ما جرى وقد يجري في موسكو مع أزمة «فاغنر»

ما جرى وقد يجري في موسكو مع أزمة «فاغنر»

المغرب اليوم -

ما جرى وقد يجري في موسكو مع أزمة «فاغنر»

ناصيف حتّي
بقلم: الدكتور ناصيف حتّي

استعراض القوة الذي قامت به ميليشيات «فاغنر» في روسيا، بقيادة رئيسها ومؤسسها يفغيني بريغوجين، سواء كان ما حصل محاولة انقلابية أوقفت أو أفشلت في بداياتها أم محاولة عرض عضلات وتوجيه رسائل ولو دونها الكثير من المخاطر، لاقتطاع حصة أكبر من قالب حلوى السلطة وتحديداً المؤسسة العسكرية، انتهى بتسوية قد تكون موقتة. تسوية تلافت حصول صدام عسكري لم يكن من الممكن التنبؤ بتداعياته المباشرة واللاحقة. منذ البداية كان واضحاً أن قيادة «فاغنر» اعتبرت أن صراعها هو مع وزير الدفاع وقيادة الأركان وليس مع السلطة السياسية؛ سلطة الرئيس بوتين. صراع يحكمه ازدياد الحدة في تنافس المصالح والأدوار مع ازدياد دور «فاغنر» على الصعيد الدولي في الأماكن الساخنة. ويذكر البعض في هذا الصدد بالصراع الذي انفجر قتالاً في السودان بين الجيش وبين «قوات التدخل السريع» وذلك في إطار المقارنة مع قياس الفارق.

التاريخ الحديث يشهد على الصراعات بين القوة العسكرية الرسمية وبين الميليشيا، أياً كان الاسم الذي تحمله أو الدور الذي تقوم به هذه الأخيرة في دول عديدة عانت من صراعات من هذا النوع في الماضي. التسوية أو الإخراج الذي جاء به الرئيس الروسي عبر حليفه الاستراتيجي، رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو، لاحتضان قوات «فاغنر» كان بمثابة خيار ثالث إلى جانب خيارين أعلن عنهما الرئيس بوتين وهما الانضمام إلى المؤسسة العسكرية أياً كانت فروعها أو الذهاب إلى البيت بالنسبة للمقاتلين.

ما حصل ليس نهاية مسار لـ«فاغنر» أو للعلاقة بين السلطات الروسية وبين الميليشيا. تلك التي شكلت الذراع العسكرية لروسيا في أماكن عديدة في العالم وبخاصة في النقاط الساخنة في الشرق الأوسط وتحديداً في سوريا، وكذلك الأمر في أفريقيا في كل من السودان ومالي وليبيا وأفريقيا الوسطى، مع تمدد مستمر لهذا الدور في القارة السمراء، إلى أوروبا في الحرب الدائرة في أوكرانيا. ويرى أكثر من مراقب أن تموضع فاغنر في بيلاروسيا قد يهيئ لأدوار أخرى مستقبلاً في بعض الدول الأوروبية المحاذية «للمقر الجديد» لهذه القوات، وذلك بالتنسيق بين الجارين الحليفين. وللتذكير فقد بدأت «فاغنر» نشاطاتها عام 2014 مع إعلان روسيا عن ضمها لشبه جزيرة القرم وانفجار الصراع مع أوكرانيا.

ويقول أكثر من مراقب إنه إذا كانت الورقة الاقتصادية هي ذراع الصين الشعبية للدخول القوي إلى أفريقيا فإن «فاغنر» هي الورقة العسكرية الأمنية لروسيا وريثة الاتحاد السوفياتي لإعادة صوغ دورها ونفوذها في القارة الأفريقية. القارة التي صارت لأهميتها المتزايدة في الجغرافيتين الاستراتيجية والاقتصادية ملعباً للتنافس بين القوى العظمى والكبرى وبشكل خاص الولايات المتحدة الأميركية وروسيا الاتحادية والصين الشعبية.

وقد وجه وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف رسالة واضحة وهامة في هذا المجال، قائلاً إن «فاغنر» ستستمر في دورها في مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى وأماكن أخرى بالطبع.

ففي ليبيا مثلاً، هنالك تقاطع مصالح بين دول عربية صديقة للغرب وروسيا فيما يتعلق بطبيعة السلطة التي يجب قيامها والتي تساهم حرب «فاغنر» في «مسرح المواجهة» في ليبيا في دعم ذلك على أرض الصراع.

إن إعادة ترتيب العلاقات في البيت الروسي، وبشكل خاص في الشق الأمني العسكري وبالتنسيق الواضح، تسهيلاً للأمور عندما تدعو الحاجة كما شاهدنا، مع الحليف الاستراتيجي البيلاروسي، هي عنوان المرحلة المقبلة غداة رسالة العصيان التي وجهتها «فاغنر». رسالة وصلت إلى أصحابها ويجري التعامل معها، لإعادة ترتيب لهذه العلاقة والإمساك بشكل أفضل بتلك «الورقة» وتطويعها وليس لإلغائها، مع ما لذلك من تداعيات مستقبلاً على الدور والوزن والمكانة لهذه الأداة العسكرية ذات الوظيفة الاستراتيجية لموسكو في بقاع مختلفة من العالم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما جرى وقد يجري في موسكو مع أزمة «فاغنر» ما جرى وقد يجري في موسكو مع أزمة «فاغنر»



GMT 07:04 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

وزن تأريخ الأردن في التوجيهي 4 علامات.. أيعقل هذا ؟!

GMT 07:01 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 06:58 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

GMT 06:54 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والصراع على الإسلام

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 03:07 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الولايات المتحدة تسجل أول وفاة بشرية بسبب إنفلونزا الطيور
المغرب اليوم - الولايات المتحدة تسجل أول وفاة بشرية بسبب إنفلونزا الطيور

GMT 15:40 2022 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انخفاض أسعار النفط بعد بيانات عن إنتاج الخام الأمريكي

GMT 15:58 2022 الإثنين ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهم اليابان تحقق مكاسب طفيفة بتأثير من مخاوف رفع الفائدة

GMT 21:29 2022 الأربعاء ,26 كانون الثاني / يناير

الأمن المغربي يطيح بسارق وكالة بنكية في مدينة فاس

GMT 04:02 2022 الأحد ,16 كانون الثاني / يناير

الرجاء المغربي يقدم عرضا رسميا لضم اللاعب حمزة خابا

GMT 20:31 2021 الجمعة ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الإصابة تُبعد نوير عن مواجهة رومانيا في تصفيات المونديال

GMT 02:28 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل 11 شخصًا إثر أعمال عنف في ساحل العاج

GMT 13:09 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل الرحلات البحرية من المغرب إلى إسبانيا‬

GMT 00:29 2020 الجمعة ,02 تشرين الأول / أكتوبر

التحقيقات في المغرب تكشف تورط "راق شرعي" في جريمة زاكورة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib