بقلم : محمد أمين
هو عمر مكرم بن حسين السيوطى (1750- 1822).. زعيم شعبى مصرى. وُلد فى أسيوط.. ولكن لماذا أستدعى سيرته الآن؟
هذا التاريخ 9 يناير له علاقة باستدعاء سيرة عمر مكرم، فقد صدر قرار الوالى محمد على فى التاسع من يناير بعودته من المنفى فى دمياط وطنطا إلى القاهرة، وهو الصديق القديم للباشا، وهو صاحب الفضل عليه، كما أنه كان يناديه بالوالد الأكرم.. تعلم عمر مكرم فى الأزهر الشريف. وتولى نقابة الأشراف فى مصر سنة 1793، وقاوم الفرنسيين فى ثورة القاهرة الثانية سنة 1800.
وكان له دور فى تولية محمد على شؤون البلاد، حيث قام هو وكبار رجال الدين المسلمين بخلع خورشيد باشا فى مايو سنة 1805. وحينما استقرت الأمور لمحمد على خاف من نفوذ رجال الدين، فنفى عمر مكرم إلى دمياط فى 9 أغسطس 1809، وأقام بها أربعة أعوام، ثم نُقل إلى طنطا. وتوفى عام 1822.
درس عمر مكرم فى الأزهر، وانتهى من دراسته، وأصبح نقيبًا لأشراف مصر فى زمنه، وكان يتمتع بمكانة عالية عند العامة والخاصة، وقاد حركة شعبية ضد ظلم المماليك، ورفع لواء المطالبة بالشريعة والتحاكم إليها كمطلب أساسى، كما طالب برفع الضرائب عن كاهل الفقراء وإقامة العدل فى الرعية!
تميزت حياة عمر مكرم بالجهاد المستمر ضد الاحتلال الأجنبى، والنضال الدؤوب ضد استبداد الولاة وظلمهم، وكان ينطلق فى هذا وذاك من وعى إسلامى عميق وفذ وإيجابى!
فعندما اقترب الفرنسيون من القاهرة سنة 1798م قام السيد عمر مكرم بتعبئة الجماهير للمشاركة فى القتال إلى جانب الجيش النظامى، وعندما سقطت القاهرة بأيدى الفرنسيين عرض عليه الفرنسيون عضوية الديوان الأول إلا أنه رفض ذلك، بل فضل الهروب من مصر كلها حتى لا يظل تحت رحمة الفرنسيين!
ثم عاد عمر مكرم إلى القاهرة وتظاهر بالاعتزال فى بيته، ولكنه كان يُعد العُدة مع عدد من علماء الأزهر وزعماء الشعب لثورة كبرى ضد الاحتلال الفرنسى، تلك الثورة التى اندلعت فى عام 1800م.. فيما يُعرف بثورة القاهرة الثانية، وكان عمر مكرم من زعماء تلك الثورة، فلما خمدت الثورة اضطر إلى الهروب مرة أخرى خارج مصر حتى لا يقع فى قبضة الفرنسيين الذين عرفوا أنه أحد زعماء الثورة، وقاموا بمصادرة أملاكه بعد أن أفلت هو من أيديهم، وظل السيد عمر مكرم خارج مصر حتى رحيل الحملة الفرنسية سنة 1801م.
وفى إطار جهاد عمر مكرم ضد الاحتلال الأجنبى نجد أنه قاد المقاومة الشعبية ضد حملة فريزر الإنجليزية 1807م، تلك المقاومة التى نجحت فى هزيمة فريزر فى رشيد مما اضطر فريزر إلى الجلاء عن مصر! يقول «الجبرتى»: «نبه السيد عمر مكرم على الناس وأمرهم بحمل السلاح والتأهب لجهاد الإنجليز، حتى مجاورو الأزهر أمرهم بترك حضور الدروس، وكذلك أمر المشايخ بترك إلقاء الدروس! واستمر فى الجهاد ضد الاستبداد والمظالم لتحرير مصر وإعلان الاستقلال».