الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها
فرنسا تستنفر وتمنع العلم الفلسطيني قبل مباراتها مع إسرائيل خشية تكرار أحداث أمستردام حزب الله يُنفذ هجوماً جويًّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضية على مقر قيادة كتيبة راميم في ثكنة هونين شمال مدينة صفد مقتل مستوطنيين إسرائيليين وإصابة اثنين آخرين جراء سقوط صواريخ لحزب الله في نهاريا استشهاد 3 فلسطينين وإصابة 11 جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي غرب النصيرات وسط قطاع غزة الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أربعة جنود من لواء كفير فى معارك شمال قطاع غزة مقتل وإصابة 25 جندياً وضابطاً من جيش الاحتلال الإسرائيلي على جبهتي قطاع غزة وجنوب لبنان وزارة الصحة اللبنانية تعلن أن 3189 شهيدا و14078 مصاباً منذ بدء العدوان "الحوثيون" يعلنون استهدف قاعدة "ناحال سوريك" في جنوب تل أبيب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يعلن توسيع العمليات العسكرية في جنوب لبنان وسط جهود دولية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار مصادر عبرية تؤكد مقتل 5 جنود إسرائيليين بهجومين في جباليا شمال غزة والجيش يعترف بمصرع قائد وحدة
أخر الأخبار

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

المغرب اليوم -

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

نهاد أبو غوش
بقلم - نهاد أبو غوش

للأسبوع الثلاثين على التوالي، أي منذ بداية حكومة اليمين المتطرف ومطلع العام 2023 تقريبا، يواصل عشرات آلاف الإسرائيليين الاحتجاج في الشوارع والميادين الرئيسية في المدن رفضا لخطط حكومتهم بإجراء التعديلات القضائية التي يسميها خصومها “الانقلاب القضائي” وترمي من ضمن أهدافها إلى تقليص صلاحيات السلطة القضائية وبخاصة المحكمة العليا، وتشديد هيمنة الحكومة وأغلبيتها البرلمانية على الحياة السياسية وهو ما يعتبره كثيرون خطرا على “الديمقراطية” الإسرائيلية، وما يرتبط بها من استقلال القضاء وهوامش لعلمانية الدولة وحرية التعبير والحقوق المدنية.

دخلت الأزمة الداخلية في إسرائيل منعطفا جديدا بعد إقرار قانون “تقليص حجة المعقولية”، ليثُبت ذلك تصميم حكومة ائتلاف اليمين واليمين المتطرف على المضي في خطتها حتى النهاية دون أدنى اهتمام براي المحتجين الذين يشكلون ما لا يقل عن نصف المجتمع الإسرائيلي، كما صمّت حكومة بنيامين نتنياهو آذانها عن نداءات الحوار ودعوات التوافق، ونصائح أقرب أصدقاء إسرائيل في الولايات المتحدة وأوروبا.

وهكذا يبدو جليا أن الأزمة  لا تقتصر على صراع بين ائتلاف حكومي وأحزاب المعارضة، أو بين يمين ويسار، بل هي أزمة شاملة باتت تتعمق وتستفحل أفقيا وعموديا، بحيث خرجت معها من تحت السطح إلى الواجهة كل التناقضات العرقية والإثنية والمذهبية والاجتماعية: بين يهود شرقيين وغربيين، وبين المتدينين المتزمتين والعلمانيين، وبين المحافظين والليبراليين، وكذلك بين المستوطنين ومن ماثلهم في توجهاتهم الأيديولوجية التي تتبنى فكر وممارسات “الصهيونية الدينية” من جهةوبين سكان مدن الداخل الكبرى، ويمكن إضافة التناقضات بين الطبقات الوسطى والنخب في إسرائيل وبين الشرائح الأقل حظا التي كانت وما زالت ميدانا لتحريض اليمين المتطرف. كل ذلك خلافا للتناقض الأهم بين الإسرائيليين اليهود وبين من بقي على أرضه من الفلسطينيين العرب الذين فرضت عليهم الجنسية الإسرائيلية عنوة بعد العام 1948 ولكنهم ما زالوا يحتفظون بهويتهم الوطنية وانتمائهم القومي ولغتهم وأحزابهم وحركاتهم السياسية، وهم يشكلون الآن نحو 20% من سكان دولة إسرائيل (16% من اصحاب حق الاقتراع بسبب التكوين العمري).

صحيح أن ثمة عوامل اقتصادية وسياسية وثقافية، وتعبئة عنصرية عززت الشعور الجمعي بالخطر فساهمت في تقليص أثر التناقضات الداخلية، وتهميشها لصالح ما يسمى الخطر الوجودي في مواجهة أعداء يحيطون بإسرائيل من كل جانب، لكن التناقضات ظلت كامنة وتتفاعل تحت السطح. ثم إن السياسات الإسرائيلية عينها هي التي دفعت إلى تأجيج هذه التناقضات وبروزها لدى وصول ائتلاف اليمين المتطرف إلى الحكم، فكان المشروع السياسي والاجتماعي لهذا اليمين الفاشي سببا لاندلاع كل هذه المعارضة لسياسات الحكومة.

تضم موجة الاحتجاجات في صفوفها عددا كبيرا من الأسماء القيادية المعروفة التي شغلت مناصب في رأس السلم السياسي والعسكري، بعضهم ناهز السبعين من عمره وما زال يرابط في مراكز التظاهرات، ومن بين هؤلاء عدد من رؤساء الوزراء السابقين مثل إيهود باراك وإيهود أولمرت ونفتالي بينيت ويائير لابيد، إلى المئات من الوزراء وأعضاء الكنيست، ورؤساء أركان الجيش وقادة المخابرات والاستخبارات وأسلحة الجو والبحر والقوات البرية، وعلماء الذرة فضلا عن رؤساء النقابات والأكاديميين والفنانين والمثقفين وقادة الراي وأرباب العمل ومدراء الشركات. بعض تلك الشخصيات البارزة مثل يوفال ديسكين رئيس جهاز الشاباك السابق صورته الكاميرات وهو يتعرض للأذى المباشر وعنف رجال الشرطة، وغيره تعرضوا للرشّ المهين بواسطة خراطيم المياه العادمة وسائر أشكال الضرب والركل والدفش والجرّ العنيف إلى درجة السحل.

يمكن ببساطة إذن العثور وسط هؤلاء المحتجين على عدد لا يستهان به من مجرمي الحرب الذين كانوا يصدرون الأوامر أو نفذوا بأنفسهم طلعات جوية لقصف بنايات سكنية في قطاع غزة وتدميرها على رؤوس ساكنيها،ومنهم منقرروا أو تولوا بشكل شخصيتنفيذ عمليات اغتيال طالت صحفيين وطلاب مدارس وناشطين سياسيين فلسطينيين، وبينهمبالكبع من صمموا وهندسوا ونفذوا نظام الفصل والتمييز العنصري المرافق لنظام الاحتلال الكولونيالي غير المسبوق لفلسطين وشعبها.

كيف إذن يستقيم حديث هؤلاء عن الديمقراطية والنزاهة وسلطة القانون مع ماضيهم الإجرامي الذي كان متفلتا من كل الضوابط والقوانين؟ ليس من الصعب العثور على الجواب، فتلك الديمقراطية والقيم الإنسانية التي يتغنون بها هي حقوق حصرية باليهود الإسرائيليين، أما الفلسطينيون فهم مواطنون من الدرجة الثانية في أحسن الأحوال، بل هم في نظر قادة إسرائيل ليسوا مواطنين أصلا، هم سكان وجدوا هنا بالصدفة، ولا شأن لهم بهذا النظام السياسي على الإطلاق.

ربما هُيِّئ لهؤلاء الضباط والقادة أن في وسعهم ارتكاب جرائم الحرب صباحا، ثم ممارسة حياتهم الطبيعية مساء، فيسهرون ويرقصون ويشاهدون المباريات الرياضية والسينما ويحضرون الحفلات الموسيقية، ويهتمون بالآداب وفنون الطبخ، ويعتنون بالبيئة والتنوع الحيوي، ويطورون هواياتاهم وهوايات أبنائهم في سياحة المغامرات والاستكشاف، أي باختصار يعيشون حياتهم كليبراليين وحداثيين دون أن يعكر صفوهم أي شعور بالتناقض أو تأنيب الضمير لاستباحتهم حياة سكان البلاد الأصلانيين وحقوقهم. فالفلسطيني في نهاية المطاف في رأي قادة الاحتجاج كما في رأي اقطاب الحكومة هم عقارب وصراصير كما صورهم الحاخام الأكبر عوفاديا يوسف أكبر مرجعيات  اليهود الشرقيين والأب الروحي لحزب (شاس) قبل نحو عقدين، أو بلغة العلمانيين المنمقة هم مشكلة، سواء كانت إنسانية أو ديمغرافية أو إرهابية.

يرى معظم الدارسين أن العنف الوحشي الذي تمارسه دولة الاحتلال الآن ليس اختراعا حديثا، بل هو نهج مرافق للحركة الصهيونية منذ نشأتها، وقد تبدى بشكل صارخ خلال الأحداث التي رافقت النكبة وشملت ارتكاب عشرات المجازر والمذابح على غرار مذابح دير ياسين والطنطورة والدوايمة، ويعترف مناحيم بيغين رئيس الوزراء الأسبق والزعيم التاريخي لحزب الليكود أنه “لولا دير ياسين لما قامت دولة إسرائيل”، وقد ظل اللجوء للمجازر باعتبارها أدوات مقبولة لتحقيق أهداف السياسة الإسرائيلية قائما طيلة العقود اللاحقة للنكبة، وهكذا نفذت إسرائيل مجازر قبية وكفر قاسم وخانيونسوالسموع ثم مدرسة بحر البقر ومذابح الأسرى المصريين، وكفر أسد (الأردن) وقانا (لبنان) وصولا إلى المجازر الحالية في غزة وجنين ونابلس.

هذا العنف تجاه الآخرالفلسطيني أو العربي تمأسس، وصار سمة سلوكية وثقافية لممارسيه ومؤيديه، فالآخر هو شر مطلق وعدو، إما مخرب حاقد أو عامل في المهن الدنيا، ليست له حقوق سياسية، ولا يستحق حتى بعض الحقوق الإنسانية مثل حرية التنقل والسفر والحصول على نصيب عادل من المياه التي هي مياهه اصلا، هذه السياسات ليست اختراعا إسرائيليا بل هي سلوك استعماري مألوف عرفته معظم الدول الاستعمارية الأوروبية، لكن الفارق يكمن في التوقيت وفي محاولة إسرائيل دائما تقمص دور الضحية وتصوير جرائمها وكأنها وسائل ضرورية لتجنب كارثة مشابهة للمحرقة.

السلوك الإجرامي وجد له غطاء سياسيا وقانونيا يبرره، فالكنيست تُشرّع القوانين التمييزية، والحكومة تسبغ صفات الطهرانية على جيشها وهذا الأخير يحمي ضباطه وجنوده من أي مساءلة ويبرركل جريمة. ترجم كل ذلك بقوانين وتعليمات وأنظمة تسهل إطلاق النار على الفلسطيني لمجرد كونه فلسطينيا، ولأي سبب يراه الإسرائيلي سواء كان جنديا أو مستوطنا أو مدنيا عاديا، كلما رأى في سلوك الفلسطيني أو في هيأته وملامحه ما يريبه.

تحذيرات بعض السياسيين المتنورين والأكاديميين ذهبت سدى،. “الاحتلال يفسد” شعار رفعه هؤلاء وقصدهم أن الاحتلال لا يفسد حياة الفلسطينيين فقط بل يفسد الإسرائيليين أنفسهم. فممارسة العنف تجاه الآخر واستلاب حقه في الحياة واستباحة أرضه وحقوقه لا بد أن تنقلب يوما على ممارسي العنف في محيطهم الأقرب،  فينقلون العنف إلى أبناء جلدتهم وحتى على زوجاتهم وعائلاتهم، وهكذا فإن العنف الذي ربته المؤسسة الإسرائيلية الرسمية في الإسرائيلي العادي خلق فيه وحشا تجاه الآخر المختلف عنه عرقيا وقوميا، لكن الوحش نما وترعرع مع استمرار الاحتلال وصار مهيئا لممارسة العنف تجاه من يختلف معه في الرأي أو الميول السياسية والفكرية، وصار محركا لفرض نظام استبدادي يضيق بهوامش الديمقراطية ويتحرر من كل القيود التي كان يمكن لها أن تكبح جرائمه بحق الفلسطينيين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها



GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:32 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأميرة آن تُغير لون شعرها للمرة الأولى منذ 50 عاماً
المغرب اليوم - الأميرة آن تُغير لون شعرها للمرة الأولى منذ 50 عاماً

GMT 19:11 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

محمود حميدة يكشف تفاصيل شخصية "ياسين" في مسلسل موعد مع الماضي
المغرب اليوم - محمود حميدة يكشف تفاصيل شخصية

GMT 12:20 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

جو بايدن يدعو الأميركيين إلى التوحد من أجل مصلحة البلاد
المغرب اليوم - جو بايدن يدعو الأميركيين إلى التوحد من أجل مصلحة البلاد

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 10:33 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أستراليا تحظر السوشيال ميديا لمن دون 16 عاماً

GMT 07:49 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

يوفنتوس يحضر لضربة هجومية غير متوقعة في ميركاتو الشتاء

GMT 06:07 2024 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

أنباء عن سقوط قتيلين في غارة إسرائيلية على بيروت

GMT 08:14 2020 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

البابا فرانسيس يعتذر بعد واقعة ضرب يد امرأة ويكشف السبب

GMT 04:33 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نصف التلاميذ في مدارس العالم يتعرّضون إلى العنف من زملائهم

GMT 10:52 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

فتاة تُنهي حياتها شنقًا بقضاء شهرزور في السليمانية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib