بقلم : مشعل السديري
أقول لك يا عزيزي القارئ: إذا كنت تمتهن مهنة ستذهب مع الريح، فأشرف لك أن (تقضب الباب) وتتركها، وهي كالتالي:
معقب دوائر حكومية، وكاتب عرائض، و(السنترال)، ومندوبو المبيعات التقليديون، وموظفو مطالبات بشركات التأمين، ومحضرو الخصوم (المحاكم)، والصرافون، ومدخلو البيانات، وموظفو تلقي طلبات القروض، وسماسرة العقار والسيارات، وتسليم البريد، والمراسل الإداري، وموظف حجوزات الطيران والفنادق والبرامج السياحية، وأمناء المستودعات، وناسخ الآلة، ومصلحو الساعات، ومصفف أرفف، وضابط إدخال بيانات (كروكيات هندسية)، ومندوبو مبيعات بنكية، ومراقبو أرشيف الملفات الإعلامية.
منذ أن بدأ الإنسان في أول مهنة وهو يتطور وتتطور المهن معه، ومع كل تطور يتخوف من المستقبل، ولكن هذه هي سنن الحياة، جيل يفني عمره في مهنة وتندثر لتحل مكانها مهنة ذات صلة بها... وهكذا دواليك في عصر التكنولوجيا وعصر المفاجأة، كما قال المدير التنفيذي لشركة لها (شنة ورنة) بلهجة لا تخلو من النرجسية: إنني لا أخشى أحداً من المنافسين مهما كانوا، الذي أخشاه بحق وحقيق هو مجرد: (مراهق) في كراج يخترع شيئاً يفاجئك به ولا يخطر على البال. واستمر في كلامه قائلاً: فالمهن المندثرة وما حل بها كثيرة، وحتى مهنة الطب في خطر حقيقي؛ طبيب واحد يقوم مقام مجموعة من الأطباء، بمساعدة الروبوت وما أدراك ما الروبوت (احتمال أجيال قادمة تعمل من منازلها)، أمن سيبراني، خوارزميات. إنها هي الخبرة يا سادتي التي ستلغى وسيحل محلها الكفاءة والاختراع والإبداع الفكري.
فعندما تنتهي مهنة تنبت منها مهن أخرى أكثر ديناميكية وأسرع للخدمة، وتقدم تسهيلات للإنسان، وقديماً كانت القوافل التي تأتي بالبضائع تأخذ شهوراً مع عدد من الحرس والطباخين والخدم والتجار، ومع استخدام السيارات ذهبت فرصتهم الوظيفية، فقد أصبح الذين يذهبون بمدة أقل من 10 في المائة من الوقت السابق ويحضرون بضائع أكثر بأضعاف مما كانوا يحضرونه، من رحم الأزمات تأتي الفرص وتبدع الأفكار، فتوفرت وظائف صيانة السيارات التي تعمل بالبنزين، وبعدها ستحل محلها صيانة السيارات الكهربائية.
ونصيحتي أقدمها لكل شاب هي: أن يربط حزامه ويشمر ثوبه ويطلق ساقيه للريح ويقدم استقالته قائلاً: بيدي لا بيد عمرو، ويتعب حاله قليلاً في التعلم والتدريب في مهن عصرية، مطبقاً النصيحة الخالدة التي تقول: (إذا ما جاراك زمانك جاريه)، لا تصير مثل الذي أكل الدهر عليه وشرب وهو لا يزال يراوح في مكانه محلك سر - يعني باختصار لا تصير (جبلة) لا خيرك ولا كفاية شرك.
إنني كالطبيب الذي (يعالج الناس وهو عليل).