خنادق الآيديولوجيا وأقفاصها
وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023 إغلاق سفارات الولايات المتحدة وإيطاليا واليونان في أوكرانيا خوفاً من غارة روسية منظمة الصحة العالمية تُؤكد أن 13 % من جميع المستشفيات في لبنان توقفت عملياتها أو تقلصت خدماتهاالطبية في القطاع الصحة في غزة تؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي أعدم أكثر من 1000 عامل من الكوادر الطبية في القطاع عطل فنى يُؤخر رحلات شركة الخطوط الجوية البريطانية في أنحاء أوروبا وزارة الصحة اللبنانية تُعلن سقوط 3544 شهيداً و 15036 مصاباً منذ بداية العدوان الإسرائيلي على البلاد
أخر الأخبار

خنادق الآيديولوجيا وأقفاصها

المغرب اليوم -

خنادق الآيديولوجيا وأقفاصها

عبد الرحمن شلقم
بقلم : عبد الرحمن شلقم

كُتب الكثير عن خبايا النفس البشرية. علم النفس حاز مساحة واسعة في الدراسات الإنسانية في القرنين الأخيرين. الحروب التي قامت بين البشر عبر العصور، اختلفت دوافعها. الاستيلاء على الثروات، والهيمنة على مقدرات الآخرين، أو فرض معتقد فكري أو ديني. قبل قيام الدولة الوطنية، لم تكن هناك حدود للكيانات القومية المستقلة، ولم يكن هناك ما يُعرف اليوم بسيادة الدولة. الجيوش النظامية للدول ولدت في زمن آخر.

الإمبراطورية الرومانية التي هيمنت على أراض واسعة في أوروبا والبحر الأبيض المتوسط، كانت دولة لا دين لها ولا آيديولوجيا.

الإمبراطور الروماني الأول قسطنطين، وسَّع سيطرته على أراض وأمم أخرى، بعدما حقق انتصارات على الفرنكس والألمان والقوط الغربيين. ضمت إمبراطوريته الرومانية، عدداً كبيراً من معتنقي اليهودية، وقلة من المسيحيين. أدرك لأسباب سياسية، ضرورة فتل حبل عقيدي، يجمع الشعوب المختلفة الخاضعة لحكمه. أصدر مرسوماً في القرن الرابع الميلادي، يقضي أن تكون الديانة المسيحية، العقيدة الدينية الرسمية للإمبراطورية. كان ذلك مرسوماً آيديولوجياً، أكثر مما هو دينياً. أمر ببناء الكنائس الضخمة، في مختلف أنحاء البلاد وأغدق الأموال الطائلة على رجال الدين. مؤرخون كتبوا أن الإمبراطور قسطنطين مات وثنياً ولم يكن مسيحياً.

الآيديولوجيا خندق يُلقى فيه عقل الإنسان، ويوقن أنه في دنيا تحتضن الحقيقة المطلقة، وكل ما هو خارجها أوهام وأكاذيب. لكل آيديولوجيا حفرها الخاصة، تختلف عن غيرها، وكثيراً ما تكون لها مشتركات عامة مع أخرى. المفكرون والزعماء، هم حفَّارو ذلك الجحر المستطيل، الذي يتمدد فيه المريدون الذين، سُملت عيونهم بمخاريق الكلام، وثُقبت رؤوسهم لتُضخ فيها رغوة التهويل مما هو قادم، وإطلاق عواصف الأمل الملون، والتبشير بنصر مؤزر، يصنع دنيا جديدة يسود فيها المتمددون في خندق الحلم العاطر. الشيوعية والنازية والفاشية، مثلث الحلم الملون بطيف من الوعد والوعيد. الآيديولوجيا لا تنبت حشائشها في تربة زمن واحد، لكنها تتخلق من تراكم أفكار عابرة للمكان والأحداث. الثورة الصناعية التي شهدتها أوروبا الغربية، في القرن الثامن عشر، نقلت المجتمعات من المرحلة البرجوازية، إلى مرحلة الرأسمالية. دخلت أوروبا عصراً جديداً، عصر من يملك ومن يعمل. الفكر الإنساني يتحرك في مسارات الحياة المتطورة. صراع الطبقات الاجتماعية، القائم على قواعد الاقتصاد، نظَّر له الفلاسفة، وكتبوا وقالوا وحرضوا، وصارت للأفكار مصانعها وقوتها المحركة للمجتمعات. المفكر كارل ماركس، أشعل فتيلاً فكرياً قبس منه الطامحون للسلطة، وصنعوا منه جمراً رشوا فوقه بخوراً، ليكون شهيقاً للذين يعانون من ثقل أيامهم. الماركسية اللينينية كانت آيديولوجيا القرن العشرين، التي تجسدت في سلطة، حكمت أكبر دولة مساحة في العالم، صارت الآيديولوجيا قوة فاعلة جديدة، في زمن جديد له محركات اقتصادية وسياسية غير مسبوقة. بعد الحرب العالمية الأولى، كان العالم على موعد مع الحركة الفاشية في إيطاليا، والنازية في ألمانيا.

قال الأولون: البطن صباغ دباغ. من الرحم الآيديولوجي الروسي العنيف ذاته، وُلدت اثنتان لهما قسمات لا تشبه الأم، إلا في العنف الذي حملهما إلى سدة السلطة. في روسيا الشيوعية، قام الزعيم القائد جوزيف ستالين بقتل الملايين، بينهم من كانوا رفاقاً له في الفكر والحزب، ومن ضباط الجيش، وسجن الملايين في سيبيريا.

بينيتو موسوليني، زحف على روما ومعه آلاف من المؤمنين بفكره الفاشي، الذي يصف الأنظمة الديمقراطية في فرنسا وبريطانيا، بالأنظمة الغبية التافهة، ووعد الإيطاليين باستعادة عظمة روما، وشن حرباً على إثيوبيا، وقتل الليبيين. في ألمانيا التي عاشت تحت ركام الهزيمة في الحرب العالمية الأولى، وعانت مرارة الجوع والبطالة، قفز شاويش نمساوي الى السلطة بمظلة العرق الآري، وصبَّ في كتابه (كفاحي)، آيديولوجيته النازية التي تقول بتفوق العرق الآري على جميع الأعراق. الزعيم الفرد، هو العمود الرافع لبرج العظمة. انتهى الزعيمان موسوليني وهتلر، أولهما مقتولاً معلقاً من قدميه، والثاني مهزوماً منتحراً في خندق فكره الشاذ، وكانت مهمته في الحرب العالمية الأولى نقل الرسائل بين خنادق القوات الألمانية.

الصين البلد الذي سيطر فيه الحزب الشيوعي، بقيادة زعيمه ماو تسي تونغ على السلطة، بعد انتصاره على غريمه في الحرب الأهلية، شان كيان شيك. شهد آيديولوجيا لها أجنحة تطير في سماوات الأوهام. صنع الزعيم ماوتسي تونغ، قفصاً آيديولوجياً ضيقاً، مساحته أمتار محدودة، وضع فيه الفيل الصيني الضخم. يمطر الكائن السجين، بزخات من الأفكار الثقافية والاقتصادية والاجتماعية العجيبة، وليس للفيل إلا أن يغمض عينيه، وأن يحرك خرطومه الضامر ببطء. جاء الزعيم الشيوعي دنغ هسياو بنغ، وخلع رداءه الماوي، وكسر قفص الآيديولوجيا. تحرر الفيل مندفعاً يفكر ويصنع ويزرع، حتى صار العالم كله مساحة له. رُدمت الخنادق، وتكسرت الأقفاص.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خنادق الآيديولوجيا وأقفاصها خنادق الآيديولوجيا وأقفاصها



GMT 18:56 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تحت البحر

GMT 18:53 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 18:50 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

لا سامح الله من أغلق ملفات الفساد

GMT 18:47 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

انتصرنا!

GMT 18:46 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكر السياسي سيرورات لا مجرّد نقائض

GMT 18:41 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

«إنت بتفهم في السياسة أكتر من الخواجه؟!»

GMT 18:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس ترمب؟!

GMT 18:36 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

المواصلات العامة (3)

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 07:39 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
المغرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 08:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
المغرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:49 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
المغرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:10 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
المغرب اليوم -

GMT 20:49 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

دراسة حديثة تبيّن تهديد أمراض السمنة المفرطة لكوكب الأرض

GMT 02:25 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

مديرة صندوق النقد أسعار السلع المرتفعة ستستمر لفترة

GMT 16:15 2023 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي نصير مزراوي يواصل الغياب عن "بايرن ميونخ"

GMT 04:58 2023 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

وقوع زلزال بقوة 5.3 درجة على مقياس ريختر جنوب غرب إيران

GMT 10:06 2023 الثلاثاء ,27 حزيران / يونيو

المغرب يسعى لاستيراد ما يصل إلى 2.5 مليون طن من القمح

GMT 07:08 2023 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

أفكار لتجديد ديكور المنزل بتكلفة قليلة

GMT 07:17 2023 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

كاليفورنيا تتأهّب لمواجهة عاصفة مطرية عاتية و "وحشيّة"

GMT 07:44 2022 الأربعاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مكياج كلاسيكي لعروس موسم خريف 2022

GMT 14:16 2021 الجمعة ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أبل تطلق خاصية جديدة تسمح لك بإصلاح أجهزة "آيفون" بنفسك
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib