«يا سيدي»

«يا سيدي»!

المغرب اليوم -

«يا سيدي»

طارق الحميد
بقلم - طارق الحميد

هناك تسطيح وترسيخ لصور نمطية لا أساس لها عند التعامل إعلامياً مع منطقتنا، وتحديداً عند التغطية الإعلامية للسعودية. بعضها مقصود، وبعضها غير مقصود، لكنه بمثابة الرغبة بالانتقاد للقول إن المراسل مستقل. وهذا حقه، لكن يجب أن يكون ذلك على أساس.

عندما بدأت العمل مراسلاً صحافياً بواشنطن أول ما تعلمناه هو ضرورة فهم ثقافة المجتمع، وتاريخه ومكوناته، ونظامه السياسي، وسؤال أهل الخبرة، والاطلاع والمتابعة للوصول إلى أكبر قدر من الفهم لتستطيع إيضاح الصورة لقارئك. لماذا أقول ذلك؟

بعد مقابلة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع قناة «فوكس نيوز»، والاحتفالات باليوم الوطني، وقبلها الزخم الإعلامي الغربي حيال جلب النجوم العالميين للدوري السعودي نجد أن هناك تغطيات إعلامية تتسم بالتسطيح والكسل.

فمثلاً، يقول مراسل أجنبي إن الإعلام بالغ بتغطية مقابلة ولي العهد، وبلغ حد أن أحدهم كتب قصيدة عنوانها «my master»، قاصداً «يا سيدي». وبالطبع فإن معنى الكلمة هنا مختلف، والاحتفاء بالمقابلة كان احتفاءً بالأرقام والمنجز، وما سيحدث.

ولا توجد ترجمة دقيقة لـ«my master» والتي هي أكثر ارتباطاً بمفهوم الرق بالغرب. وبمنطقتنا، عندما كان الرق مسموحاً به، مثلا، كان المملوك ينادي مالكه بكلمة «عمي». وفي الحجاز تقال «سيدي» للجد.

وكلمة «يا سيدي» تحمل معاني مختلفة بثقافتنا من التقدير للعتاب، ومن الجدال للدلال. وهنا يخاطب الملك، وولي عهده، والكبير بالسن أيضاً بـ«يا طويل العمر»، وتقال تقديراً حتى لشخص لا تعرفه.

وفي المملكة المتحدة يقال «long live the king»، أي «يعيش الملك»، فهل هذا من دواعي الاستغراب، أم من ضرورات فهم المجتمع وتقدير اختلاف الثقافات؟ مثلاً، ليس من واجب المراسل التندر على لباس «الساري» بقدر محاولة فهم تاريخه وجذوره بالهند.

وبالنسبة للقصائد، فمثلما حفظت الرسوم Art تاريخ أوروبا، فإن القصائد حفظت تاريخ الجزيرة العربية، وهنا نعاتب شعراً، ونتغزل، ونشير بالشعر تلميحاً لقضايا لا نفصح عنها، ويستعين المرء بالشعر ولو لم يكن شاعراً.

أما عن الفرحة باليوم الوطني فما لا يعيه بعضهم في الغرب أو بمنطقتنا، هو أن الناس لا يخرجون للاحتفال بباصات «الحزب»، ولا تحت تأثير «القيادة القُطرية»، بل طوعاً وفرحاً، ومن لا يخرج للاحتفال لا يحقَّق معه، ولا يُسأل عن عدم خروجه.

الاحتفاء باليوم الوطني هو إحساس بالانتصار في معركة اجتماعية طويلة، وذات يوم كان يُمنع الوقوف للسلام الملكي وسط جدال: هل هو يوم وطني أم عيد؟ اليوم يعبر الناس عن فرحتهم بكسب معركة اجتماعية وطنية.

والأمر نفسه ينطبق على الاحتفاء بنجوم كرة القدم، اقتصادياً، وكما قال ولي العهد فإنها تضيف للدخل القومي 1 بالمائة، ورياضياً السعوديون محبون لكرة القدم وكؤوس البرازيليين.

وما زاد الاحتفاء أن التغيير الذي حدث سمح للنساء بحضور المباريات، وبالتالي فإن كل رد فعل سعودي هو ليس مبالغة، بل تعبير عن مشاعر الفرح بانتصار مفاهيم الحياة التي يريدها السعوديون، وتحققت تحت إشراف ولي العهد.

والرسالة لكل مراسل بالسعودية هي: «يا سيدي حاول فهم المجتمع وتركيبته وقضاياه».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«يا سيدي» «يا سيدي»



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 08:14 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
المغرب اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
المغرب اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 02:13 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تمثال لدبين قطبيين يُثير ذهول عملاء مركز تسوق

GMT 07:35 2016 الأحد ,18 كانون الأول / ديسمبر

أفضل مناطق لسياحة التزلج على الجليد في أوروبا

GMT 14:22 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 3.2 درجة تضرب ولاية "مانيبور" الهندية

GMT 19:58 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أسماك القرش تنهش جثة لاعب كرة قدم في أستراليا

GMT 18:31 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تشابي ألونسو يؤكد جوارديولا سبب رحيلي عن ريال مدريد

GMT 21:58 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لطيفة رأفت تلهب مواقع التواصل الاجتماعي بمظهر جذاب

GMT 19:58 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة تكشف عن قدرات النمل في علاج نفسه والنباتات

GMT 16:57 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تأجيل مباراة الرجاء البيضاوي ورجاء بني ملال

GMT 13:23 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

لعبة SPIDER-MAN الأكثر مبيعا داخل اليابان في سبتمبر

GMT 15:35 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

وفاة شخص في حادثة سير خطيرة وسط الدار البيضاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib