الورطة الروسية

الورطة الروسية

المغرب اليوم -

الورطة الروسية

طارق الحميد
بقلم - طارق الحميد

في حين يتبادل الأوكرانيون والروس الاتهامات حول المتسبب في الاعتداء على سد «نوفا كاخوفكا»، الواقع في الأجزاء التي تسيطر عليها روسيا من منطقة خيرسون جنوب أوكرانيا، يذكّرنا هذا الاستهداف بحجم الورطة الروسية.

نقول ورطة لأن الحرب الروسية مستمرة على أوكرانيا من دون تحقيق نتائج حاسمة، بل مزيد من العقوبات والتعقيدات التي تواجهها موسكو، ومع الاستعداد للهجوم المضاد المنتظر من الأوكرانيين، والذي يُعتقد أنه بدأ بالفعل من دون إعلان مما يزيد من الورطة الروسية.

كل حرب لها مساران: عسكري وآخر تفاوضي، فما لا يمكن إنجازه عسكرياً يتم السعي لتحقيقه من خلال المفاوضات، والتي تعتمد كثيراً على النتائج المحقَّقة على أرض المعركة.

وللحظة لا مؤشرات على تغيير حقيقي يخدم الروس على الأرض.

وليست هناك مفاوضات جادة لإنهاء هذه الحرب، والتي كلما طالت ورغم الدمار الحاصل في أوكرانيا، فإنها تعني مزيداً من المصاعب للروس. والحسابات حول الرابح والخاسر في هذه الحرب، من ناحية الانتصار والهزيمة، ليست في مصلحة الروس داخلياً وخارجياً.

بالنسبة إلى الأوكرانيين ليس هناك ما يخسرونه، ونهاية الحرب، ولو اقتُطعت أراضٍ من أوكرانيا، تعد انتصاراً لهم. بينما كل النتائج الأخرى تعني هزيمةً للروس الذين يجدون صعوبة بالتحكم في المناطق التي أعلنوا ضمها.

ويُنظَر إلى تفجير السد على أنه تكتيك الهدف منه تعطيل التقدم الأوكراني المضاد من خلال الفيضانات. وتدمير السد، الذي بُني عام 1956، وأياً كان الطرف الذي استهدفه، يعني أن الحرب دخلت مرحلة نفاد الصبر، وغياب المسار الدبلوماسي.

وهو الأمر الذي يذكّر دائماً بالورطة الروسية لأن موسكو تخوض معركة عسكرية ضد كل أوروبا والولايات المتحدة، ومن دون أفق سياسي واضح، أو خطوات عسكرية ملموسة، مما يعقّد موقف، وخيارات، الروس.

ومن يتابع النقاش الدائر الآن في أوروبا أو الولايات المتحدة يلحظ أن كثراً يتنبهون إلى ذلك، وينتظرون النتائج الأولية للهجوم الأوكراني المضاد على الروس مع شعور بأن أزمة موسكو تتزايد، وهو ما سيشعر به الروس قريباً.

الخطأ الروسي القاتل ليس في الاستراتيجية العسكرية، أو الدبلوماسية، بل في قرار دخول الحرب أصلاً، حيث بات مصير روسيا ليس بيد قادتها وإنما تحت طائلة العقوبات الغربية - الأميركية، والضربات العسكرية المعنوية.

قرار الحرب الروسية على أوكرانيا كان أسهل قرار اتخذه الرئيس الروسي، لكنّ قرار نهاية الحرب سيكون الأصعب، ليس على الرئيس بوتين بل على كل روسيا، ومستقبلها، وقوتها، وتأثيرها، والعلاقة بمحيطها.

والمفترض ألا يسعى الغرب أو الولايات المتحدة إلى وساطة صينية لإنهاء الحرب، بقدر ما إن الطرف الذي يجب أن يسعى إلى ذلك هم الروس الذين من مصلحتهم إنهاء هذه الحرب الآن عبر وسيط يهمه عدم هزيمة موسكو، وربما يريد الصينيون إضعاف الروس فقط.

وهذا أضعف الإيمان وأهون من أي طريقة أخرى لإنهاء الحرب، وبشكل يعني هزيمة الروس الذين وضعوا أنفسهم في هذا الموقف المحرج، أو قُلْ الورطة. ولذا فان مصلحة الروس الآن تقتضي الدفع بالوساطة الصينية لأن اختيارات موسكو كلها صعبة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الورطة الروسية الورطة الروسية



GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

GMT 07:04 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

وزن تأريخ الأردن في التوجيهي 4 علامات.. أيعقل هذا ؟!

GMT 07:01 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 06:58 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 09:11 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

المغرب يستعيد مكانته كأول وجهة سياحية في إفريقيا
المغرب اليوم - المغرب يستعيد مكانته كأول وجهة سياحية في إفريقيا

GMT 08:17 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ترامب يؤكد أن بوتين يرغب في اجتماع لإنهاء حرب أوكرانيا
المغرب اليوم - ترامب يؤكد أن بوتين يرغب في اجتماع لإنهاء حرب أوكرانيا

GMT 13:53 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

لجين عمران تروج لماركة حقائب شهيرة

GMT 17:42 2023 السبت ,16 أيلول / سبتمبر

أفكار جديدة لديكورات غرف المكاتب المنزلية

GMT 05:48 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

تعرفي على "الصيحة" الأكثر رواجاً لتصاميم مطابخ 2019

GMT 07:11 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

أفكار لاستخدام "أسرّة الأطفال" في المساحات الصغيرة

GMT 20:54 2018 الجمعة ,15 حزيران / يونيو

عزيز بوحدوز يطلب من الجمهور المغربي أن يسامحه

GMT 07:34 2018 الإثنين ,04 حزيران / يونيو

كوكو شانيل تبيّن حبها المتجدد لتصميم المجوهرات

GMT 02:49 2015 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

ساو باولو البرازيلي يودع الحارس الأسطورة روجيريو سيني

GMT 14:13 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

الأمير سليم يعلن خطبته على حبيبة مهند السابقة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib