أنطونيو غرامشي قوة الثقافة المتجددة
وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023 إغلاق سفارات الولايات المتحدة وإيطاليا واليونان في أوكرانيا خوفاً من غارة روسية منظمة الصحة العالمية تُؤكد أن 13 % من جميع المستشفيات في لبنان توقفت عملياتها أو تقلصت خدماتهاالطبية في القطاع الصحة في غزة تؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي أعدم أكثر من 1000 عامل من الكوادر الطبية في القطاع عطل فنى يُؤخر رحلات شركة الخطوط الجوية البريطانية في أنحاء أوروبا وزارة الصحة اللبنانية تُعلن سقوط 3544 شهيداً و 15036 مصاباً منذ بداية العدوان الإسرائيلي على البلاد
أخر الأخبار

أنطونيو غرامشي... قوة الثقافة المتجددة

المغرب اليوم -

أنطونيو غرامشي قوة الثقافة المتجددة

عبد الرحمن شلقم
بقلم : عبد الرحمن شلقم

أنطونيو غرامشي، الأحدب العليل ابن جزيرة سردينيا الفقيرة بالجنوب الإيطالي. مناضل يساري تصدَّى للفاشية في بلاده، وألقى به نظام بينيتو موسوليني في السجن، رغم تمتّعه بالحصانة عندما كان عضواً في البرلمان الإيطالي. تبنى في مطلع شبابه الأفكار الماركسية، وأسس الحزب الشيوعي الإيطالي، لكنَّه انتقد أفكارَ ماركس، التي تقطع بأنَّ الاقتصاد هو المحرك الأساس للتاريخ. بدأ غرامشي مبكراً بالكتابة عن الجزيرة الإيطالية الجنوبية، التي وُلد بها جزيرة سردينيا. جمع أعماله هذه، الكاتب، قويدو ميليس، ونشرها تحت عنوان، «كتابات عن سردينيا». كتب غرامشي عن اللغة السردينية، ومعاناة الجزيرة من الفقر، وطموح أهل الجزيرة، وغيرها من القضايا التي شغلت نخب الجزيرة الفقيرة. انشغل بعد ذلك بالقضايا الوطنية الإيطالية، واندمج في العمل السياسي الوطني. عارض مبكراً السلطة الفاشية، وصار عضواً في البرلمان، ورفع صوتَه في داخله معلناً معارضته التسلط والديكتاتورية الفاشية، ليقدَّم إلى المحكمة التي قضت بسجنه. قضَى غرامشي إحدى عشرة سنة في السجون الفاشية، وهو يعاني المرض، لكنه لم يكن رهين محبسه، بل حوَّل سجنه خندقاً يشع منه الفكر. بعث برسائله إلى أفراد عائلته، وإلى رفاقه، عبَّر فيها عن عواطفه مضمنها أفكاره. جُمعت الرسائل ونُشرت في أربعة مجلدات، بعنوان «كراسات السجن»؛ لأنه كتبها على ورق الكراسات التي يستعملها التلاميذ في المدارس. كتب في مختلف مجالات المعرفة. كان يطلق على نفسه، صفة القارئ. فقد تمكن وهو يعاني العذاب في زنزانته، من قراءة أعمال الفلاسفة والمؤرخين الإيطاليين والألمان والإنجليز والفرنسيين، وتأثر بميكيافللي وهيغل وماركس. انتقد أعمال ماركس، والثورة البلشفية في روسيا، رغم انتمائه للحزب الشيوعي، وتقديره أفكار لينين، واختلف معه فيما يتصل بمفهوم الدولة وتكوينها، والعلاقة بين البرجوازية والطبقة العاملة. لم تكن الدوغما الآيديولوجية، محبسه الثاني، فقد كان أنطونيو غرامشي، مفكراً حراً يضرب بمطرقة ثقافته، ما عملت الفاشية على فرضه على الناس، وآمن بأن الآيديولوجيا المغلقة، هي ضرب من التسلط والتقوقع. آمن بقوة وفاعلية الثقافة. كتب غرامشي كثيراً عن قوة الثقافة، وقدرتها على تحقيق النهوض الشامل في جميع المجالات. ارتبط اسمه بمفهوم «المثقف العضوي»، وأعطى لهذا المفهوم، أبعاداً وتحديدات وفاعليات شملت، كل خيوط النسيج الثقافي في المجتمع. في رأيه، أن المثقف العضوي يوجد في مختلف شرائح المجتمع، وهو يختلف عن المثقف التقليدي، الذي يستلبه الموروث الجامد، والمصلحة الذاتية. الناشطون في المجتمع المدني والأحزاب والنقابات المهنية المختلفة، كل واحد منهم، هو مثقف له تأثير في حلقات مجموعته.

ناقش أنطونيو غرامشي، دور الثقافة الشعبية، وقوتها وقدرتها على الوصول إلى العامة. ركَّز على الوعاء الخطابي ومضمون الخطاب. كذلك ثقافة الفنون والإبداع بكل ألوانه. أفرد مقالات طويلة عن الإنسانية، وقال إن حركة النهضة، جعلت الإنسان يؤمن بأنه مركز الكون، وإن عصر النهضة خلق ثقافة حضارية جديدة. الإنسان قبل عصر النهضة، كان لا شيء وبعدها صار هو كل شيء، وإن عصر النهضة هو أكبر ثورة ثقافية في التاريخ. محور فكر غرامشي هو، أن الثقافة هي محرك الإنسان، وليس كما ذهب كارل ماركس، بأن الاقتصاد هو المحرك للإنسان في مسيرته الطويلة عبر التاريخ. فالثقافة تشعل روح الحرية في الإنسان، وتجعله يفكر ويبدع ويتقدم دون سدود أو حدود. كان لعصر النهضة حضور قوي في فكر أنطونيو غرامشي، فقد كان يحفّز بكتاباته الفاعلين، في المنظومة الاجتماعية على الدفع نحو عصر نهضة جديدة بقوة الثقافة. فقد تأثر بعصر النهضة الإيطالي الذي انطلق في القرن الثالث عشر، وتحرك إلى غرب أوروبا. فقد كان عصر النهضة نقطة الانطلاق إلى مرحلة حضارية جديدة في كل أوروبا، وكان المهد للإنسان الجديد، المتحرر من هيمنة القيود الدينية في العصور الوسطى.

كتب غرامشي في كراساته، عن الإبداع بكل أنماطه، القصة والشعر والرسم والصحافة، وفعلها الثقافي الكبير في تحرير العقل. مارس النقد الأدبي مبكراً وكتب الكثير في هذا المجال. الثقافة الشعبية، شكلت أحد محاور اهتماماته، ودرس الروايات التي يقبل عليها عامة الناس، ليس في إيطاليا فحسب، إنما في بعض بلدان أوروبا الغربية الأخرى، وخصوصاً فرنسا وألمانيا وبريطانيا، ومدى تأثيرها في وعي الوسط الشعبي.

هذا الرجل القصير القامة، الذي تعرض لحادث جعله احدب، وقضى سنوات طويلة في سجون الفاشية الإيطالية، وعاش بعيداً عن زوجته الروسية التي عادت إلى بلادها بعد سجنه، ومعها طفلاه الصغيران، وعانى مرضاً عضالاً لم يرحمه في سجنه، أسس لمسار نهضة متجددة، قوتها الثقافة التي تؤهل الإنسان ليشق طريقه للحرية، وتحقيق التقدم. أشعل أضواء الحرية من عتمة ظلام الزنازين. كُتبت عن أعماله عشرات الدراسات والكتب، وترجمت إلى عدد كبير من اللغات، وتأثر بفكره، مفكرون ومثقفون وكتاب وأكاديميون وأدباء في مختلف أنحاء العالم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنطونيو غرامشي قوة الثقافة المتجددة أنطونيو غرامشي قوة الثقافة المتجددة



GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 07:39 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
المغرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 08:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
المغرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:49 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
المغرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:10 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
المغرب اليوم -

GMT 20:49 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

دراسة حديثة تبيّن تهديد أمراض السمنة المفرطة لكوكب الأرض

GMT 02:25 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

مديرة صندوق النقد أسعار السلع المرتفعة ستستمر لفترة

GMT 16:15 2023 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي نصير مزراوي يواصل الغياب عن "بايرن ميونخ"

GMT 04:58 2023 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

وقوع زلزال بقوة 5.3 درجة على مقياس ريختر جنوب غرب إيران

GMT 10:06 2023 الثلاثاء ,27 حزيران / يونيو

المغرب يسعى لاستيراد ما يصل إلى 2.5 مليون طن من القمح

GMT 07:08 2023 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

أفكار لتجديد ديكور المنزل بتكلفة قليلة

GMT 07:17 2023 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

كاليفورنيا تتأهّب لمواجهة عاصفة مطرية عاتية و "وحشيّة"

GMT 07:44 2022 الأربعاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مكياج كلاسيكي لعروس موسم خريف 2022

GMT 14:16 2021 الجمعة ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أبل تطلق خاصية جديدة تسمح لك بإصلاح أجهزة "آيفون" بنفسك
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib