أميركا الإصرار على الغرق

أميركا... الإصرار على الغرق

المغرب اليوم -

أميركا الإصرار على الغرق

سوسن الشاعر
بقلم : سوسن الشاعر

كل الدلالات والمؤشرات تتَّجه إلى العزلة الأميركية عن حلفائها في الخليج، وفي مواقع أخرى، إن أصر الديمقراطيون على خطهم وسياستهم الخارجية، ومع أنهم يرون المياه ترتفع إلى الأعناق وينعكس الأثر السلبي لتلك السياسة على الأوضاع المحلية، فإنهم مصرون على الاستمرار في السباحة بالاتجاه ذاته، كأنهم مصرون على الغرق... إنها المكابرة.
وفي تخادم واضح بهدف المضي قدماً في الاتجاه ذاته، يدفع الإعلام اليساري ويضغط على إدارة بايدن للابتعاد أكثر عن جميع الحلفاء ومن بينهم دول الخليج، فتحفل مقالاتهم وتقاريرهم الصحافية والتلفزيونية بلوم بايدن على عدم قطع علاقاته بالدول (النفطية)، على حد تعبيرهم، أو معاقبتها برفع الغطاء الأمني عنها!!
الإصرار على عدم إدراك المتغيرات سمة واضحة لهذه الإدارة، والنظر من الزاوية المحلية الأميركية الصرفة من أكبر أخطائها، فمن وجهة نظر إدارة بايدن؛ الدول الخليجية تبني سياستها الخارجية لتساعد الجمهوريين نكاية ببايدن! وتميل ناحية الصين وروسيا نكاية بأميركا، يعتقدون أن الكون يتمحور حولهم فعلاً، لهذا قال بلينكن وزير خارجيتهم: «لن يكون هناك عالم بلا قيادة أميركية!!». لقد كانت تصريحات بايدن هي الوحيدة التي تحتاج إلى ترقيع وتصحيح، أضف لها الآن تصريحات وزير خارجيته.
دعكم من الدول النفطية، انظروا إلى الحلفاء الأقرب للولايات المتحدة الأميركية، انظروا إلى أوروبا، إلى حكومات دول «الناتو»، أميركا تدفع بشعوبهم لمواجهة حكوماتهم، بريطانيا وفرنسا وألمانيا على وشك الانفجار، اضطرابات وقلاقل، وحكومات أوروبية تتداعى، ومع ذلك إدارة بايدن مصرة على دفع الحكومات للتمسك بسياستها التي أملتها عليهم كقيادة لـ«الناتو»، من دون اعتبار لأثر تلك السياسة على المواطن الأوروبي.
بل إنها تضع مصالحها قبلهم وهم الذين يدفعون الثمن، فتبيعهم الغاز بأربعة أضعاف، ومصرة على أن يبقى الدعم لأوكرانيا على حساب الاقتصاد الأوروبي، أوروبا مهددة بالفوضى، وهي أكثر خطورة من المهددات الروسية.
دعكم من الحلفاء، انظروا إلى الداخل الأميركي، فأداء هذه الإدارة يهبط في الاستطلاعات إلى أدناها، ما يقارب 70 في المائة من الأميركيين غير راضين عن أداء بايدن، تضخم وبطالة وسوء خدمات ونقص في ميزانيات الشرطة وزيادة معدل جرائم وارتفاع في سعر البنزين والديزل، جميع هذه الإخفاقات وبايدن تائه غير مدرك ما حوله لا يعي ماذا يقول وماذا يفعل!
وهذه الإدارة لم تراعِ الإهانة التي تطال سمعة الولايات المتحدة الأميركية، حين يرى العالم رئيس أكبر دولة تائهاً على المنصة لا يعرف أين يذهب فيسلم على الفضاء!
غير دول الخليج، هناك مصر التي يهددها، وغير مصر، هناك الهند التي يطالبها قسراً بالانضمام لحلف مضاد لمصالحها، وغير باكستان التي قال إن القنبلة النووية في يدها خطأ. من بقي؟ إيران، إنه يتجنب قطع العلاقة التامة، يتجنب إدانتها حتى حين زودت روسيا بالمسيرات، فيقول لا دليل، رغم أن المسيرات ترى بالعين المجردة، وما أسقط منها موجود تحت يد الأوكرانيين.
(للمفارقة هي المسيرات ذاتها التي سقطت على المملكة العربية السعودية وأبوظبي) وفي الحالتين المراعاة للنظام الإيراني الزائدة توضح إلى أين تتَّجه السياسة الخارجية الأميركية، إلى الإصرار على الأهداف التي رسمها رغم وضوح الرؤية وانكشاف خطورة تلك الأهداف على المصالح الأميركية، إنه إصرار على الغرق.
الخلاصة؛ أتدرون من الذي يتعذب ويعاني ويحاول تقليل الأضرار التي تخلفها الإدراة الأميركية الحالية؟ إنها المؤسسات العسكرية الأميركية التي بنت سياستها لعقود مضت على حفظ المصالح الأميركية من خلال التحالفات الدولية مع الولايات المتحدة الأميركية على مر العصور، لتأتي هذه الإدارة وتهدم كل ما بني طوال تلك العقود، المسؤولون العسكريون مضطرون كل مرة لإطلاق عدد من التصريحات المطمئنة للحلفاء، لتخفيف حدة الضرر التي تخلفها تصريحات بايدن ولتجنب ردود الأفعال.
العالم ينتظر نوفمبر (تشرين الثاني) ليرى مستقبل الولايات المتحدة الأميركية؛ هل ستواصل الغرق؟ أم بالإمكان إنقاذ ما تبقى من مصالحها؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا الإصرار على الغرق أميركا الإصرار على الغرق



GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

GMT 21:25 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الفعل السياسي الأكثر إثارة

GMT 06:07 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الجديد... أي أميركا ننتظر؟

GMT 04:35 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تتهدّد الحربُ الأهليّة لبنان؟

GMT 19:26 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأمريكية

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 08:38 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها
المغرب اليوم - ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها

GMT 15:54 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل
المغرب اليوم - حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل

GMT 10:33 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أستراليا تحظر السوشيال ميديا لمن دون 16 عاماً
المغرب اليوم - أستراليا تحظر السوشيال ميديا لمن دون 16 عاماً

GMT 17:36 2012 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

مجموعة للعناية بالشعر وتقويته

GMT 12:24 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

أولمبيك آسفي يخطط لضم 4 لاعبين في الميركاتو

GMT 17:23 2016 الثلاثاء ,12 إبريل / نيسان

مشوار المنتخب السعودي في تصفيات كأس العالم 2018

GMT 02:35 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

عفاف شعيب سيدة شعبية في مسلسل "فوق السحاب"

GMT 19:13 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

Jacob & Co"" تطرح مجموعة جديدة من المجوهرات الفاخرة

GMT 05:15 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

موقع الواجهة البحرية في "رامسغيت" يتحول إلى إبداع فني

GMT 10:01 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

آخر الاتجاهات المميزة في عالم الموضة لعام 2018

GMT 05:26 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أبرز أسباب انتشار قشرة الشعر خلال موسم الشتاء

GMT 15:25 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف لاعب كرة إكوادوري أربعة مواسم بسبب المنشطات

GMT 11:31 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

الاسباني فيليبي السادس يستعد لزيارة المملكة المغربية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib