بقلم: راجح خوري
قبل أيام اشتعلت النار في الطبقة الثانية فوق احدى محطات البنزين، وسارع أهالي الحي والقاطنون قرب المحطة الى الهروب من منازلهم، بعدما عرفوا ان في خزانات المحطة مئتي الف ليتر من البنزين، يمكن ان تفجر المنطقة كلها. هذه الحادثة إضافة الى الكميات التي يتبيّن يومياً انها مخزنة في المحطات، التي لا تبيع البنزين بانتظار رفع الإسعار، ليست سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد!
دفع المصرف المركزي حتى الآن ما يصل الى ثمانية مليارات دولار على سياسة الدعم التي قررتها الحكومة الغبية، لكن الفائدة ذهبت الى التجار والحيتان والمحتكرين وليس الى المواطنين، وقياساً بهذا المبلغ الضخم وبما يتم اكتشافه يومياً من تخزين البنزين والمازوت، إضافة الى ما يتم تهريبه عبر قوى نافذة الى سوريا، يمكن القول ان لبنان يعوم على بحيرة من البنزين والمازوت، وان الكارثة المؤلمة التي حصلت في التليل يمكن ان تتكرر في امكنة كثيرة، بعدما شاهدنا على الشاشات اقبية مليئة بغالونات البنزين وال#محروقات.
شاهد الناس على مواقع التواصل الاجتماعي كميات من براميل المازوت قيل انها مخزنة لدى أبناء زعيم طرابلسي كبير، ولم تتحرك الدولة للتحقق من الأمر، ومن الواضح جداً ان كارتيل مستوردي المشتقات النفطية منذ عشرات الأعوام، الذين يعرفون كيف يضعون أيديهم في افواه شركائهم السياسيين، ضماناً لاستمرار سيطرتهم على هذا القطاع، نعم من الواضح ان خزانات هذا الكارتيل ممتلئة تُفتح وتُقفل وفق ارتفاع الأسعار.ولقد نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي عشرات الصور والقصص عن تخزين التجار وحتى بعض السياسيين النافذين، ملايين الليترات من البنزين والمازوت، في عملية احتكار طمعاً بزيادة الربح بسبب ازمة الإنقطاع المفتعل غالباً للوقود في المحطات.
امس نُشر ان الجيش صادر عشرات آلاف الليترات من المازوت والبنزين في عشرات الأمكنة، وعلى ذمة مواقع التواصل الاجتماعي، انه بعدما دهم الجيش اللبناني محطة مرتضى في رياق التي يملكها وزير الثقافة والزراعة عباس مرتضى وتمت مصادرة 65000 الف ليتر من المواد المخزنة من المازوت، أجبِر الجيش على ان يردّ المواد الى المحطة بعد أمر من الوزير، ولن نصدق، وعلى ذمة مواقع التواصل الاجتماعي انه بعد استخراج كميات كبيرة من المحروقات من عند مدير مكتب محمد رعد في الدوير، دهم الجيش محطة عطية لصاحبها ديب عطية مسؤول "حزب الله" في كفرا وعثر على كميات هائلة من المازوت، كما عثر على 300000 الف ليتر مازوت عند فايز علي الطقش شقيق نائب الحزب السابق جمال الطقش في بعلبك، فهل نصدق؟
وعثر الجيش أيضا على مستودعات من البنزين والمازوت في زوق مصبح وجبيل والزهراني وطرابلس، وقرب المطار وفي دير قوبل وغيرها.
طبعاً لا يمكن ان يتبنى المرء كل هذا، ولكن من المؤكد انه اذا واصل الجيش عمليات دهم المحطات وأماكن تخزين المحروقات، فليس كثيراً القول ان لبنان يعوم على بحيرة من النفط، قياساً بحجم المبلغ الذي دفعه المصرف المركزي من ودائع الناس وهو ثمانية مليارات دولار، منذ بدء مسخرة عملية الدعم التي استفاد منها التجار والحيتان والسياسيون وليس المواطن اللبناني.
ولأننا وصلنا الى حدود الانفجار ليصبح لبنان مثل التليل تماماً، يحاول العهد وصهره جعل رياض سلامة كبش محرقة، وكأنه مسؤول عن الأزمة والخراب، في حين ان الدولة المسخرة لم تفعل شيئاً منذ اشهر كما يجري اليوم على يد القوى الأمنية ولوقف التجار والمحتكرين والمهربين الى سوريا عند حدّهم.