تفكيك أسرار ملف الصحراء

تفكيك أسرار ملف الصحراء

المغرب اليوم -

تفكيك أسرار ملف الصحراء

محمد الأشهب


يعاود الموفد الدولي إلى الصحراء كريستوفر روس جولة مرتقبة إلى المنطقة في وقت لاحق، معززاً بثقة المجتمع الدولي وقرارات مجلس الأمن، لكن في غياب حد أدنى من الوفاق حيال ظروف استئناف المفاوضات العالقة بين أطراف النزاع. وما بين حالات الارتياح والتذمر الصادرة في أعقاب القرار الدولي 2218، يسود اعتقاد بأن ترجمتها إلى مواقف سيكون من أبرز العقبات التي سيواجهها روس.
لم يتحقق أي تقدم مشجع في مسار التسوية السياسية لملف الصحراء، حين كانت الأطراف تقابل قرارات مجلس الأمن بنوع من الرضا، فقد جربت على تباين مواقفها الانجذاب إلى صيغة المفاوضات المباشرة، بل شرعت في درس تفاصيل تقنية انصرفت إلى بواعث بناء الثقة وحيثيات الانتقال إلى مرحلة جديدة، ثم انهار كل شيء، لأن الوسيط الدولي السابق بيتر فان فالسوم لوح بخلاصات أغضبت جبهة بوليساريو، مفادها أن استقلال الإقليم «حل مستبعد وغير واقعي».
كان على خلفه كريستوفر روس أن يجمع شتات المواقف المتفرقة، عبر جولات عسيرة من المفاوضات المباشرة وأخرى غير رسمية، بهدف التوصل إلى نقاط التقاء، تدفع في اتجاه البدء بمفاوضات «واقعية وعقلانية»، لكنه لم ينجح ولم يخفق، وأبقى على خيط رفيع محوره أن لا انتقال إلى جوهر المشكل إلا في غضون إزالة أسباب العثرات.
كان عليه أن يقنع المغاربة بأن خطة الحكم الذاتي موضوعة على الطاولة، ويدفع بوليساريو إلى مناقشتها، أو يزين للطرفين معاً مزايا الأخذ بفكرة الاستفتاء، لكن على أساس أن يكون الذهاب نحوه في ظل الاتفاق على صيغة نهائية مقبولة، لولا أن اندلاع الجدل حول أوضاع حقوق الإنسان أرجع المساعي إلى نقطة الصفر، قبل أن تخلص قرارات مجلس الأمن إلى الإبقاء على الإطار القانوني والسياسي لبعثة «المينورسو» من دون أي تعديل، وتشجع الفرقاء على التعاطي جدياً مع ملفات حقوق الإنسان عبر مقاربات محلية ودولية.
في جولته المرتقبة، انتفت حالة التعاطي وقرارات مجلس الأمن بنوع من الارتياح والقبول المتبادل. وبدأت معالم أزمة جديدة بين جبهة بوليساريو والأمم المتحدة، استناداً إلى الموقف الصادر عن قيادييها لناحية تعليق التعاون، في حال صدر القرار الدولي من دون تعديل، ما سيحتم على الموفد الدولي روس أن ينشغل بمعاودة ترتيب هذه العلاقة أولاً. وسواء وقع التراجع أو استمرت المواقف على طبيعتها الراهنة، فإن هذه المسألة ستشكل عقبة أمام تنفيذ القرارات، أقلها معاودة استئناف المفاوضات التي اعتبرت سقفاً لا يمكن تجاوزه.
بارتباط مع العثرات المحتملة، تعاود قرارات المجلس لجهة البدء في إجراء إحصاء دقيق لسكان مخيمات تيندوف فرض نفسها من منطلق سياسي وإنساني، ذلك أنه لا يمكن التعاطي مع ملف النزاع، من دون معرفة بما يتعلق الأمر، أي حصر أعداد اللاجئين الموجودين في مخيمات تيندوف جنوب غربي الجزائر. مصدر ذلك أن الاختلاف حول أهلية المسجلين في قوائم تحديد الهوية التي أنجزتها بعثة الأمم المتحدة، كان في مقدم الأسباب التي أدت إلى انهيار خطة الاستفتاء، بالتالي فإن أي صيغة ضمن مفهوم «الحل السياسي» الذي ترعاه الأمم المتحدة لا يمكنها أن تصمد على الأرض من دون معرفة أعداد اللاجئين، بخاصة أنهم موزعون بين الجزائر وشمال موريتانيا.
لهذه التراتبية علاقة مباشرة بآليات ومضامين الحل النهائي، فأثناء مباشرة لجنة تحديد الهوية عملياتها لضبط قوائم المؤهلين للمشاركة في استشارة تقرير المصير، كانت الخطة ترهن ذلك بتكريس العودة الطوعية، أي ممارسة حق الاقتراع داخل المحافظات الصحراوية، والحال أن أي حل سياسي لا يمكنه أن يتم من دون التزام ممارسة حق العودة الذي يظل مشروعاً كما حالات اللجوء، على رغم اختلاف الأسباب والمعطيات.
استغرقت الإجراءات الشكلية حيزاً كبيراً من جهود الموفدين الدوليين كافة إلى الصحراء. وفي كل مرة كانت تلوح فيها بوادر التوصل إلى تسوية مقبولة يحدث انعطاف سياسي في اتجاه الجمود والعودة إلى المربع الأول، غير أن ذلك لا يحول دون رجاحة الاعتقاد بأن الحل الوحيد الذي في إمكانه أن يحقق الانفراج هو الذي ترعاه الأمم المتحدة، من منظور إلزاميته التي لا يمكن التنكر له. وبين مساعي البدء في تقريب وجهات النظر التي تزيد ابتعاداً، وتحقيق الأهداف النهائية مسافة طويلة قطعها الموفد الدولي روس، مترجلاً على صفيح كثبان الرمال. فيما أن هناك علاقة أقرب تلبد سماء العلاقات المغربية الجزائرية اسمها سريان إغلاق الحدود البرية. وثمة معطيات جغرافية وعسيرة على الفهم لا بد من أن يحين الوقت لفك أسرارها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تفكيك أسرار ملف الصحراء تفكيك أسرار ملف الصحراء



GMT 06:10 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الجزائري خارج الجزائر

GMT 06:07 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الجديد... أي أميركا ننتظر؟

GMT 05:06 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نصيحة السيستاني الذهبية

GMT 05:04 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب غزة في حفرة الأرنب

GMT 05:01 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

خنادق الآيديولوجيا وأقفاصها

GMT 04:35 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تتهدّد الحربُ الأهليّة لبنان؟

GMT 04:33 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

منطقتنا واليوم التالي

GMT 04:30 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب الساعات الأربع!

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 08:38 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها
المغرب اليوم - ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 14:06 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 06:17 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 06:27 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أجمل إطلالات نجوى كرم باللون الزهري بدرجاته المختلفة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib