عجائز العولمة
دونالد ترامب يفضل السماح لتطبيق تيك توك بمواصلة العمل في الولايات المتحدة لفترة قصيرة على الأقل شركة طيران أمريكية تجبر أحد الركاب على ترك مقعده في الدرجة الأولى لصالح كلب مرافق مقتل 10 ركاب وإصابة 12 في تحطم طائرة في البرازيل مطار دمشق الدولي يُعلن تمديد تعليق الرحلات الجوية حتى الأول من يناير 2025 الحوثيون يؤكدون إفشال هجوم أميركي بريطاني على اليمن باستهداف حاملة الطائرات "يو إس إس هاري إس ترومان" إسرائيل تنفي مغادرة أي وفد لمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة إلى القاهرة 10 جنود إيرانيين شباب لقوا حتفهم في حادث سقوط حافلة في واد غرب إيران سقوط نحو 300 قتيل في اشتباكات عنيفة بين قوات سورية الديمقراطية وفصائل مسلحة مدعومة من تركيا في محيط سد تشرين وزارة الصحة في غزة تكشف أن عدد ضحايا عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع ارتفع إلى 45,259 شهيداً و107,627 مصاباً من 7 أكتوبر 2023 تسجيل 76 حالة وفاة و768 إصابة جراء إعصار شيدو الذي ضرب مقاطعات "كابو" و"ديلغادو" و"نابولا" و"نياسا" في شمال موزمبيق
أخر الأخبار

عجائز العولمة

المغرب اليوم -

عجائز العولمة

سوسن الأبطح
بقلم : سوسن الأبطح

يتسابق مفكرون من اليمين واليسار على التبشير بموت العولمة، وثمة من دفنها ونعاها، وبدأ يعدد محاسنها ومساوئها، وكأنها قد انقضت وإلى الأبد.
مفهوم «العولمة» ليس جديداً، إلا أن نهاية الحرب العالمية الثانية، والنمو الاقتصادي المبهر الذي أعقبها، وسقوط جدار برلين، مع انتهاء الحرب الباردة، سمحت بتكثيف التبادلات بين الدول. عندما وقعت الأزمة المالية الكبيرة عام 2008، ورافقها انهيار 19 بنكاً أميركياً، نما شعور بأن ثمة خطراً يتهدد النظام العالمي القائم. مع «بريكست» وتخلي بريطانيا عن انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، وهي أحد الأركان الأساسية للنيوليبرالية، تعمّقت الفكرة. أن يكون أهم ما جاء في خطاب النصر الانتخابي للرئيس الأميركي دونالد ترمب، بعد تأديته القسم الدستوري، هو أن «أميركا أولاً» ودعوته للشركات الكبرى للعودة إلى عرينها، فذلك تخلٍ من زعيم العولمة وقائدها عنها. تلك كانت ضربة قاسمة.
عام 2020 أصدر المفكر السياسي الفرنسي توماس جينولي كتابه الذي يفسر فيه «كيف تسببت العولمة في وفاة أربعمائة مليون شخص» بين عامي 1992 و2018، وأن نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية، جاء لصالح فئة محدودة من البشر، وترك الغالبية في بؤس، من خلال تدمير النظم البيئية، وخصخصة الدول، وإطلاق يد القطاع الخاص، وفقدان المساواة في الرعاية، وانتشار الفقر، وتلوث الغلاف الجوي.
وباء «كورونا»، الذي كسر جسور التواصل، أعاد البشر الحالمون بوحدة الأرض إلى رشدهم. وصول جو بايدن إلى السلطة، رغم ما رافقه من تفاؤل، انهار عندما نصح مواطنيه بالقول: «اشترِ أميركياً»، ضارباً هو الآخر عرض الحائط بالمبدأ المقدس للتجارة الحرة.
ازداد نادي «موت العولمة» قوة، بعد فرض عقوبات غير متصورة، على روسيا من قبل الدول الغربية، بعد اجتياح بوتين لأوكرانيا. إنها اللحظة الحاسمة التي اكتشف فيها كلٌ، أن عليه أن يأكل مما يزرع، ويلبس مما ينسج. نكوص مائة سنة إلى الوراء، وكأن نظريات وحدة البشرية، وفتح الحدود، وتحرير الحركة، ونزع الحواجز في سبيل رفاهية الإنسان لم تولد يوماً.
من مفارقات زمننا العجائبي أن يصبح شي جينبينغ، أكبر متحمس للعولمة ومنافح عنها لأنها كما يسميها «تيار العصر». ومن الطبيعي أن يجد النهر الكبير تيارات معاكسة في طريقه نحو البحر، غير أن أي تيار معاكس يعجز عن تغيير مجرى النهر. إن القوة الدافعة تدفع النهر، والمقاومة تجعله أقوى. هكذا يرفض الرئيس الصيني الخضوع لمنطق الاستسلام لموت نظام اقتصادي، تحولت بلاده من ألدّ أعدائه إلى أكبر المستفيدين منه، بفضل ديناميكيتها، وقدرتها على بناء توازنات، لا تزال غير مقنعة لكثيرين.
واحد من أهم قوانين إسحاق نيوتن الفيزيائية، هو قانون الفعل ورد الفعل، الذي مفاده أن «لكل فعل ردة فعل مساوية له في المقدار ومعاكسة له في الاتجاه». وما نعيشه هو رد فعل على انفتاح استثنائي في حجمه، وحركة للبشر غير مسبوقة، وتبادلات بكميات قياسية، ورفاهية فاقت التوقع، وإسراف وتبذير، وتداخل بين الأمم، وصل إلى حد صعوبة تشييد حواجز من دون إحداث انهيارات مميتة.
فليس بمقدور زعيم بلد، اعتبر العولمة عقيدة حياة، أن يستفيق صباح اليوم التالي، معلناً انتهاء المرحلة، فتلك كارثة عظمى. يحكى عن الجوع والفاقة اللتين تنتظران الشعوب الفقيرة، لكن لا يقال كثيراً إن القرارات الكبرى التي تتخذ اليوم، ستنعكس كوارث على العالم أجمع.
طائرة «إيرباص»، الأشهر في العالم، تركب كقطع بزل في مصانع ضخمة على مشارف مدينة تولوز الفرنسية، لكن أجزاءها تأتي جاهزة مما يقارب ثلاثين دولة حول العالم، بينها الصين وأميركا. تليفون «آيفون» العزيز على قلوبنا، أميركي يصنع في الصين، حيث لا يتوفر من مستلزماته سوى أقل من خمسة في المائة، وكي يصبح على ما نراه بحاجة إلى لملمة جزيئاته من أرجاء العالم. «مرسيدس» لها مصانع في القارات، وهي أيضاً تجوب قطعها البحار والمحيطات والفضاءات، كي تباع بالسعر الذي نعرفه، وإلا فستكون شيئاً آخر. هذا البحث المضني لمائة سنة متواصلة عن السبل الأنجع لتوفير احتياجات مدهشة في كفاءتها، وبأسعار مقبولة، هو جهد إنساني عظيم، وليس عبقرية غربية فقط.
زلزال الحروب والوباء والانتهازية التجارية والرقمية التي استفاد منها حفنة من المقامرين بمصير البشر، عاثوا فساداً وفجوراً، كل هذا سيرغم الجميع على إعادة التفكير في السلوك البشري المعولم، وتصحيح المسار. أكاد لا أعرف مفكراً جديراً بالقراءة لم يحذر من لحظة «الأبوكليبس» هذه. لكن الآذان الصماء، وهي غارقة بملياراتها، لم تسمع النداءات.
«العولمة»، لم تمت، تترنح ولن تسقط. المسار يتعثر، لأن عجائز السياسة والاقتصاد، يتعاملون في القرن الحادي والعشرين بمنطق ما قبل الرقمية، وقبل فتح الفضاءات، يعودون بالغوغاء إلى شعارات الحمائية القاتلة، يحرضون على العنصرية، وتلك عاصفة لن تكون سهلة.
العولمة لها وجه اقتصادي، وهو غاية في الأهمية، لكنها بدأت كنتيجة تلقائية، لولادة عالم الشبكات، من شبكات الطرق السريعة، إلى سكك القطارات، والتليفونات، وشبكة الطائرات، والبواخر الضخمة التي تمخر عباب المحيطات، ومن ثم جاءت شبكة الإنترنت التي توجت كل هذا. العولمة هي مجموع هذه الشبكات الأخطبوطية، وما أثمرته من تفاعل بين الأمم.
قد لا تكون مخطئة الصين حين ركّزت على مشروع «الحزام والطريق»، معتمدة على البحر والبر، المسلكين الأكثر أمناً وما لا تتحدث عنه كثيراً هو تمدد من نوع آخر، مع الجيل الخامس، وغزو الفضاء.
«العولمة» كالفينيق، تحترق وتعاود الانبعاث، وإلى حينها درب الجلجلة طويل وشائك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عجائز العولمة عجائز العولمة



GMT 22:27 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

تل أبيب ــ دمشق... سقوط الضمانات

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:20 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 09:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع
المغرب اليوم - المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع

GMT 13:38 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

نيللي كريم تجتمع مع روبي وكندة علوش في "جاني في المنام"
المغرب اليوم - نيللي كريم تجتمع مع روبي وكندة علوش في

GMT 18:10 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 09:12 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

لاعبو منتخب "الأسود" يؤكدوا ثقتهم في الركراكي

GMT 08:54 2023 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

العام الحالي 2023 الأكثر حرّاً في التاريخ المسجّل

GMT 16:07 2023 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

علماء الآثار يزعمون اكتشاف "خريطة كنز عملاقة"

GMT 05:19 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زينّي حديقة منزلك بـ"فانوس الإضاءة الرومانسي"

GMT 09:00 2018 الثلاثاء ,12 حزيران / يونيو

" ديور " تطرح ساعات مرصعة بالألماس

GMT 18:37 2016 الأحد ,03 إبريل / نيسان

شيرى عادل فى كواليس تصوير "بنات سوبر مان"

GMT 02:51 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

شيرين سعيدة بنجاح "سابع جار" ودورها في "عائلة زيزو"

GMT 08:44 2016 الثلاثاء ,27 أيلول / سبتمبر

لائحة مغربيات لمعت أسماؤهن في سماء الموضة العالمية

GMT 10:55 2016 الخميس ,21 تموز / يوليو

ماريو غوتزه ينضم إلى بروسيا دورتموند رسمياً
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib