدفاعيّة السعوديّة الأُخرى والمُتقدّمة تُكنولوجيًّا.

***
من الواضح أن “حرب الناقلات” انتقلت من مياه الخليج إلى مِياه البحر الأحمر، وباتت الموانئ السعوديّة، سواءً في ينبع في الشّمال أو في جدّة في الوسط، وجازان في الجنوب على قمّة أهدافها، الأمر الذي سيُشَكِّل قلقًا للسّلطات السعوديّة والحُلفاء الغربيين لأنّ أكثر من 12 بالمِئة من حجم التّجارة العالميّة يَمُر عبر البحر الأحمر وقناة السويس.

هذا التّصعيد يتزامن مع هجمة تطبيعيّة “مسعورة” من قبل تحالف الملكيّات العربيّة مع دولة الاحتِلال الإسرائيلي “وأحد ثِمار”  اجتماع ثلاثي في مدينة نيوم السعوديّة على ساحِل البحر الأحمر ضمّ مايك بومبيو وزير الخارجيّة الأمريكي، وبنيامين نِتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، والأمير محمد بن سلمان وليّ العهد والحاكم الفِعلي في المملكة، وبعد أيّام معدودة من هذا الاجتماع الذي نفاه وزير الخارجيّة السّعودي الأمير فيصل بن فرحان وأكّدته مصادر إسرائيليّة وغربيّة، حطّ جاريد كوشنر صِهر الرئيس الأمريكي، ومُستشاره، وعرّاب صفقة القرن، الرّحال في المدينة نفسها أيّ نيوم، وطار بعدها إلى الدوحة، في جولةٍ غامضة الهدف منها فتح الأجواء السعوديّة أمام الطّائرات القطريّة، في إطار مُصالحة بين البلدين، ولكنّ مصادر غربيّة تتحدّث عن أنّ احتِمالات هُجوم أمريكي إسرائيلي ضدّ إيران بات وشيكًا ومن قواعد عسكريّة في الدّولتين المُتخاصمتين.

المِلاحة في البحر الأحمر، وكُل الموانئ الموجودة على شواطئه، والنّاقلات والسّفن التجاريّة والحربيّة التي تخوض عبابه، باتت تحت رحمة حركة “أنصار الله” الحوثيّة الحليف القويّ لإيران، وقد تكون عوائد قناة السويس أحد ضحايا هذا التّهديد.
الأمر الآخَر الذي يستحقّ التوقّف عنده، ما يجري تداوله من تقارير تُفيد بأنّ الولايات المتحدة، وبضغطٍ سعوديّ، على وشك اتّخاذ قرار بوضع الحركة اليمنيّة (أنصار الله) على قائمة الإرهاب، وربّما يكون هذا التّصعيد من قِبَلها وضرب النّاقلات في ميناء جدّة رسالة تحذير قويّة من الإقدام على هذه الخطوة، لما يُمكِن أن يتَرتّب عليها من تَبِعات.

حركة “أنصار الله” الحوثيّة وحُلفاؤها ليس لديها الكثير الذي يُمكن أن تخسره، فاليمن يتعرّض للقصف مُنذ سِت سنوات بأحدث الطّائرات الأمريكيّة، وأكثر مِن ثلاثين مِليون من أبنائه يُواجهون الموت إمّا من جرّاء هذا القصف، أو جُوعًا بسبب الحِصار الخانِق المفروض عليهم من دُول التّحالف، وفساد الحُكومة “الشرعيّة”.

الرئيس ترامب، وصِهره، وجناح الصّقور في حُكومته، أو من تبقّى منهم، علاوةً على نِتنياهو، يُخطّطون لإشعال فتيل الحرب في المِنطقة، واستهداف إيران وحُلفائها، ثأرًا لفَشَلِهِم في تركيعها، وتغيير النّظام فيها من خِلال العُقوبات الاقتصاديّة، وتوجيه ضربة استباقيّة لإدارة الرئيس جو بايدن الديمقراطيّة وإجهاض مَهمّتها في التّفاوض للعودة للاتّفاق النّووي الإيراني.
***

قبل ثلاثة أيّام حلّقت قاذِفتان عِملاقتان أمريكيّتان من “طِراز B52 ” في الأجواء السعوديّة في حِماية سرب طائرات سعودي من نوع “إف 16” في رسالة تهديد واضحة لإيران، واستِعراض يرفع منسوب التوتّر في المِنطقة المُلتهبة في الوقتِ نفسه، فهل تأتي حرب النّاقلات هذه كردٍّ على هذا الاستِفزاز الأمريكي، ورسالة تحذير للسعوديّة التي قد تكون ودولة قطر والقواعد الأمريكيّة فيهما منصّة الهُجوم على إيران، تحذير من طبيعة وحجم الأخطار التي قد تلحق بهما وبُناهُما التحتيّة من أيّ انتقامٍ لإيران وحُلفائها في حالة اشتِعال فتيل الحرب؟

الصّواريخ الحوثيّة التي تُمثّل قمّة جبل جليد التّكنولوجيا العسكريّة الإيرانيّة، قد لا تتوقّف عند جدة وينبع وجازان وبقيق، ومن غير المُستَبعد أن تكون المُفاجأة القادمة بضرب ميناء إيلات “الإسرائيلي” في مدخل خليج العقبة الشّمالي، أو حتّى ضرب سُفن وناقلات إسرائيليّة في مِياه البحر الأحمر، فمَن يَضرُب هؤلاء بالصّواريخ والطّائرات، ويُقدّم الأسلحة لهُم، عليه أن يتوقّع الثّأر من حيثُ لا يَحتَسِب.. والأيّام بيننا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا انتقلت “حرب النّاقلات” بشَكلٍ مُكثّف من مِياه الخليج إلى البحر الأحمر لماذا انتقلت “حرب النّاقلات” بشَكلٍ مُكثّف من مِياه الخليج إلى البحر الأحمر



GMT 22:05 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الكل متأخر... سيدي!

GMT 15:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يخشى "حزب الله"... بل يخشى إيران!

GMT 15:30 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

متى يبدأ الدرس؟

GMT 14:53 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية واستحقاقات الحرب السرية

GMT 14:50 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... القول ما قالت «ندى» الجميلة!

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 09:26 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أدوية علاج لمرض السكري قد تُقلل خطر الإصابة بحصوات الكلى
المغرب اليوم - أدوية علاج لمرض السكري قد تُقلل خطر الإصابة بحصوات الكلى

GMT 09:56 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو دياب يتصدّر ميدان "تايمز سكوير" في نيويورك
المغرب اليوم - عمرو دياب يتصدّر ميدان

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 10:41 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الفرنسي هيرفيه رونار يعود لتدريب منتخب السعودية

GMT 05:47 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 06:01 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

الدولار الأميركي يواجه تحديات عقب توسع مجموعة "بريكس"

GMT 06:11 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح لتنسيق الديكورات حول المدفأة الكهربائية

GMT 09:46 2024 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مانشستر سيتي في ضيافة وولفرهامبتون بالدوري الإنكليزي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib