عنصرية لا حرية

عنصرية لا حرية

المغرب اليوم -

عنصرية لا حرية

طارق الحميد
بقلم - طارق الحميد

ما نشهده اليوم من محاولة فرض «قيم» ومفاهيم على كل العالم، ومحاولة إقحام السياسة في الرياضة، ما هو إلا عنصرية، وليس حرية كما يدعي البعض تصوير ذلك، وتصل إلى حد الهمجية في مجالات مختلفة.
المعروف، وببساطة، أن حريتك تنتهي عندما تتجاوز حرية الآخرين، وما نشهده اليوم ليس تعدياً وحسب، بل تطاول على العادات والقيم، وقبلهما المعتقدات، وكل ذلك يتم باسم الحرية!
فجأة، وبعد الحرب في أوكرانيا، بات من المسموح إقحام السياسة بالرياضة، واليوم تتم المحاولات لفعل ذلك أيضاً بكأس العالم. والسؤال هنا ماذا لو قرر فريق كرة قدم عربي، أو أحد اللاعبين، التعبير عن نفسه رياضياً؟
ماذا لو قرر فريق، أو لاعب، ارتداء شارة مكتوب عليها «لا تنسوا فلسطين»؟ أو «لا لمعاداة المسلمين»؟ أو «لا تعتدوا على ديني»... هل كان هذا أمراً مقبولاً غربيا؟ هل سيعتبر من حقوق التعبير؟ الأكيد لن يسمح بذلك.
ما نشهده اليوم هو استغلال صارخ لمفاهيم الحرية، من خلال تسخيرها للحملات السياسية الابتزازية، التي تحولت إلى لغة عنصرية يستخدمها الإعلام، وبعض المشرعين، مثل ما شهدنا من بعض أعضاء الكونغرس بعد قرار «أوبك بلس» بتخفيض الإنتاج.
وقتها رأينا حملات لا يمكن تفسيرها إلا أنها بحملة كراهية، وشيطنة للآخر، وبلا حسيب أو رقيب، حيث بات التعامل مع القيم والعادات والتقاليد المختلفة في العالم «مسبة» وتهما جاهزة لتشويه صورة مجتمعات وشعوب.
ما نشاهده اليوم على خلفية كأس العالم هو مستوى مختلف من الانحدار في التأليب، والاعتداء على ثقافات، وعادات وتقاليد، دول ليس بالضرورة أن تتشابه مع الغرب، أو الولايات المتحدة.
والمؤسف، وكما أسلفنا، أن تلك الحملات التي تتم باسم الحرية، والقيم، أخذت طابع الابتزاز، والعنصرية، وشاهدناها مثلاً عندما تم شراء فريق نيوكاسل الإنجليزي.
والغريب، والعجيب، أن من يحاضروننا عن الحريات، والقيم، يتناسون أنهم من تسبب في غزو دولنا، والعراق، خير مثال، حيث قتل مئات الآلاف، ولا يزال العراق يعاني من ذلك الاحتلال، ورغم ذلك نسمع عبارات سمجة عن الحرية، والقيم، واحترام حقوق الإنسان.
وباسم الحرية، وحقوق الإنسان، رأينا كيف حاول تويتر، مثلاً، أن يكون حارس القيم، والمقبول وغير المقبول، وقبل أن يشتريه إيلون ماسك، ووصل وقتها حد المنع، والرقابة، ومن قبل أناس لا يمكن وصفهم إلا بالمجانين.
وهناك قصة شهدتها بنفسي، حيث كان هناك حدث محدد، يوم كانت ملكية تويتر بيد مجموعة «حراس الفضيلة المزعومة»، رد أحدهم، وأمامي، على حملة مزيفة حول حدث ما. وكان للقصة بُعد قانوني، واستند للقانون. وفي أقل من دقيقتين وصلته رسالة تحذر بأنه في حال عدم حذف تغريدته فسيوقف حسابه، بينما بقي كل ما هو مسيء، ومضلل.
وعليه فنحن لسنا أمام حملة للدفاع عن الحرية، بل هي حملة عنصرية بلغتها وانتهاكها للقوانين، وحملة انتقائية مغرضة تتجاهل الضحايا في إيران، مثلاً، وتركز على مناطق أخرى. وتدعي حماية المناخ، ثم تتلف كنوزاً من الفنون. للأسف إننا أمام حملة جنون تفتقد كل أسس العقلانية، واحترام الآخر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عنصرية لا حرية عنصرية لا حرية



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 17:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
المغرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 11:20 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
المغرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"واتساب" يُعلن عن ميزة تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
المغرب اليوم -

GMT 18:33 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

نقاش فلاحي يجمع المغرب وإسبانيا

GMT 06:29 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

منفذة هجوم كاليفورنيا تعلمت في مدرسة دينية باكستانية

GMT 21:33 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة السوداء خيار كلاسيكي للرجل الأنيق

GMT 00:08 2018 الإثنين ,19 شباط / فبراير

تعرفي على حيل لزيادة مساحة "الغرف الضيقة"

GMT 08:16 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز المعالم السياحية في مدينة صوفيا البلغارية

GMT 09:01 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على Sorento الجديدة كليا من كيا

GMT 09:51 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

بيع حجر "أحجية القمر" في مزاد علني بنصف مليون دولار

GMT 07:14 2015 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الاعتداء على امرأة محجبة في محطة لمترو الأنفاق في فرنسا

GMT 19:46 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

شريف عامر يستضيف عمرو موسى في برنامج "يحدث في مصر" الثلاثاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib