«فاغنر» الطبخة والطباخ

«فاغنر»... الطبخة والطباخ

المغرب اليوم -

«فاغنر» الطبخة والطباخ

طارق الحميد
بقلم - طارق الحميد

قتل يفغيني بريغوجين قائد شركة ـ ميليشيا «فاغنر»، ونائبه وكبار معاونيه، وبقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين... وهذا الطبيعي، حيث احترقت الطبخة وبقي الطباخ الحقيقي... بقي بوتين لأنه يجيد الطبخة السياسية، وفق قواعد اللعبة الروسية.    

احترقت طبخة بريغوجين حين لعب «الروليت» الروسية بلا عقل، وليس بلا قلب. وهو الذي حذره رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو من التهديدات المحتملة لحياته حين تمرده على بوتين وتقدمه نحو موسكو وقتها، وكان رد بريغوجين: «لا يهمني... سأموت».

وبالطبع لم يصبح الرئيس بوتين طباخ روسيا الحقيقي لأنه بلا قلب، بل لأنه ذو عقل، ومهما وصفه خصومه، أو وصفوا طبيعة حكمه، حيث انتهج العقلية التي يمكن أن تدار بها روسيا ما بعد الاتحاد السوفياتي، ووفق قواعد اللعبة هناك.

بينما نسي بريغوجين قواعد اللعبة، كأنه ساذج حالم يشاهد السياسة عبر وهم شاشة «سي إن إن» ما بعد أوباما وترمب، وفي وقت كان فيه بوتين يتذكر أنه في طريق السلطة لا صديق، ولا حسابات مكررة، وأن الرصاصة إذا أطلقت لا تعود.

كان بريغوجين الذي وصفه بوتين بأنه «رجل ذو مسار معقّد» شجاعاً جاهلاً، وكل جاهل جريء، حيث أطلق الطلقة وركض أسرع منها معتذراً لبوتين، وقبل وساطة بلاروسيا. وهناك تم اصطياده، ووفق مقولة «الانتقام طبق من الأفضل أن يقدم بارداً».

تم إمهال بريغوجين إلى حين، ومد له الحبل، ثم سحب «الحبل ـ الطائرة» من السماء على بريغوجين ومعاونيه. ولو كان ميكافيلي حياً بيننا لاستلقى ضحكاً على ما فعله بريغوجين، ولن يضعه حتى هامشاً في آخر صفحة كتاب، بل كان سينظر له على أنه من طرائف السياسة.

حسناً، ما العبر؟ هل انتصر بوتين؟ بالطبع لا، كونه خاض صراعاً داخلياً، مما يعني أن لديه أزمة لم يعالجها، وإنما تخطى أغرب لحظاتها. والعبر تقول إن صديق بوتين هو من يطيعه فقط، ولا يتجرأ عليه.

لدى بوتين معركة داخلية وخارجية، والقوي داخلياً قوي خارجياً. والعبر تقول إن من يتبعون «فاغنر» هم أعداء بوتين، ومن يتبعون بوتين يعون أن من يطلق النار في السياسة يخسر نصف المعركة.

القوي لا يستخدم «الرصاص» في السياسة، وإنما الحيلة، وذات يوم في تاريخنا الإسلامي صرخ الخليفة المعتضد في عماله، أو رجاله، قائلاً: «أين حيل الرجال؟» حيث استنكر عنفهم، وقلة دهائهم.

الحيل أعيت بوتين في أوكرانيا ومع قائد «فاغنر» لأن من يخرج مارد الميليشيات لا يستطيع إعادته إلى القمقم، ولو صفيت قيادات الميليشيات، فالدولة شيء، والميليشيات شيء آخر، حيث الرجال غير الرجال.

قتل بريغوجين واهتزت الهيبة في موسكو، وبالسياسة الهيبة مرة واحدة، ولا تمنح مرتين. فإما مهاب أو أسد جريح، ولكل حدث تبعات، والأيام حبلى بالمفاجآت. ولا مفاجآت في روسيا وإنما نهايات وبدايات، وكلها لعبة روليت.

ولمن يتساءل عن هذا المصطلح فهو لعبة تجريب المسدس بالرأس أو الفم برصاصة واحدة، تصيب أو تخطئ، وأصابت الرصاصة هذه المرة طائرة بريغوجين ورجاله الآن، لكن للغدر بقية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«فاغنر» الطبخة والطباخ «فاغنر» الطبخة والطباخ



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
المغرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
المغرب اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 02:13 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تمثال لدبين قطبيين يُثير ذهول عملاء مركز تسوق

GMT 07:35 2016 الأحد ,18 كانون الأول / ديسمبر

أفضل مناطق لسياحة التزلج على الجليد في أوروبا

GMT 14:22 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 3.2 درجة تضرب ولاية "مانيبور" الهندية

GMT 19:58 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أسماك القرش تنهش جثة لاعب كرة قدم في أستراليا

GMT 18:31 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تشابي ألونسو يؤكد جوارديولا سبب رحيلي عن ريال مدريد

GMT 21:58 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لطيفة رأفت تلهب مواقع التواصل الاجتماعي بمظهر جذاب

GMT 19:58 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة تكشف عن قدرات النمل في علاج نفسه والنباتات

GMT 16:57 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تأجيل مباراة الرجاء البيضاوي ورجاء بني ملال

GMT 13:23 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

لعبة SPIDER-MAN الأكثر مبيعا داخل اليابان في سبتمبر

GMT 15:35 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

وفاة شخص في حادثة سير خطيرة وسط الدار البيضاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib