ورضخت إسرائيل

... ورضخت إسرائيل

المغرب اليوم -

 ورضخت إسرائيل

بقلم - طارق الحميد

لطالما كانت توصف إسرائيل بأنها الدولة «الديمقراطية» في منطقتنا؛ ولذلك فهي الحليف الموثوق للولايات المتحدة والغرب، لكن اليوم ومع معركة التعديلات القضائية التي يقودها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وسط معارضة إسرائيلية، تتغيَّر الصورة.

اليوم يمكن أن نقول إن إسرائيل رضخت لقواعد اللعبة بالمنطقة، وأصبحت دولة شرق أوسطية بامتياز، حيث ثلث الناخبين يصوتون لأحزاب دينية غارقة بالغيبيات، وسط مساعي نتنياهو لتقييد صلاحيات القضاء والتعيينات فيه.

يحدث كل ذلك باسم «الديمقراطية» رغم أن تحالف نتنياهو هشّ، وجاء بعد عدة انتخابات، ووسط انقسام حقيقي بإسرائيل، وعدم وجود أغلبية حقيقية تدعم إلغاء ما يُعرف بقانون «حجة المعقولية».والقصة هنا ليست لمناقشة المطالب الإسرائيلية الداخلية، أو الأبعاد الدستورية هناك، وإنما للقول إن إسرائيل نتنياهو تسير لتطبيق قواعد اللعبة بالمنطقة، حيث الاستئثار بالسلطة، وتشريع أبواب الفساد، تحت مظلة الحكم.

وعندما أقول المنطقة، فإن المقصود الدول التي دمرت استقرارها تحت ذريعة إلغاء إسرائيل من الخريطة، وباقي الشعارات، واستخدمت شعارات الديمقراطية الواهية، ووصل الحال إلى ما وصل إليه الآن أمامنا، والشواهد تغني عن التفصيل.

هنا، قد يقول قائل: هل تقصد دول الخليج العربي أيضاً؟ الإجابة: لا، وأنا هنا ملكي أكثر من الملكيين، وسبق أن كتبت هنا، في 19 يونيو (حزيران) 2011؛ أي وقت «الربيع العربي»، مقالاً بعنوان: «الملكية خير وأبقى»؛ لأن دول الخليج تعرف ما تريد ولا تزايد بالشعارات.

ما تريده دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، هو الاستقرار والازدهار وبناء دولنا وسط موجات عاتية من أكاذيب القومية، والإسلاميين، ومدّعي الديمقراطية، وغيرها من الشعارات التي ضربت المنطقة منذ بدايات السبعينات الميلادية.

وعليه، فإن الأزمة السياسية الإسرائيلية تقول لنا إن إسرائيل باتت تسير وفق قواعد المنطقة؛ لأسباب آيديولوجية متطرفة، ومصالح سياسية ضيقة، وهو ما يجد معارضة حقيقية، وأدَّى إلى مظاهرات تم الرد عليها بقوة، وحتى عمليات دهس للمعارضين.

ومن شأن كل ذلك أن يؤدي إلى أمرين مهمين: الأول هو الانقسام الحقيقي بالداخل، على غرار الانقسامات الحاصلة على الحدود الإسرائيلية من كل مكان، مع تفاوت الأوضاع، لكن تلك المنطقة أصبحت منطقة انقسامات حادة.

والأمر الآخر أن ما يفعله نتنياهو من محاولة لتقييد يد القضاء بدولة ليس لديها دستور مكتوب، هو ضربة حقيقية لسمعة «الديمقراطية» التي يتغنى بها الغرب عند توصيف إسرائيل، رغم كل ما تفعله بالأراضي المحتلة.

اليوم لا يمكن أن تنتقد واشنطن أنقرة، مثلاً، وهي ترى ما يفعله المتطرفون في إسرائيل. ولا يمكن أن يقال إن إسرائيل دولة ديمقراطية في منطقة لا تحترم الديمقراطية أساساً. ولا يمكن تبرير ما يفعله نتنياهو والغرب يحاضر المنطقة عن ضرورة استقلالية القضاء.

صحيح أنها أزمة إسرائيلية داخلية، لكنها امتداد لمرحلة سقوط الشعارات في منطقة أنهكتها تلك الشعارات المزيفة، والأهم، كما أسلفت، سقوط ورقة اللعب على «ديمقراطية» إسرائيل في منطقة لا تحترم الديمقراطية.

الخلاصة هي أن إسرائيل رضخت لقواعد اللعبة في المنطقة، حيث الديمقراطية المشوّهة، واستخدام ورقة المتطرفين لتحقيق مكاسب سياسية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 ورضخت إسرائيل  ورضخت إسرائيل



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
المغرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
المغرب اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 02:13 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تمثال لدبين قطبيين يُثير ذهول عملاء مركز تسوق

GMT 07:35 2016 الأحد ,18 كانون الأول / ديسمبر

أفضل مناطق لسياحة التزلج على الجليد في أوروبا

GMT 14:22 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 3.2 درجة تضرب ولاية "مانيبور" الهندية

GMT 19:58 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أسماك القرش تنهش جثة لاعب كرة قدم في أستراليا

GMT 18:31 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تشابي ألونسو يؤكد جوارديولا سبب رحيلي عن ريال مدريد

GMT 21:58 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لطيفة رأفت تلهب مواقع التواصل الاجتماعي بمظهر جذاب

GMT 19:58 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة تكشف عن قدرات النمل في علاج نفسه والنباتات

GMT 16:57 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تأجيل مباراة الرجاء البيضاوي ورجاء بني ملال

GMT 13:23 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

لعبة SPIDER-MAN الأكثر مبيعا داخل اليابان في سبتمبر

GMT 15:35 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

وفاة شخص في حادثة سير خطيرة وسط الدار البيضاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib