حقد ليفي على إرنو
الحوثيون يؤكدون إفشال هجوم أميركي بريطاني على اليمن باستهداف حاملة الطائرات "يو إس إس هاري إس ترومان" إسرائيل تنفي مغادرة أي وفد لمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة إلى القاهرة 10 جنود إيرانيين شباب لقوا حتفهم في حادث سقوط حافلة في واد غرب إيران سقوط نحو 300 قتيل في اشتباكات عنيفة بين قوات سورية الديمقراطية وفصائل مسلحة مدعومة من تركيا في محيط سد تشرين وزارة الصحة في غزة تكشف أن عدد ضحايا عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع ارتفع إلى 45,259 شهيداً و107,627 مصاباً من 7 أكتوبر 2023 تسجيل 76 حالة وفاة و768 إصابة جراء إعصار شيدو الذي ضرب مقاطعات "كابو" و"ديلغادو" و"نابولا" و"نياسا" في شمال موزمبيق زلزال متوسط بقوة 5.3 درجة غرب يضرب جنوب إفريقيا تكريم الفنان الكوميدي محمد الخياري في الدورة العاشرة لمهرجان ابن جرير للسينما وفاة الفنان المغربي القدير محمد الخلفي عن عمر يناهز 87 عامًا بعد معاناة طويلة مع المرض ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 45227 شهيد و107573 جريح منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

حقد ليفي على إرنو

المغرب اليوم -

حقد ليفي على إرنو

سوسن الأبطح
بقلم : سوسن الأبطح

 

«لا أستطيع تخيل كاتب آخر لديه الجرأة، اليوم، ليستحق نوبل، أكثر من سلمان رشدي. لقد بدأت الحملة». كتب برنار هنري ليفي هذه العبارات في أغسطس (آب) الماضي في «صحيفة الأحد» الفرنسية، وأطلق بكل ما أوتي من سلطة أعماله الترويجية والتشبيكية التي يجيدها بحرفية، لإيصال صديقه لأرفع جائزة أدبية في العالم. ضرب ليفي في حملته الخبيثة هذه أكثر من عصفورين بحجر واحد؛ من ناحية دعم رشدي بإشاعة خبر فوزه، ومن جهة أخرى سعى جهده لمنع الجائزة عن مواطنته آني إرنو، بعد تداول اسمها. لكن إرنو نالتها رغم أنفه، وأشعلت في صدره ناراً لن تهدأ قبل أن يثأر منها ويشوه صورتها، وهو ما يواظب عليه منذ فوزها.
ليفي ليس وحيداً في مهاجمة إرنو، معه جيش من المجندين يقذفونها بالموبقات. فهي بالنسبة لهم «عنصرية»، «معادية للسامية»، مصابة بـ«هيستيريا نسوية»، «مهووسة بالتمييز العرقي». ومن بين هؤلاء هوبير بخارى صاحب مكتبة «زهرة يافا» في باريس، والاسم يدل على هوى صاحبها وانتمائه. علّق الرجل يافطة على واجهة مكتبته تقول: «لا تضيع وقتك بسؤالي عن كتب آني إرنو، فـأنا لا أبيع كتباً لعملاء ومعادين للسامية...». ويصف بخارى الأديبة بأنها «مريضة» ومتنكرة خلف «معاداة الصهيونية» بـ«كره السامية» وبأنها «كاذبة» في ادعائها بأن إسرائيل تمارس «الفصل العنصري».
إرنو مواقفها واضحة ضد الاحتلال الإسرائيلي، عارضت التعاون الثقافي بين فرنسا وإسرائيل عام 2018، واعتبرته وصمة عار، وهي مع مقاطعة إسرائيل بسبب سياساتها العنصرية، ووقعت أكثر من بيان مع مثقفين فرنسيين، لدعم وجهة نظرها. وهو ما لن تسامح عليه إرنو الماضية في رفضها المساواة بين الضحية والجلاد.
فلسطين ليست هوس إرنو، كما يريد أن يصورها أعداؤها، ولا قضيتها الكبرى التي تحمل لواءها، وإنما تأتي في سياق رغبتها في قول كلمة حق، دفاعاً عمن لا يملكون ترف استخدام الكلمة. كل الشتائم صالحة، لتبخيس الأديبة التي جنّدت قلمها منذ كتابها الأول «خزائن فارغة» لإبراز محنة الضعفاء والفقراء والأميين، في مجتمع لا يلقي بالاً إلا لأصحاب السطوة. إرنو ليست يسارية أيديولوجية بقدر ما هي حاملة رسالة؛ لأن «الأدب ليس محايداً، ولم يكن يوماً كذلك. الأدب له وظيفة لمن يقرأه ولمن لا يقرأه أيضاً». فهي تعوّل على أحاديثها الصحافية، وما تبثه من أفكار في مقابلاتها، وسعيدة بأن نصوصها تدرس للطلاب.
كل كتابات إرنو مبعثها نوع من «الثأر الطبقي» كما تقول نفسها. فقد ولدت بعد وفاة شقيقة لها بمرض «الدفتيريا». هذا الموت الذي بقي يزنّ في حياتها. من عائلة رقيقة الحال، وبيئة زراعية، جدها أميّ، ووالداها اضطرا لترك المدرسة باكراً، وعاشا بفضل دكان للبقالة، ومقهى صغير بعد ذلك، واعتبرا شهادتها التعليمية انعتاقاً لها من سجن اجتماعي يصعب تجاوزه.
إرنو، إذن التي تغذت أدباً ورضعت نصوصاً، صارت الناطقة باسم أسرتها ومن يشبهها، تكتب قصصهم، تحكي رواياتهم التي هي حكايات عمرها. لهذا لم تُعنِها الأفكار الخيالية الفنتازية، ولا تتدفق إلى رأسها الأفكار حين تسافر بعيداً عن بيئتها البكر.
حين وصفتها لجنة جائزة «نوبل» بأنها «تميزت بشجاعة ودقة في اكتشاف الجذور والابتعاد عن القيود الجماعية للذاكرة الشخصية»، ردت بأن لفظة «شجاعة» ليست من مفرداتها، ولا شجاعة في عمل كاتب يجلس وراء الطاولة ليسجل ما يخطر له. الشجعان هم الموجودون في الساحات ويواجهون المخاطر ببذل أغلى ما يملكون. أما هي فتشعر بأنها باتت تتحمل «مسؤولية كبيرة» في شهادتها الروائية من أجل التعريف بعوالم «النساء المتألمات»، «الطبقة الرقيقة الحال»، «الأميون»، من ابتلاهم «ألزهايمر» كما والدتها، أو «سرطان الثدي»، «الإجهاض»، «رواد السوبر ماركت»، حيث تلتقي في منطقتها «سيرجي» وجوهاً من أصول مختلفة. لا كلام كثيراً يتبادله هؤلاء، لكن القرب الجسدي، التلاقي التسامحي، يعبر عن قبول يعيشه الناس مع بعضهم البعض. «لا أكتب الحميمية للحميمة، ولم أكتب يوماً لأحصل على نوبل، وإنما بحثاً عن العدل، ولأقول إن ثمة من يعيش في الحاجة ويعاني من النقص».
هكذا كتبت إرنو يومياتها ببلاغة مثيرة، وبساطة مغرية. كتبها تشبهها في هدوئها وانسيابيتها. بقدر ما تكتب نفسها، يحبها القراء، وخاصة الجيل الشاب، تماماً كما أحبتها لجنة جائزة «نوبل»، لا لأنها تدافع عن الفلسطينيين، بل لأنها جعلت من الكتب عالماً موازياً لعالمها الواقعي، مرآة له من دون أن تتعبنا بتفاصيلها المملة واهتماماتها المضجرة.
عندما أطلق ليفي حملته ذات الوجهين للدفع بسلمان رشدي إلى الواجهة، ومنع إرنو من الوصول، تبعه كتّاب عرب عن دراية، أو غالباً من دون علم بخلفياته المريبة. وهو من صنف لا يتحرك بلا باعث عقائدي، فدوره المشبوه في الثورات العربية لا يزال غامضاً، لكن المعروف أنه كان موجوداً في كل مكان اشتعلت فيه فتنة، من جنوب السودان إلى البوسنة، وليبيا وسوريا وحتى أوكرانيا. لم نعد نعرف إن كان ليفي مراسلاً صحافياً، هكذا بدأ حياته في بنغلاديش، أم كاتباً ومفكراً أم فيلسوفاً كبيراً من أهم قادة حركة الفلسفة الجديدة، أم محرضاً ومنظّراً للخراب؛ لكثرة تحركاته وادعاءاته. جلّ ما نعرفه أن هذه السيدة الدمثة الرقيقة، التي كتبت بصدق يثير الشهية للقراءة، دون ادعاء ولا فلسفة، فازت بعد خمسين سنة من الجهاد الصابر، تضميد جراح عائلية تمتد إلى أجدادها. وهي بهم فكرت حين أبلغت بالجائزة، وبعيونهم تتمنى أن تكون قد أدت مهمتها. وبما أن ليفي مصرّ على تسييس أدبها، فكلمتها عند تسلم الجائزة لن تكون رمادية، بل واضحة الألوان جلية في التزامها وصرامتها.
ومبروك لإرنو...

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حقد ليفي على إرنو حقد ليفي على إرنو



GMT 22:27 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

تل أبيب ــ دمشق... سقوط الضمانات

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:20 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 09:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع
المغرب اليوم - المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع

GMT 13:49 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني
المغرب اليوم - الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني

GMT 18:10 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 09:12 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

لاعبو منتخب "الأسود" يؤكدوا ثقتهم في الركراكي

GMT 08:54 2023 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

العام الحالي 2023 الأكثر حرّاً في التاريخ المسجّل

GMT 16:07 2023 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

علماء الآثار يزعمون اكتشاف "خريطة كنز عملاقة"

GMT 05:19 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زينّي حديقة منزلك بـ"فانوس الإضاءة الرومانسي"

GMT 09:00 2018 الثلاثاء ,12 حزيران / يونيو

" ديور " تطرح ساعات مرصعة بالألماس

GMT 18:37 2016 الأحد ,03 إبريل / نيسان

شيرى عادل فى كواليس تصوير "بنات سوبر مان"

GMT 02:51 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

شيرين سعيدة بنجاح "سابع جار" ودورها في "عائلة زيزو"

GMT 08:44 2016 الثلاثاء ,27 أيلول / سبتمبر

لائحة مغربيات لمعت أسماؤهن في سماء الموضة العالمية

GMT 10:55 2016 الخميس ,21 تموز / يوليو

ماريو غوتزه ينضم إلى بروسيا دورتموند رسمياً
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib