بقلم : فيصل مكرم *
ماتسعى إسرائيل لتحقيقه في المنطقة لجهة إقامة الدولة اليهودية من البحر الى النهر يفوق حرب الإبادة الممنهجة التي تنفذها بحق الفلسطينيين في قطاع غزة ، إسرائيل التي فشلت فشلاً ذريعاً أمام العالم في التصدي لبضع مئات من كتائب المقاومة وهي تقتحم ثكناتها العسكرية ونقاطها الأمنية ومستوطناتها فيما يسمى بمناطق غلاف غزه صباح السابع من أكتوبر الماضي ستعيش مع كابوس "طوفان الأقصى" لعقود طويلة قادمة ، لم يكن حكام إسرائيل عبر تاريخ نشئتها يفكرون لمجرد التفكير في سلام دائم وشامل مع الفلسطينيين من جهة ، وبينها وبين العالم العربي من جهة أخرى ، وكل ماتريده سلاماً بطابع استسلامي تحصل عليه بشروطها ووفق مصالحها ولا يلزمها تقديم تنازلات في من جانبها مقابل ما تريد أن تحصل عليه وهكذا هو ديدنها منذ سبعة عقود ونصف ، وفي كل مرة يدفع الشعب الفلسطيني الثمن لغطرسة إسرائيل من أرضه ودماء شبابه وأطفاله ونسائه ، فهذا الشعب المظلوم يجب إزالته من الوجود ومحو فلسطين من الخارطة يقولها المتطرفون في حكومات إسرائيل المتعاقبة إذ لا يوجد في الأساس معتدلون مناهظون للمشروع الصهيوني الخبيث .
▪إن صلف وعنجهية ودموية قادة إسرائيل وتمردهم على كل قرارات الشرعية الدولية وتجردهم من كل القيم الأخلاقية والإنسانية في قمع وقتل الشعب الفلسطيني والتنكيل به وزج الاطفال والنساء في المعتقلات وقظم أراضيهم واقتلاع مزارعهم وهدم بيوتهم وتهجيرهم من مدنهم وقراهم ،
إنما يعكس عقيدة إرهابية عنصرية لإسرائيل ترقى الى جرائم النازية والفاشية في الحرب العالمية الثانية ، وما يجري اليوم في قطاع غزة من مذابح جماعية وتهجير وتدمير ليس فقط لتغطية هزيمتها في السابع من أكتوبر الماضي وافتضاح هشاشة جيشها الذي لايقهر أمام بضع مئات من كتائب القسام باسلحتهم الخفيفة وصلابة إرادتهم في عملية طوفان الأقصى التي جعلت من الجيش الذي لايقهر أضحوكة امام العالم ، وإنما هي عملية إبادة عرقية تندرج في اطار مشروع اسرائيل لجهة تصفية القضية الفلسطينية ، وتوجيه رسالة رعب للعالم العربي حتى لا يجرؤ على التصدي لجرائمها واحلامها في دولة يهودية خالصة من البحر الى النهر تكون هي مركز القرار والنفوذ والقوة في الشرق الأوسط ، .
▪والحديث عن دعم واشنطن وأوروبا لإسرائيل وحشدها مدمرات وحاملة طائرات الى المنطقة بعد طوفان الأقصى لا يحمل سوى دلالة واحدة تتلخص في منح اسرائيل كل الحرية في شن حرب إبادة لسكان قطاع غزة إذ لم تطلب واشنطن أو تشترط على زعماء اسرائيل عدم ارتكاب جرائم حرب بحق المدنيين ولذلك منعت إسرائيل عن مليونين ونصف مليون من سكان القطاع المياه والكهرباء والدواء والغذاء غير مكترثة بمطالب الامم المتحدة والمنظمات الإنسانية والمعنية بحقوق الإنسان ودول العالم فتح المعابر والممرات الآمنة للمساعدات الظرورية لإبقاء سكان غزة على قيد الحياة وهو ما يعتبر جرائم حرب وجرائم بحق الإنسانية وإرهاب الدولة بامتياز .
▪ بعد طوفان الأقصى خرج "نتن ياهو" ليقول مهدداً الفلسطينيين والعالم العربي بأن ثمة شرق أوسط جديد قادم ، ولم يتردد وزير دفاعه في وصف سكان غزة "بالحيوانات البشرية" وبعدها تحدث رئيس اسرائيل بأنه لا يوجد أبرياء من سكان غزة وكلهم متورطون في طوفان الأقصى ، ومنذ بداية هذه الحرب قصفت اسرائيل غزة التي لا تتجاوز مساحتها 350 كيلومتر مربع بأكثر من ستة الاف طن من القنابل والصواريخ منها ماهو محرم دولياً وقتلت وجرحت أكثر من 13 الف من سكانها خلال عشرة ايام غالبيتهم أطفال ونساء ومسنين والبقية مدنيين ، وقصفت قوافل النازحين ممن فرضت عليهم النزوح الى مناطق حددتها ليتم قصفهم بوحشية في مأمنهم ، ولن تتوقف اسرائيل عن إبادة البشر والشجر والحجر في غزه ، كل هذه المجازر الوحشية ولاتزال واشنطن تقول إن إسرائيل تدافع عن نفسها ، وفي جولته في المنطقة كرر وزير خارجيتها بلينكن الدفاع عن اسرائيل وما ترتكبه من مجازر بحق الفلسطينيين ، ولم يقتنع بما سمعه من زعماء الدول التي زارها بأن أي جهود قد تبذل لاطلاق الأسرى لدى كتائب الأقصى ستكون مستحيلة فيما اسرائيل تواصل ذبح سكان غزة وقصف القطاع وتدمير البيوت على ساكنيها ، وسمع بلينكن كلاما قاسيا وواضحاً بان واشنطن تتحمل مسئولية المجازر وجرائم الإبادة الجماعية بحق سكان قطاع غزة ، غير أن قناعات واشنطن راسخة بحماية اسرائيل من أي تهديد اقليمي واطلاق يدها لإبادة سكان غزة وتهجيرهم وتدمير كل ما له صلة بحياتهم ، ومع ذلك فإن الشعب الفلسطيني لايزال يسجل أعظم ملاحم الصمود والتمسك بحقوقه وأرضه ، فشعب الجبارين لن يركع للمحتل ولو كل الدنيا خضعت لوحشيته واستكانت امام عنجهيته وسلمت بتمرده على كل الشرائع والاخلاق والقيم الإنسانية ، وهذا الصمود هو بمثابة "أوكسيد" الحياة للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني العادلة طال الزمن أو قصر . إسرائيل تجاوزت كل الحدود ، والله غالب على أمره ، وإن غداً لناظره قريب .
* صحفي وكاتب يمني