بقلم : محمد أمين
يظل الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، يبهرنى بمواقفه في الفترة الأخيرة، خاصة من موقفه من الحرب على غزة، وقضية المناخ في العالم.. فلم يقيده نقد أمريكى، ولم يكبله هجوم صهيونى.. ولذلك أطلقت عليه لقب «رجل من ذهب»، لا يرى فضلًا لأحد عليه، ولا يرى أنه أسير جميل أمريكى أو صنيع أوروبى!
لكنه فضل أن يكون أمينًا عامًا للأمم المتحدة، أي يمثل العالم في المنظمة الدولية، ومن أهم ما قاله أيضًا أن مجلس الأمن، الذي يُعتبر المنتدى الأول لفض النزاعات العالمية، بات مشلولًا بفعل الانقسامات الجيواستراتيجية، ما أدى إلى عرقلة التوصل إلى حلول بشأن عدد من القضايا، أهمها مشكلة الشرق الأوسط!
وهو كلام نقوله ونكتبه، ونطالب بتوسيع مجلس الأمن وهيكلة الأمم المتحدة، ولكن الجميل في الأمر أن يصل صوتنا للأمين العام، فيرى أنه يتسق مع قناعاته أيضًا.. وقال إن مصداقية مجلس الأمن أصبحت على المحك، خاصة أن القصف الإسرائيلى العنيف لقطاع غزة قُوبل بالصمت من قِبَل المجلس، وبعد أكثر من شهر صدر قرار عن المجلس لم يتم تنفيذه، وهذا التأخير كان له ثمن باهظ، ما عرّض سلطة المجلس ومصداقيته لأضرار كبيرة!
أن يقول جوتيريش هذا الكلام فهو يعتبر كلامًا له وزنه، ويعتبر كلامًا من ذهب لرجل من ذهب، لا يهمه أن يودع موقعه وأن يكون هذا آخر عهده بالأمم المتحدة، ولكن يهمه أن يقول كلمته وأن يملأ مقعده وليكن ما يكون!
وبالمناسبة، فقد لفت إلى الرسالة التي وجهها، الأسبوع الماضى، إلى رئيس مجلس الأمن الدولى، والتى استخدم فيها المادة 99 من الميثاق التأسيسى للأمم المتحدة، للمرة الأولى منذ توليه منصبه، والتى أتاحت له لفت انتباه المجلس إلى «أنه ما من حماية فعالة للمدنيين في قطاع غزة»، في ظل وصول عدد الضحايا المدنيين إلى عدد غير مسبوق، إضافة إلى انهيار منظومة الرعاية الصحية، وبالتالى انهيار النظام الإنسانى.
وتابع أمام المنتدى: «كررت دعوتى إلى إعلان وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية.. ولكن للأسف عجز المجلس عن اتخاذ قرار بهذا الشأن»، وشدد على أنه لن يتخلى عن دعوته إلى وقف إطلاق نار إنسانى في غزة، مضيفًا: «هذا لا يعنى أن الموضوع بات أقل ضرورة، وأعدكم بأننى لن أستسلم»!
وأعتقد أن وصول وفد مجلس الأمن الدولى إلى العريش، أمس، كان بناء على هذه الدعوة، فقد أحرج مجلس الأمن ووضعه أمام مسؤولياته، وجاء الوفد ليزور الجرحى والمصابين ويتفقد إمكانيات الهلال الأحمر ودخول المساعدات عبر معبر رفح!
وأخيرًا، قلت من قبل إنه موقف من ذهب، وأعيد التأكيد عليه من جديد، وكان جوتيريش قد جاء من قبل إلى معبر رفح لضمان دخول المساعدات.. وهو موقف محترم أيضًا في الوقت الذي يرى فيه كاظم أبوخلف، المتحدث الرسمى لأونروا، أن غزة وصلت إلى منطقة اللا عودة، فلا أمان ولا حياة.. (راجع حوارات من فلسطين للزميل الموهوب طارق صلاح.