ماذا وراء مرونة «حماس»

ماذا وراء مرونة «حماس»؟

المغرب اليوم -

ماذا وراء مرونة «حماس»

سوسن الشاعر
بقلم - سوسن الشاعر

ما الذي استجد لتقدم «حماس» مرونة ملحوظة في المفاوضات الأخيرة التي تجري في الدوحة؟ وما الذي استجد في موقف إسرائيل، الذي جعل عدة أطراف تبدي تفاؤلاً باحتمالية وقف الحرب؟

 فالعالم كله اتفق منذ أشهر على إنهاء حرب غزة ويدفع الأطراف إلى الوصول إلى اتفاق، إلا أن نتنياهو والسنوار يعلمان أن وقف القتال يعني نهايتهما، فكيف للحرب أن تنتهي والقرار ما زال عند هذين الاثنين، وبالرغم من الضغوط التي يتعرضان لها فإنهما ما زالا يماطلان، وكل يتعذر بأسبابه.

ظلت «حماس» متشددة في المفاوضات حول وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن، بالرغم من الضغوط التي تتعرض لها طوال العشرة أشهر الماضية منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وتمثلت في تدهور الوضع الإنساني لسكان غزة ورفح، والموت والمرض والجوع والتشرد والدمار الذي أدى إلى تصاعد حدة التذمر العلني، ما اضطر «حماس» إلى استخدام القمع والتخويف والتهديد لإسكات الأصوات التي اخترقت حواجز المنع «الحمساوية».

تزايد حدة الإنهاك الذي تعاني منه «حماس» وكتائبها، ونقص الذخيرة، وزيادة عدد قتلاها، وشحّ الموارد المالية، كانت تضغط عليها، ومع ذلك كانت متشددة، ولم تبدِ أي مرونة، فما الذي تغير؟ وحين يبدو الأمر وكأن هناك تصاعداً حاداً على الجبهة الإسرائيلية اللبنانية، فإنه من الواضح أنه لا إسرائيل ولا إيران تريدان هذا الاشتباك، لذا فإن المخرج الوحيد الذي يحفظ ماء الوجه لكل من إيران و«حماس» و«حزب الله» لوقف الحرب هو تبريد الجبهة الفلسطينية بإبداء بعض المرونة في المفاوضات، وما كان مرفوضاً أصبح مقبولاً فجأة عند «حماس»، بما فيها مناقشة «حكومة مؤقتة» وإطلاق سراح بعض الرهائن قبل وقف النار!

من جانب آخر، لم تجبر الضغوط على نتنياهو، المحلية والدولية منها، على التنازل طوال العشرة أشهر الماضية، في الداخل، بينما يزيد ضغط اليمين على نتنياهو للاستمرار في الحرب، فلا يترك له فرصة المناورة، تتصاعد ضغوطات أهالي الرهائن وأهالي قتلى الجيش الإسرائيلي الذين يحملون حكومة نتنياهو والجيش الإسرائيلي مسؤولية الفشل في حمايتهم، وهناك الخلافات داخل صفوف النخبة السياسية، بل خلافات داخل الحكومة ذاتها أدت إلى استقالة وزير الدفاع بين غانتس من حكومة الطوارئ، التي شكّلها نتنياهو، لشدة الخلاف معه حول الأولويات، إلى جانب ضغوطات السكان النازحين من الشمال الإسرائيلي وجنوبه، الذين يصل عددهم إلى 250 ألفاً، وفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال» - نحو 40 في المائة منهم لم يعودوا إلى منازلهم حتى اليوم - حيث تم إيواؤهم في 438 فندقاً ومنشأة إخلاء، وهو ما كلّف الوزارات الحكومية 6.4 مليار شيقل (1.8 مليار دولار)، بحسب بيانات وزارة الرفاه والسياحة الإسرائيلية.

وبمرور عشرة أشهر على الحرب، يقف الاقتصاد الإسرائيلي أمام مفترق طرق، مع انهيار وشلل شبه تام وخسائر فادحة بقطاع البناء والعقارات، وبالصناعات والزراعة والسياحة الداخلية، وذلك مع استمرار الارتفاع في تكلفة الحرب وتداعياتها على الموازنة العامة لإسرائيل، التي تعاني عجزاً بقيمة 6.6 في المائة من الناتج المحلي، بحسب ما أفاد تقرير بنك إسرائيل.

من جهة أخرى، ضغوطات الطوائف الدينية المتشددة «الحريديم» التي تمتنع عن التجنيد بمبررات دينية وتهدد باضطرابات داخلية إسرائيلية تشتكي من التمييز لصالح تلك الطوائف، وعدم إجبارهم كما حال بقية الشباب الإسرائيلي. وفي المقابل، تهدد حكومة نتنياهو بالتفكك لأنها هي من منحته القدرة على تشكيل الحكومة الائتلافية حين حصل على الأغلبية بالتحالف معها!

ثم هناك الضغوط الدولية، ومنها الأميركية، التي تشدد على إنهاء الحرب قبل الانتخابات، لتستثمرها إدارة بايدن في الدعاية الانتخابية، وهناك الرأي العام الأميركي الذي يضغط على الإدارة الأميركية حيث تشتد المعارضة للحرب، وتتحول إلى مناهضة للدولة الإسرائيلية، إضافة إلى تقييد عدد من صفقات السلاح والمماطلة في تسليمها إلى إسرائيل.

وكذا الحال في أوروبا حيث وافق كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا على ورقة بايدن، التي قدّمت لكل من «حماس» وإسرائيل، والتي تدعو لوقف القتال في غزة.

كل تلك الضغوط لم تحرك أياً من الاثنين لإبداء أي مرونة، حتى وصل التهديد لحسن نصر الله، الذي لا يمكن أن تفرط فيه إيران، وهو جوهرة الاستثمار الخارجي لها، فهل إنقاذ «حزب الله» ممكن أن يكون فرجاً لأهالي غزة، وتتوقف الحرب، أم ستبدي لنا المفاوضات في الدوحة ما كان غائباً؟!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا وراء مرونة «حماس» ماذا وراء مرونة «حماس»



GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

GMT 21:25 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الفعل السياسي الأكثر إثارة

GMT 06:07 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الجديد... أي أميركا ننتظر؟

GMT 04:35 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تتهدّد الحربُ الأهليّة لبنان؟

GMT 19:26 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأمريكية

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 08:38 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها
المغرب اليوم - ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها

GMT 15:54 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل
المغرب اليوم - حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل

GMT 10:33 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أستراليا تحظر السوشيال ميديا لمن دون 16 عاماً
المغرب اليوم - أستراليا تحظر السوشيال ميديا لمن دون 16 عاماً

GMT 17:36 2012 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

مجموعة للعناية بالشعر وتقويته

GMT 12:24 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

أولمبيك آسفي يخطط لضم 4 لاعبين في الميركاتو

GMT 17:23 2016 الثلاثاء ,12 إبريل / نيسان

مشوار المنتخب السعودي في تصفيات كأس العالم 2018

GMT 02:35 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

عفاف شعيب سيدة شعبية في مسلسل "فوق السحاب"

GMT 19:13 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

Jacob & Co"" تطرح مجموعة جديدة من المجوهرات الفاخرة

GMT 05:15 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

موقع الواجهة البحرية في "رامسغيت" يتحول إلى إبداع فني

GMT 10:01 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

آخر الاتجاهات المميزة في عالم الموضة لعام 2018

GMT 05:26 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أبرز أسباب انتشار قشرة الشعر خلال موسم الشتاء

GMT 15:25 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف لاعب كرة إكوادوري أربعة مواسم بسبب المنشطات

GMT 11:31 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

الاسباني فيليبي السادس يستعد لزيارة المملكة المغربية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib