الفن يطعنه المال
افتتاح الملعب الكبير للحسيمة ويحتضن أولى مبارياته اليوم الاثنين بين منتخبيْ جزر القمر ومدغشقر محامي اللاعب حسين الشحات يكشف عن قرب إتمام الصلح النهائي بين موكله واللاعب المغربي محمد الشيبي زلزال بقوة 5.1 درجات يضرب جزر ماريانا غرب المحيط الهادئ وزارة الصحة اللبنانية تُعلن إرتفاع عدد شهداء العدوان الاسرائيلي إلى 3516 شهيداً و14929 مصاباً قوات الاحتلال الإسرائيلي 10 فلسطينيين على الأقل من الضّفة الغربية بينهم شقيقان مقتل سيدة وإصابة 10 آخرون جراء سقوط صاروخ على منطقة بشمال إسرائيل الأونروا تعلن تعرض قافلة مؤلفة من 109 شاحنة مساعدات للنهب بعد دخولها إلى قطاع غزة وزارة الصحة الفلسطينية تكشف حصيلة الشهداء جراء عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 43,846 شهيدًا و 103,740 جريحاً منذ 7 أكتوبر 2023 وزارة الصحة اللبنانية تُعلن إستشهاد طفلتين ووالدهما وإصابة شخص في غارة العدو الإسرائيلي على الماري بقضاء حاصبيا
أخر الأخبار

الفن يطعنه المال

المغرب اليوم -

الفن يطعنه المال

سوسن الأبطح
سوسن الأبطح

«لن أتنازل عن أي شيء في العالم، مقابل سنتيمتر واحد من حريتي» تلك هي العبارة المفتاح التي انطلق منها الفنان البلغاري الأصل كريستو فلاديميروف جافاشيف، الهارب من استبداد الحكم السوفياتي إلى فيينا وباريس، ليلتقي برفيقة دربه جان كلود؛ المرأة التي للصدفة ولد معها في يوم واحد، وسيتلازمان ويوقعان أعمالهما الفنية معاً، إلى أن فارقت الحياة عام 2009، وتبعها كريستو عام 2020.

أدرك باكراً، الفنان الذي انتقل بعد ذلك، للعيش في أميركا، أن الشرط الأول لحريته، هو الانعتاق من سلطة رأس المال. عمل جاهداً لكسب قرشه بعرق جبينه. كان يرسم لمدة 16 ساعة متواصلة، كي يؤمّن احتياجات تجهيزاته التي بدأت متواضعة الحجم بتغليف العلب والزجاجات وكل ما يقع تحت يده، لينتقل إلى الجسور والمباني الضخمة، التي تحتاج ملايين الدولارات.
الحلة الجديدة لقوس النصر في باريس هذه الأيام، متشحاً بالأقمشة الزرقاء المفضضة، محزّماً بالحبال الحمراء، هي هديّة فنية كلفت الفنان الراحل من جيبه الخاص 14 مليون يورو، تحقيقاً لحلم راوده عام 1961 لم يتحقق إلا بعد وفاته. وهو واحد من أعمال كثيرة، نفذها الثنائي الشهير في مدن عدة منها برلين ونيويورك وباريس سابقاً؛ حيث غلفا قبل 30 سنة «الجسر الجديد» بقماش بلون رمال الصحراء. حرص كريستو على تمويل تجهيزاته العملاقة من مبيع لوحات تصاميمها الأولى والرسومات التحضيرية، الهدايا التذكارية، النماذج، والطباعة الحجرية، في مزادات تحصد الملايين. مات كريستو وهو يحلم بقوس النصر على جادة الشانزليزيه يلعب بستائره الهواء، كأنما الحياة تدب فيه مع كل نسمة، فخوراً أنه ينجز أعمالاً تعرض لأيام محدودة وتختفي لا يبقى منها غير الصور والذكريات، وما تتركه في القلب من أثر. «أعمالي تخييلية، بمقدوركم أن تعيشوا من دونها، ليست ضرورية لأحد، لكنني بحاجة إليها وكذلك من يعملون معي. لا أحد يستطيع شراءها، ولا أحد يستطيع امتلاكها». الفرجة في قوس النصر بالمجان، مع شروحات، وقطعة من قماش العمل، ذكرى لمن يريد. وبعد أيام يفكك التجهيز وتذهب 25 ألف متر من القماش، و3 آلاف متر من الحبال، للتدوير، حفاظاً على المال من الهدر، وعلى البيئة من التلوث.

حوّل كريستو نفسه إلى مؤسسة متكاملة، تبتكر، وتنتج، وتبني التجهيزات، وتعيد التدوير، وتمول أيضاً. ثمة من يتهم كريستو بإخفاء لعبة مالية غير نظيفة، بتسجيل شركاته في أماكن لا تخضع لضرائب. هناك من يطعن بجمالية أعماله أصلاً وقيمتها الفنية. وقد يكون كريستو وجان كلود نظيفين هفهافين، وقد لا يكونان، لكنهما وضعا معاً نواة لفكرة تمويل ذاتي تستحق الاهتمام والتطوير.

التجهيزات التي تنتمي إلى الفن المفاهيمي، الزائلة، التي لا تقبل أن تحبس في المتاحف وبين الجدران، أعادت الجمال للشارع. فبعد أن حجبت الأعمال الفنية في الصالات، ونقلت الآثار من مكانها في الصحارى وبين الأشجار، إلى المتاحف، وفرضت عليها رسوم الدخول، بات الحاجز بين الناس والفن كبيراً يحتاج إلى ردم الهوة. وكلما أصبحت إقامة معرض عبئاً على الفنان، تفاقمت حاجته إلى المال.
كريستو كانت له إمكانات على قدر أحلامه. النحاتون الثلاثة «عساف» في لبنان نموذج آخر، شرقي وبسيط. ففي المركز الفني الذي شيده هؤلاء النحاتون، من حجارة جبل لبنان المقيمين فيه، والحدائق التي رعوها والمنحوتات التي أنجزوها، سبيل ذاتي إلى حفظ الكرامات وصيانة النفس المبدعة من الانكسار والحاجة. حين تسأل أحدهم إن كانوا يتعاملون مع غاليريهات، يقولون لك إنهم لا يعرفون سوى من يريدون اقتناء عمل فني. هذا يذكّر بنقّاد دائماً ما يخبرون أن كل دخول إلى شبكات الاتجار بالفن، هو عبودية، واستسلام لمن سيتدخل ليس فقط في أسلوبك وموضوعك، ولكن أيضاً بجدول تحركاتك.

تعقيدات عالم الفن، تزن ثقيلاً. لم تعد الأعمال متوارية فقط، رؤيتها مدفوعة واقتناؤها حكر على بعض الذين لا يعرفون قيمتها، بل تحكّم فيها الترويج، فرفع من شأن أناس، وحرم موهوبين من حقهم في الظهور. فلا أحد يعرف اليوم، لماذا يبيع فنانون مثل داميان هيرست، وجيف كونس، وتكاشي موراكامي، أعمالهم بأغلى الأثمان؟ ولماذا يحتكر هؤلاء الذي باتوا يمتلكون شركات للإنتاج والإدارة والتصنيع، وإعادة الإنتاج، الشهرة والثروات معاً؟ مع أن كلاً منهم لا يقدم بالضرورة الجمالية المبهرة، لمتفرجيه بقدر يتحفهم بمجسمات، لدمى أو حيوانات، وأحياناً بالونات، خضعت للتصنيع والتوليف.

النقاشات حارة في باريس حول تغليف قوس النصر، المعْلم التاريخي الأكثر شهرة. أراده نابليون بونابرت رمزاً يخلد انتصارات الجيوش الإمبراطورية، ثم ضم قبر الجندي المجهول إثر الحرب العالمية الأولى، فجاء هذا اللاجئ من بلغاريا ليفرض مشهداً آخر. احتاج تحقيق حلم كريستو 50 سنة من الانتظار، و5 سنوات من الموافقات والتحضيرات، وتوقيع رئيس الجمهورية، وتنسيق كثير من المؤسسات، وتقديم شروحات للنقابات والمتاجر المحيطة، والسفارات المجاورة، وربما إقناع الشعب الفرنسي أن رمز العظمة الوطنية، يمكن أن تكون له حلّة مختلفة ولو لأسبوعين، مع كل التطمينات بأن الفريق الفني لكريستو، يعمل وفق تقنيات ترعى بدقة المنحوتات الرائعة التي تزين هذا الصرح. يبقى أن كريستو مع تمويله العمل لا يزال يلقى النقد ويتهم بأقبح العبارات، وبأنه «مخادع» و«كاذب» و«رأسمالي متخفٍ» وأن «هذا التغليف لقوس النصر يرمز تماماً إلى طبيعة اللحظة النيوليبرالية، المعادية للشعب وقيم الجمهورية، التي تخضع لها فرنسا وشعبها».

الأعمال الفنية، حتى لو كانت زرقاء بلون البحر والسماء، هي موضع جدل، وإثارة أسئلة، وتلك هي أهم أدوارها، وسبب جوهري لوجودها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفن يطعنه المال الفن يطعنه المال



GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:06 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 17:23 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 16:18 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 13:08 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 26-9-2020

GMT 13:23 2023 الجمعة ,17 آذار/ مارس

"أوبك+" تكشف أسباب انخفاض أسعار النفط

GMT 05:25 2018 الأربعاء ,04 تموز / يوليو

جنيفر لورانس تعرض شقتها الفاخرة للإيجار
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib