المسرح السوري بعد الأسد هو الأصعب

المسرح السوري بعد الأسد هو الأصعب

المغرب اليوم -

المسرح السوري بعد الأسد هو الأصعب

محمد الرميحي
بقلم - محمد الرميحي

العالم، وخاصة العربي، ينتظر كيف سوف تتطور الأمور في المسرح السياسي السوري بعد أن تغير المشهد، ربما كثيرون قد أصيبوا بالدهشة لسرعة التغيير، وبعضهم ساوره القلق، ولكن من يعرف تأثير العنف المؤسسي على المجتمعات يتوقع أنه في وقت ما سوف يحدث التغيير، لأن العنف يولد العنف المضاد، قاعدة لا تخطئ.

التغيير في سوريا مطلب شعبي، لقد ولغ النظام السابق في العنف المؤسسي إلى حد الثمالة، وتضافر عدد من الظروف كي تصل الأمور إلى خواتيمها.

حتى الآن يبدو أن عددا من الملاحظات يمكن أن تشاهد، أولها الطابع السلمي تقريبا الذي سارت عليه المجموعات المسلحة، ودخولها العاصمة دون الكثير من العنف أو بأقل كثيرا من المتوقع، حتى المخالفون السابقون -ما لم يرفعوا السلاح- لم يتعرض لهم أحد، وثانيها الإصرار على عدم نقل السلطة بشكل عشوائي، بل بشكل منظم.

ليس الآن وقت تعداد الأخطاء الكبرى التي دخل فيها النظام السابق، ولكن من المؤكد أهمية تذكر أن أحد أسباب سقوطه هو «استراتيجية العنف المفرط»، التي تبناها (على الأقل في الأربع عشرة سنة الماضية)، بجانب ما اتصف به من «عجرفة وغرور» ورثهما من حكم سابق كانت له ظروف مختلفة. العنف يهدد الحضارة ويهدد المجتمعات، خاصة إن كان عنفا من ذلك النوع الرمزي الذي يكون مجدولا في تشريعات وقوانين، تجعل من ممارسته من أهل السلطة شرعيا! بجانب تطبيقه الوحشي ضد الآخر، وقد رأى العالم كم العسف الذي وقع على السجناء السياسيين، وبعضهم فقد الأمل في الحياة، وآخرون أخذ أهلهم فيهم العزاء!

من المؤكد علميا أن السلطة التي تمارس العنف المفرط تشعر بعدم الأمان، خاصة الأمن الذاتي، والخوف الشديد من المستقبل، وهي بذلك لا تعي أن ممارستها ذلك العنف المفرط تدفع لنهايتها الحتمية.

ما بعد الأسد قد يطرح أكثر من سيناريو، الأول سيناريو العراق بعد تحريره من الطاغية، وقد تشرذم لسنوات وفقد القدرة على بناء دولة حديثة، وساهم في ذلك غياب مشروع عربي لمساعدته على النهوض، والسيناريو الآخر هو السيناريو الليبي، الذي قسم ليبيا إلى مناطق نفوذ.

هذان السيناريوهان ليسا بعيدين عن قيادة الفصائل السورية، وعلى أرض الواقع هناك تشابه في الساحة السورية مع الساحتين الليبية والعراقية.

لذلك فإنه من الأفضل أن تفكر السلطة الجديدة، مع السير في ما يمكن أن يعرف بالدولة الاتحادية، وهي ليست منكرة ولا مبتكرة، فهي موجودة في بعض دول أوروبا وناجحة ومستقرة.

لماذا الدولة الاتحادية؟ لأن سوريا بعد سنوات القمع تبين أن هناك مناطق جغرافية/إثنية لها بعض خصوصياتها، وإن تم بناء دستور حديث على قاعدة الفيدرالية، يحفظ للمناطق حقوقها في حكم ذاتها تحت سلطة اتحادية واضحة الصلاحيات.

أي مزايدة في هذا الملف، كالقول إن سوريا واحدة، سوف تغلب فئة اجتماعية على غيرها، حتى لو كان الأمر غير مقصود، فالتفسير، بعد طول معاناة، سوف يذهب إلى ذلك. من الأفضل إذن حسم الموقف بوضوح بعيدا عن المزايدة أو الاستحواذ.

هناك أمر آخر مهم، حيث تمت شيطنة الفصائل المسلحة التي قامت بتغيير النظام، أو على الأقل شيطنة القسم الأساسي منها، لذلك فإن السلطة الجديدة تحتاج إلى جهود إضافية لطمأنة الداخل أولا والجوار العربي والقوى النافذة في العالم من خلال الأفعال على الأرض، وهي العملية الأصعب حتى من فعل التحرير.

الخطأ الذي يمكن أن تقع فيه السلطة الجديدة أن تستكين لدغدغة المشاعر وأن السلطة باقية إلى الأبد، على نفس شعار «الأسد إلى الأبد»، فلا بد من الانتباه، وإن زال النظام السابق، أنه ورث أفعالا تركت تأثيرها العميق في النفس السورية، وهي «حب السلطة والتسلط»، وأن هناك أناسا سوريين أفضل من أناس سوريين آخرين، تلك خطيئة يتوجب أن يتنبه لها.

آخر الكلام:

استمرت عبادة الشخصية في الفضاء السوري وتناسلت من الرئيس إلى الوزير إلى المدير إلى أصغر مسؤول، واقتلاعها يحتاج إلى جهد ووعي خاصين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المسرح السوري بعد الأسد هو الأصعب المسرح السوري بعد الأسد هو الأصعب



GMT 18:56 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 18:54 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 18:51 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 18:49 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 18:47 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 18:44 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 18:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

أميركا والفضائيون... أسرار الصمت المدوي

GMT 18:38 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:20 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 15:47 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منح يحيى الفخراني جائزة إنجاز العمر من مهرجان الأفضل
المغرب اليوم - منح يحيى الفخراني جائزة إنجاز العمر من مهرجان الأفضل

GMT 16:06 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجات لم يشفع لها الذكاء الاصطناعي في 2024

GMT 08:33 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الطقس و الحالة الجوية في تيفلت

GMT 00:40 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

حطب التدفئة يُسبب كارثة لأستاذين في أزيلال

GMT 05:45 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

بنغلاديش تعتزم إعادة 100 ألف مسلم روهينغي إلى ميانمار

GMT 07:34 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

نادال يُنهي 2017 في صدارة تصنيف لاعبي التنس المحترفين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib