هل من انتفاضة فلسطينية ثالثة

هل من انتفاضة فلسطينية ثالثة؟

المغرب اليوم -

هل من انتفاضة فلسطينية ثالثة

ناصيف حتّي
بقلم: الدكتور ناصيف حتّي

سؤال يُطرح بقوة مع التطورات الحاصلة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبشكل خاص في الضفة الغربية. وللتذكير بداية، فإن الانتفاضة الأولى (انتفاضة الحجارة) انطلقت في أواخر عام 1987 وانتهت أو همدت في سبتمبر (أيلول) 1993 مع الآمال التي حملها حينذاك اتفاق إعلان المبادئ الفلسطيني - الإسرائيلي (اتفاق أوسلو). الانتفاضة الثانية التي عرفت بانتفاضة الأقصى ولدت في سبتمبر 2000، غداة تراكم خيبات الأمل من عدم حصول أي تقدم في مسار أوسلو وفشل القمة الثلاثية في كامب ديفيد التي جمعت «بضيافة» الرئيس الأميركي بيل كلينتون الرئيس ياسر عرفات ورئيس وزراء إسرائيل إيهود باراك. وجاء صاعق التفجير مع دخول أرييل شارون وحراسه إلى باحة المسجد الأقصى في 28 سبتمبر وما مثله ذلك من تعدٍ إسرائيلي على الأماكن المقدسة.
جملة من المؤشرات تدفع باتجاه انفجار الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة في ظل تزايد أعمال المقاومة بأشكال ووسائل مختلفة يقوم بها بشكل أساسي جيل فلسطيني شاب مجمله غير منتمٍ إلى التنظيمات الفلسطينية الرئيسية المعروفة، وبالتالي لا يخضع لاستراتيجيتها أو لحساباتها السياسية في هذا الخصوص.
أولاً، غياب أي أفق جدي وواقعي لإعادة إحياء مسار التسوية السلمية بسبب التوترات والصراعات العديدة في المنطقة التي أوجدت أولويات ضاغطة وحيوية بالنسبة للقوى الرئيسية في المنطقة وأسقطت بالتالي القضية الفلسطينية عن جدول الأولويات الإقليمية. حالة الانسداد السياسي التي يعيشها الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال والتدهور الحاد في الظروف المعيشية أيضاً من العناصر الدافعة نحو قيام الانتفاضة الثالثة.
ثانياً، ساهمت بذلك الحالة التي تعيشها المؤسسة السياسية الفلسطينية بكافة أطرافها ومكوناتها الرسمية وغير الرسمية وفي طبيعة العلاقات بين هذه الأطراف والمكونات مما زاد من حالة التبعثر، وبالتالي التهميش وفقدان أو غياب القدرة على بلورة استراتيجية وطنية جامعة تكون فاعلة ومؤثرة على الصعيدين الفلسطيني والخارجي... استراتيجية تخدم قضية التسوية السلمية المطلوبة والمعروفة وفق مبادرة السلام العربية الصادرة عن القمة العربية في بيروت منذ عقدين من الزمن.
ثالثاً، سياسة إسرائيلية ناشطة وفاعلة عسكرياً وأمنياً وسياسياً واقتصادياً تعمل على الأرض لقتل أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية مستقلة مستقبلاً في الأراضي المحتلة عام 1967 كأساس للتسوية الشاملة والعادلة والدائمة.
رابعاً، سيطرة اليمين الإسرائيلي المتشدد بشقيه الديني والاستراتيجي، في السياسة الإسرائيلية، حيث تمثل هذه الرؤية العنصر المشترك بين المتنافسين في السنوات الأخيرة على السلطة وكما نشهد حالياً عشية الانتخابات القادمة. التسوية حسب هذه الرؤية تقوم على شعار رفعه يائير لبيد عنوانه الاقتصاد مقابل السلام وعلى التأكيد بأن إسرائيل لن توقف الاستيطان.
خامساً، تغير الأولويات الدولية مع تداعيات أزمة جائحة «كوفيد» والصراع المتعدد الأطراف والأوجه والأبعاد والاحتمالات الذي انفجر مع الحرب في أوكرانيا، أسقط بشكل شبه كلي، وقد ساهم في ذلك ما ذكرناه سابقاً من عوامل، القضية الفلسطينية عن جدول الاهتمامات الدولية الضاغطة.
إن المطلوب ليس فقط من وجهة نظر مبدئية وشرعية دولية، بل واقعية ومصلحية لما من انفجار، إذا حصل في الأراضي الفلسطينية من تداعيات تتعدى الجغرافيا الفلسطينية من حيث التوترات وخلط الأوراق، العمل على إعادة إحياء مسار التسوية السياسية حسب المرجعيات الأممية والقانونية الدولية المعروفة والتي قامت على أساسها مبادرة السلام العربية.
مبادرة الجزائر التي نتج عنها مبادئ للمصالحة الفلسطينية من المنتظر أن تجري مواكبة عربية أو كما سماها البعض عملية «تعريب» تنفيذها من خلال إشراف عربي يتم التوصل إليه في قمة الجزائر في مطلع الشهر المقبل، أمر أكثر من ضروري. ولكن المطلوب أيضاً أن تنبثق عن مداولات القمة، التي تنعقد في خضم تحديات عديدة ومختلفة يعيشها العالم العربي، خطة عمل لإعادة إحياء عملية السلام بشكل فاعل وتدرجي، رغم الظروف الدولية والإقليمية المعقدة والصعبة؛ لأن في ذلك أيضاً ليس فقط الدفع نحو التسوية العادلة للقضية الفلسطينية، بل أيضاً نزع فتيل أساسي للتوتر والانفجار في المنطقة وكذلك لخدمة الاستقرار الإقليمي وتعزيزه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل من انتفاضة فلسطينية ثالثة هل من انتفاضة فلسطينية ثالثة



GMT 07:04 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

وزن تأريخ الأردن في التوجيهي 4 علامات.. أيعقل هذا ؟!

GMT 07:01 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 06:58 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

GMT 06:54 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والصراع على الإسلام

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 03:07 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الولايات المتحدة تسجل أول وفاة بشرية بسبب إنفلونزا الطيور
المغرب اليوم - الولايات المتحدة تسجل أول وفاة بشرية بسبب إنفلونزا الطيور

GMT 15:40 2022 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انخفاض أسعار النفط بعد بيانات عن إنتاج الخام الأمريكي

GMT 15:58 2022 الإثنين ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهم اليابان تحقق مكاسب طفيفة بتأثير من مخاوف رفع الفائدة

GMT 21:29 2022 الأربعاء ,26 كانون الثاني / يناير

الأمن المغربي يطيح بسارق وكالة بنكية في مدينة فاس

GMT 04:02 2022 الأحد ,16 كانون الثاني / يناير

الرجاء المغربي يقدم عرضا رسميا لضم اللاعب حمزة خابا

GMT 20:31 2021 الجمعة ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الإصابة تُبعد نوير عن مواجهة رومانيا في تصفيات المونديال

GMT 02:28 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل 11 شخصًا إثر أعمال عنف في ساحل العاج

GMT 13:09 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل الرحلات البحرية من المغرب إلى إسبانيا‬

GMT 00:29 2020 الجمعة ,02 تشرين الأول / أكتوبر

التحقيقات في المغرب تكشف تورط "راق شرعي" في جريمة زاكورة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib