ديبلوماسية النساء

ديبلوماسية النساء

المغرب اليوم -

ديبلوماسية النساء

محمد الأشهب

كما زينة الدنيا الأبناء، أصبحت زينة الديبلوماسية النساء. يحدث ذلك في الغرب بسلاسة، حيث قادت السيدتان مادلين أولبرايت وهيلاري كلينتون ديبلوماسية أقوى دولة في العالم، بإيحاء أن الضربات الناعمة أشد أثراً. وقد تجيء من حيث لا يتوقعها أحد.

في أقصى الغرب الآخر الجغرافي للعالم العربي، تولت الوزيرة السابقة في قطاع الثقافة والصناعة التقليدية فاطمة فال بنت الصوينع رئاسة الديبلوماسية الموريتانية، في خطوة ثانية لافتة، بعد وزيرة الخارجية السابقة الناها منت مكناس نجلة الوزير حمدي ولد مكناس الذي تربع على عرش الخارجية إبان حكم الرئيس الراحل المختار ولد دادة.

وإذا كان وضع المرأة الموريتانية، على غرار مجتمعات مشابهة ومتشبعة بتقاليد الحضور النسوي، يؤهلها لاحتلال مكانة بارزة في الدولة والمجتمع، مروراً بالبرلمان والسلطة التنفيذية وإدارة الأعمال في القطاع الخاص الناشئ، فإن هذا الاعتبار، لدى انسحابه على آليات العمل الديبلوماسي يقلل من تشنج المواقف، وأقل مدعاة للحذر والصدام. وبينهما تبدو الصرامة سمة مشتركة.

لا علاقة للتعيين الموريتاني بوجود وزيرة منتدبة في الخارجية المغربية اسمها مباركة بوعيدة، وهي بدورها تتحدر من أسرة صحراوية ذات نفوذ واسع، حتى أن بوعيدة الأب كان قنصلاً لبلاده في نواذيبو الموريتانية. إلا أن مسافات المد والجزر في العلاقات بين الرباط ونواكشوط قد تتقلص إلى درجة تفاهم بنون النسوة، يغطي على باقي الخلافات العارضة.

مع استبعاد هذه الفرضية، في وقت فتحت فيه أبواب الحوار والتفاهم بين البلدين الجارين، بخاصة في غضون التزام الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز مواقف مرنة وعقلانية، تفرق بين مهمته كرئيس للاتحاد الأفريقي، وبينها كمرجعية أعلى في السلطة، فإن تعيين امرأة على رأس الديبلوماسية الموريتانية، يساعد في تبديد الشكوك حيال التوجهات الراهنة لتكريس المساواة والقطع مع مؤاخذات بقايا العبودية، ففي وجود فريق نسائي بثمانية حقائب في حكومة واحدة، ما يعزز هذا الميل، علماً أن المرأة الصحراوية تتبوأ الصدارة على واجهات عدة.

ليس أقل شأناً أن النساء ينظر إليهن إجمالاً بأنهن أخف تورطاً في ملفات الفساد الذي أصبح التصدي له ظاهرة كونية، بمقاربات الحوكمة الرشيدة والتدبير العقلاني للموارد ومواجهة الأزمات. وقد يكون الرئيس محمد ولد عبد العزيز اهتم بهذا الجانب في تشكيل حكومة تعاود ترسيم مربعات الالتزامات التي كان أطلقها في تعهدات انتخابات الرئاسة.

سواء كانت المبادرة تنحو في هذا الاتجاه، أو تروم امتصاص نقمة الغضب المتصاعد، في الشارع الموريتاني الذي انتفض بقوة ضد الرسومات المسيئة للرسول الكريم عليه السلام، على رغم روابط العلاقات المتينة بين نواكشوط وباريس، فإن تزيين الواجهة الحكومية بعناصر نسوية يصادف ميلاً طبيعياً لدى المجتمع الموريتاني. غير أن الإبقاء على الروح النسوية في منصب الوزارة المنتدبة في الشؤون المغاربية والأفريقية في شخص الوزيرة خديجة امبارك فال بعكس حرص نواكشوط على معاودة تفعيل الاتحاد المغاربي، وإن خلت حكومات باقي الشركاء، باستثناء الجزائرمن هذه الحقيبة التي كانت دخلت قاموس السلطة التنفيذية، بعد انبثاق الاتحاد المغاربي، ثم تراجع بريقها على قدر اتساع نطاق الأزمات التي أدت إلى جمود وتعليق جهود البناء المغاربي، عدا ما يتعلق بالاجتماعات البروتوكولية، التي لا تزيد على التعبير عن وخز الضمير، إزاء ما آلت إليه الأوضاع بين الشركاء المغاربيين.

هل أراد محمد ولد عبد العزيز الإيحاء بأسبقية الانشغالات المغاربية في المرحلة الراهنة. أم أنه سعى إلى تغليف مكامن الأزمات والصراعات المتنامية مع المعارضة، بتوجهات إقليمية تساعد في تخفيف الضغوط الداخلية؟ مهما كان الجواب، فالوضع المغاربي لا يبدو في سلم الأولويات، أقله أن من دون احتواء الأزمة في ليبيا، ومد جسور جديدة لأحداث التقارب المغربي – الجزائري المفقود، يصعب العودة إلى زخم الانطلاقة المغاربية. ولعل من أبرز معالم هذا التباعد أن الحرب على الإرهاب، على رغم جديتها ومخاطرها، لم تفلح في جذب العواصم المغاربية إلى بداية قيام تنسيق أمني وسياسي ودفاعي، على قدر التهديدات والتحديات الأمنية المتصاعدة. وما ردود الأفعال الغاضبة ضد الشريك الفرنسي الآخر، إلا نوع من المخاض الذي يفرض الانتباه إلى تداعياته، إذ تلتهب المشاعر ويخفت منطق العقل والتبصر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ديبلوماسية النساء ديبلوماسية النساء



GMT 06:10 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الجزائري خارج الجزائر

GMT 06:07 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الجديد... أي أميركا ننتظر؟

GMT 05:06 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نصيحة السيستاني الذهبية

GMT 05:04 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب غزة في حفرة الأرنب

GMT 05:01 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

خنادق الآيديولوجيا وأقفاصها

GMT 04:35 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تتهدّد الحربُ الأهليّة لبنان؟

GMT 04:33 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

منطقتنا واليوم التالي

GMT 04:30 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب الساعات الأربع!

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 08:38 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها
المغرب اليوم - ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها

GMT 20:04 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وليد الركراكي يكشف مصير حكيم زياش مع المنتخب المغربي

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس الفرنسي وزوجته يزُوران ضريح الملك محمد الخامس

GMT 03:51 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

الكعبي يطارد هداف الدوري اليوناني

GMT 06:49 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي علي نصائح مهمة لتنظيف خزانات المطبخ من الدهون

GMT 20:26 2018 السبت ,05 أيار / مايو

9 أشياء تكرهها حواء في مظهر آدم

GMT 00:06 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

سيمونا هاليب تتصدّر التصنيف العالمي للاعبات التنس

GMT 08:44 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

النجمة لطيفة تعلن أنّ ألبومها الأخير حقّق مبيعات كبيرة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib