أنطونيو غرامشي قوة الثقافة المتجددة
لبنان يوعز بمنع طائرة إيرانية من الهبوط في مطار رفيق الحريري الدولي وزارة الصحة اللبنانية تُعلن أن مستشفيات ضاحية بيروت ستجلي مرضاها بعد الغارات الإسرائيلية الجيش الإسرائيلي يُعلن القضاء على أحمد محمد فهد قائد شبكة حماس في جنوب سوريا ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 41 ألفاً و586 شهيداً حركة نزوح كثيفة لسكان الضاحية الجنوبية لبيروت بالتزامن مع قصّف إسرائيلي عنيف الجيش الإسرائيلي يشّن غارات جديدة على مناطق متفرقة من الضاحية الجنوبية لبيروت الأمن الروسي يفتح قضايا جنائية ضد ثلاثة مراسلين أميركيين رافقوا قوات كييف في كورسك مقتل 5 عسكريين سوريين جراء قصف إسرائيلي قرب الحدود مع لبنان قرب كفير يابوس في ريف دمشق مقتل 9 مدنيين من عائلة واحدة بينهم نساء وأطفال بغارة إسرائيلية استهدفت منزلاً في بلدة شبعا جنوب لبنان وفاة مشجع لنادي الجيش الملكي متأثراً بالإصابة التي تعرض لها بعد سقوطه من الطابق الثاني لملعب القنيطرة
أخر الأخبار

أنطونيو غرامشي... قوة الثقافة المتجددة

المغرب اليوم -

أنطونيو غرامشي قوة الثقافة المتجددة

عبد الرحمن شلقم
بقلم : عبد الرحمن شلقم

أنطونيو غرامشي، الأحدب العليل ابن جزيرة سردينيا الفقيرة بالجنوب الإيطالي. مناضل يساري تصدَّى للفاشية في بلاده، وألقى به نظام بينيتو موسوليني في السجن، رغم تمتّعه بالحصانة عندما كان عضواً في البرلمان الإيطالي. تبنى في مطلع شبابه الأفكار الماركسية، وأسس الحزب الشيوعي الإيطالي، لكنَّه انتقد أفكارَ ماركس، التي تقطع بأنَّ الاقتصاد هو المحرك الأساس للتاريخ. بدأ غرامشي مبكراً بالكتابة عن الجزيرة الإيطالية الجنوبية، التي وُلد بها جزيرة سردينيا. جمع أعماله هذه، الكاتب، قويدو ميليس، ونشرها تحت عنوان، «كتابات عن سردينيا». كتب غرامشي عن اللغة السردينية، ومعاناة الجزيرة من الفقر، وطموح أهل الجزيرة، وغيرها من القضايا التي شغلت نخب الجزيرة الفقيرة. انشغل بعد ذلك بالقضايا الوطنية الإيطالية، واندمج في العمل السياسي الوطني. عارض مبكراً السلطة الفاشية، وصار عضواً في البرلمان، ورفع صوتَه في داخله معلناً معارضته التسلط والديكتاتورية الفاشية، ليقدَّم إلى المحكمة التي قضت بسجنه. قضَى غرامشي إحدى عشرة سنة في السجون الفاشية، وهو يعاني المرض، لكنه لم يكن رهين محبسه، بل حوَّل سجنه خندقاً يشع منه الفكر. بعث برسائله إلى أفراد عائلته، وإلى رفاقه، عبَّر فيها عن عواطفه مضمنها أفكاره. جُمعت الرسائل ونُشرت في أربعة مجلدات، بعنوان «كراسات السجن»؛ لأنه كتبها على ورق الكراسات التي يستعملها التلاميذ في المدارس. كتب في مختلف مجالات المعرفة. كان يطلق على نفسه، صفة القارئ. فقد تمكن وهو يعاني العذاب في زنزانته، من قراءة أعمال الفلاسفة والمؤرخين الإيطاليين والألمان والإنجليز والفرنسيين، وتأثر بميكيافللي وهيغل وماركس. انتقد أعمال ماركس، والثورة البلشفية في روسيا، رغم انتمائه للحزب الشيوعي، وتقديره أفكار لينين، واختلف معه فيما يتصل بمفهوم الدولة وتكوينها، والعلاقة بين البرجوازية والطبقة العاملة. لم تكن الدوغما الآيديولوجية، محبسه الثاني، فقد كان أنطونيو غرامشي، مفكراً حراً يضرب بمطرقة ثقافته، ما عملت الفاشية على فرضه على الناس، وآمن بأن الآيديولوجيا المغلقة، هي ضرب من التسلط والتقوقع. آمن بقوة وفاعلية الثقافة. كتب غرامشي كثيراً عن قوة الثقافة، وقدرتها على تحقيق النهوض الشامل في جميع المجالات. ارتبط اسمه بمفهوم «المثقف العضوي»، وأعطى لهذا المفهوم، أبعاداً وتحديدات وفاعليات شملت، كل خيوط النسيج الثقافي في المجتمع. في رأيه، أن المثقف العضوي يوجد في مختلف شرائح المجتمع، وهو يختلف عن المثقف التقليدي، الذي يستلبه الموروث الجامد، والمصلحة الذاتية. الناشطون في المجتمع المدني والأحزاب والنقابات المهنية المختلفة، كل واحد منهم، هو مثقف له تأثير في حلقات مجموعته.

ناقش أنطونيو غرامشي، دور الثقافة الشعبية، وقوتها وقدرتها على الوصول إلى العامة. ركَّز على الوعاء الخطابي ومضمون الخطاب. كذلك ثقافة الفنون والإبداع بكل ألوانه. أفرد مقالات طويلة عن الإنسانية، وقال إن حركة النهضة، جعلت الإنسان يؤمن بأنه مركز الكون، وإن عصر النهضة خلق ثقافة حضارية جديدة. الإنسان قبل عصر النهضة، كان لا شيء وبعدها صار هو كل شيء، وإن عصر النهضة هو أكبر ثورة ثقافية في التاريخ. محور فكر غرامشي هو، أن الثقافة هي محرك الإنسان، وليس كما ذهب كارل ماركس، بأن الاقتصاد هو المحرك للإنسان في مسيرته الطويلة عبر التاريخ. فالثقافة تشعل روح الحرية في الإنسان، وتجعله يفكر ويبدع ويتقدم دون سدود أو حدود. كان لعصر النهضة حضور قوي في فكر أنطونيو غرامشي، فقد كان يحفّز بكتاباته الفاعلين، في المنظومة الاجتماعية على الدفع نحو عصر نهضة جديدة بقوة الثقافة. فقد تأثر بعصر النهضة الإيطالي الذي انطلق في القرن الثالث عشر، وتحرك إلى غرب أوروبا. فقد كان عصر النهضة نقطة الانطلاق إلى مرحلة حضارية جديدة في كل أوروبا، وكان المهد للإنسان الجديد، المتحرر من هيمنة القيود الدينية في العصور الوسطى.

كتب غرامشي في كراساته، عن الإبداع بكل أنماطه، القصة والشعر والرسم والصحافة، وفعلها الثقافي الكبير في تحرير العقل. مارس النقد الأدبي مبكراً وكتب الكثير في هذا المجال. الثقافة الشعبية، شكلت أحد محاور اهتماماته، ودرس الروايات التي يقبل عليها عامة الناس، ليس في إيطاليا فحسب، إنما في بعض بلدان أوروبا الغربية الأخرى، وخصوصاً فرنسا وألمانيا وبريطانيا، ومدى تأثيرها في وعي الوسط الشعبي.

هذا الرجل القصير القامة، الذي تعرض لحادث جعله احدب، وقضى سنوات طويلة في سجون الفاشية الإيطالية، وعاش بعيداً عن زوجته الروسية التي عادت إلى بلادها بعد سجنه، ومعها طفلاه الصغيران، وعانى مرضاً عضالاً لم يرحمه في سجنه، أسس لمسار نهضة متجددة، قوتها الثقافة التي تؤهل الإنسان ليشق طريقه للحرية، وتحقيق التقدم. أشعل أضواء الحرية من عتمة ظلام الزنازين. كُتبت عن أعماله عشرات الدراسات والكتب، وترجمت إلى عدد كبير من اللغات، وتأثر بفكره، مفكرون ومثقفون وكتاب وأكاديميون وأدباء في مختلف أنحاء العالم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنطونيو غرامشي قوة الثقافة المتجددة أنطونيو غرامشي قوة الثقافة المتجددة



GMT 16:02 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

إيران ماذا ستفعل بـ«حزب الله»؟

GMT 15:57 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الجامد والسائح... في حكاية الحاج أبي صالح

GMT 15:52 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الفرق بين المقاومة والمغامرة

GMT 15:49 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أشياء منى حلمى

GMT 15:42 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

هل كان عدوان نتنياهو على لبنان محتما؟

منى زكي في إطلالة فخمة بالفستان الذهبي في عرض L'Oréal

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 12:57 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

"الاستهتار" يدفع حكم لقاء سبورتنغ والطيران لإلغاء المباراة

GMT 03:43 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

العلماء يعثرون على مقبرة اللورد "هونغ" وزوجته في الصين

GMT 19:20 2017 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

سعد الدين المرشّح الأقوى لمنصب رئيس البرلمان المغربي

GMT 11:14 2015 الثلاثاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

سيارات نيسان الكهربائية تمد المنزل بالطاقة

GMT 04:18 2016 الإثنين ,16 أيار / مايو

أم لستة أطفال تستخدم الخضروات في أعمال فنية

GMT 00:57 2015 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الحاجة أم يحيى تكشف عن حقيقة السحر وأسرار الأعمال السفلية

GMT 12:56 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد والترجي الجمعه في أقوى مواجهات الجولة الرابعة

GMT 15:43 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مارسيلو يخالف لاعبي الفريق الملكي بشأن زميله بنزيمة

GMT 02:00 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مجموعة عطور جديدة من "Trouble in Heaven Christian Louboutin"

GMT 12:37 2024 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

الوداد المغربي يُخصص تذاكر خاصة لجماهير المغرب الفاسي

GMT 15:54 2019 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

شركة أميركية تطرح هاتفا ذكيًا بسعر "استثنائي" في المغرب

GMT 04:45 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

الملا يكشف عن علاج مرض بطانة الرحم المهاجرة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib