الحرب على «داعش» في ليبيا مسألة وقت

الحرب على «داعش» في ليبيا مسألة وقت

المغرب اليوم -

الحرب على «داعش» في ليبيا مسألة وقت

محمد الأشهب

أضحى التهديد باستخدام القوة سياسة قائمة بذاتها. وما لم تذعن إليه الفصائل المتناحرة في ليبيا عن طريق الحوار، ليس مستبعداً فرضه بالتهديد والتلويح بضربات عسكرية. وحين يقول وزير الدفاع الأميركي اشتون كارتر أن بلاده وضعت خطة عسكرية لمواجهة «داعش»، وإن كانت جهودها لا تزال تركز على الوصول إلى حل سياسي، فمعنى ذلك أن كل الخيارات قائمة، وأن فتح جبهة جديدة في الحرب على الإرهاب تكون ليبيا مسرحاً لها مسألة وقت، إلا في حال استبقت السياسة هدير الطائرات والصواريخ المغيرة.
من خلال إدراك أن سلطة القرار خرجت من النفوذ الداخلي لمربع الصراع نحو الإضرار بمصالح خارجية، إقليمياً ودولياً، يستطيع الفرقاء الليبيون تجاوز حسابات المأزق. أقله أن إخضاع مناطق لنفوذ هذا الفصيل أو ذاك ليس ورقة ضغط ومساومة في الميدان، طالما أن هناك من يقضم مصالح ليبيا والدول الغربية في غفلة من الجميع، وعلى الليبيين الاستجابة لطلب تشكيل حكومة وحدة، باعتباره آخر ما تبقى في متناول اليد مرحلياً.
يصعب على الأميركيين بلع مرارة اغتيال سفير بلادهم في ليبيا، يوم كانوا أكثر انتشاء بإطاحة العقيد معمر القذافي. ولا بد من أن جهات داخل الحزب الديموقراطي الأميركي ترغب في تحقيق نصر عسكري يعزز حظوظه في انتخابات الرئاسة المقبلة. وقد يكون التركيز على ليبيا أكثر في وارد الانشغالات التي تثير الرأي العام، أمام تزايد الانتقادات ضد السياسة الخارجية للبيت الأبيض. مرد ذلك تأثير الصورة التي انطبعت في أذهان الأميركيين حول ليبيا ما قبل سقوط نظام العقيد معمر القذافي وما بعده. ومن المفارقات أن ليبيا وإيران استأثرتا أكثر من غيرهما في فترة سابقة باهتمام الرأي العام، ثم جاء المارد «داعش» ليقض مضاجع الجميع. إذ تصبح استساغة أي ضربات عسكرية محتملة نوعاً من التمارين العسكرية، لا فرق بين أن تكون صدرت عن الرئيس الجمهوري رونالد ريغان أو الديموقراطي باراك أوباما، لأن شبح الإرهاب لم يختف. والأهم ألا يتمكن «داعش» من السيطرة على حقول الموارد النفطية في البلاد.
الأسلوب نفسه يتكرر. ويبقى السؤال مطروحاً كيف تكون الولايات المتحدة والعالم برمته في مأمن من شرور أشخاص وتنظيمات إذ يتحول ضرب ليبيا إلى رسالة تحاول التقليل من مضاعفات التطبيع مع النظام الإيراني؟ لكن الفرقاء الليبيين في إمكانهم الإفادة من هذا التوجه، عبر عزل تنظيم «داعش» حين يصبح ظهره مكشوفاً في حال تمكنت السلطة التنفيذية من فرض نفوذها السياسي والعسكري، من داخل العاصمة طرابلس وليس كحكومة منفى في الخارج.
جديد الموقف الأميركي أن الأزمة في ليبيا لم يعد يُنظر إليها من زاوية صراع الفصائل المتناحرة فحسب، بل من منطلق رفض سيطرة تيارات إسلامية متشددة. ويلتقي في هذا الصدد كلام وزير الخارجية الأميركي جون كيري، لناحية عدم الرغبة في رؤية دولة «خلافة كاذبة» في ليبيا، مع ما صرح به الوزير كارتر حول سيطرة قوى إسلامية على غرب البلاد. أي أن واشنطن تنأى بنفسها عن كل ما يتردد، لجهة غض الطرف عن تمدد تنظيمات إسلامية راديكالية في العراق وسورية وليبيا. وما يعزز هذا التوجه أن المرشحة للرئاسة هيلاري كلينتون لم تخف رغبتها في أن ترى تجارب إسلامية معتدلة تنجح في تدبير أنماط التداول السلمي على السلطة في الشمال الأفريقي وغيره.
تتصاعد نبرات الدول الغربية، أوروبا وأميركا إزاء ما يحدث في ليبيا. وعند كل محطة تتعالى أصوات تطالب بالتدخل العسكري، تارة بدوافع إنسانية للحد من نفوذ تجار حروب الهجرة غير المشروعة واستمرار مآسي تدفق اللاجئين والنازحين، خصوصاً في حوض البحر المتوسط. وتارة بشعار تجفيف منابع الإرهاب وتمويل التنظيمات المتطرفة والحد من تسفير المتطوعين والمقاتلين المحتملين. لكن النبرة الأشد علواً وإقناعاً تكمن في حماية منابع النفط وتجريد «داعش» من سلاح التمويل الذي أسعفها في استقطاب المحاربين المغامرين.
سباق اللحظات المنفلتة لا يفتر، بين الحل السياسي والضربات العسكرية. لكن من يدري فثمة ضربات تحتاج فقط إلى التصديق عليها، وليس ضرورياً أن يكون ذلك في نطاق صلاحيات مجلس الأمن الدولي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب على «داعش» في ليبيا مسألة وقت الحرب على «داعش» في ليبيا مسألة وقت



GMT 10:22 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

غزة في اليوم التالي

GMT 12:12 2024 الخميس ,14 آذار/ مارس

ليبيا ستعود بلدَ الطيوب

GMT 13:27 2024 السبت ,02 آذار/ مارس

ماذا عن الحرب المنسية!

GMT 18:25 2024 الإثنين ,26 شباط / فبراير

نريد تحركًا سريعًا

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib