الممر الاقتصادي و«الممر الآيديولوجي»

الممر الاقتصادي... و«الممر الآيديولوجي»

المغرب اليوم -

الممر الاقتصادي و«الممر الآيديولوجي»

طارق الحميد
بقلم - طارق الحميد

فور الإعلان عن توقيع السعودية مذكرة تفاهم مع الولايات المتحدة لإنشاء ممر اقتصادي يربط بين الهند وأوروبا، بمشاركة كل من الاتحاد الأوروبي والإمارات وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، أصبح في منطقتنا ممران: ممر اقتصادي، و«ممر آيديولوجي». كيف؟ التوقيع على مذكرة التفاهم حول الممر الاقتصادي بقمة «العشرين» في الهند فجّر نقاشات على كافة المستويات بين متسائل عن جدية الأمر، ومن يفكر بفوائده، وكذلك من يخشى عواقبه.

معسكر البناء والاستقرار والتطوير من خلال الأفكار الجادة، وعلى رأسه السعودية، يحسب الآن الفوائد، والعوائد، وما يمكن أن يحققه الاقتصاد السعودي، واستقرار المنطقة، في حين هناك من يفكر بطريقة أخرى؛ إذ البحث عن دور لا بالشراكة، وإنما وفق طريقة إما أنا أو لا أحد. أول التصريحات المعلنة المعارضة صدرت عن الرئيس التركي الذي قال لا ممر اقتصادياً من دون تركيا، مقترحاً أن يكون الممر الاقتصادي عبر العراق إلى تركيا، وليس عبر دول الخليج العربي، وتحديداً الإمارات والسعودية.

وهذا أمر يناقض السياسة التركية تجاه العراق. وأقول «يناقض»؛ لأنه من الغريب أن تطالب أنقرة بممر اقتصادي عبر العراق الذي تقصفه بحجة محاربة الإرهاب، والقصة كلها بالطبع متعلقة بالموقف التركي من الأكراد، فلا يمكن أن تقصف دولة وتحالفها اقتصادياً بنفس الوقت!

ونسمع نفس الانتقادات من قبل بعض المحسوبين على إيران، وتحديداً في لبنان، والسؤال هنا واضح وبسيط؛ إذ لا يمكن أن تؤمّن «خط الولاية» من طهران إلى دمشق مروراً بالعراق، ثم لبنان، لتهريب الأسلحة والميليشيات، وتريده خط بضائع بنفس الوقت!

وبالنسبة للبنان وحديث جماعة إيران هناك عن أن الممر الاقتصادي هو مجرد خدمة للمشروع «الصهيوني»، فهذا أمر لا يمكن وصفه إلا بالنكتة السخيفة؛ إذ لا يحق لأحد في لبنان أن يعلق على الممر الاقتصادي، وخصوصاً بعد الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل.

وبالطبع لا يمكن أن يقول أحد إن ذاك الترسيم فعله الساسة وليس «حزب الله»؛ إذ بارك الترسيم زعيم الحزب حسن نصر الله بنفسه، وقال حينها: «فيما يتعلق بالمقاومة، تكون المهمة قد انتهت»، مضيفاً؛ أي نصر الله، وقتها، أن «كل التدابير والاستنفارات الاستثنائية التي قد اتخذتها المقاومة، أعلن أنها قد انتهت»، وأن «المهمة أُنجزت»... والاتفاق «انتصار كبير وكبير جداً للبنان... للدولة، وللشعب، وللمقاومة».

حسناً، تبقّى الإخوان المسلمون، التابع منهم لتركيا، أو الحليف لإيران، أو من يريد إعادة التموضع الآن؛ إذ باتوا يسعون لإنجاز «ممر آيديولوجي» استغلالاً لمذكرة التفاهم الخاصة بإنشاء الممر الاقتصادي؛ إذ يحاول قادة ورموز الإخوان الآن القول إن المتضرر من الممر الاقتصادي هو قناة السويس، وكأنهم حريصون على مصر. كما يحاولون الآن استغلال «الممر الآيديولوجي» لإعادة تعميق علاقتهم بتركيا.

خلاصة القول: انتهى عصر الشعارات والضحك على الذقون، ومصلحتي هي بمراعاة مصلحتي، ومن يريد المشاركة والتنافس الإيجابي فأهلاً وسهلاً، وعدا ذلك فلا مكان للشعارات البالية التي لا تغني ولا تسمن من جوع.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الممر الاقتصادي و«الممر الآيديولوجي» الممر الاقتصادي و«الممر الآيديولوجي»



GMT 23:18 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 23:14 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

بين هاريس وترمب... نصيحة البابا

GMT 23:11 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

"بيبي" يريد مزيدا من الدمّ بدل قليل من السياسة

GMT 23:05 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

لبنان... الأردن... سوريا: إصلاح أم إفناء؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

هل تتوسع الحرب على لبنان؟

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 00:24 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

طرق متميزة ومُساعدة في تنظيف غرفة النوم وتنظيمها
المغرب اليوم - طرق متميزة ومُساعدة في تنظيف غرفة النوم وتنظيمها

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 20:50 2024 الخميس ,11 تموز / يوليو

أسطورة فرنسا ىُوبخ مبابي بعد خيبة يورو 2024‏
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib