مئوية علي إسماعيل

مئوية علي إسماعيل

المغرب اليوم -

مئوية علي إسماعيل

خالد منتصر
بقلم : خالد منتصر

نداء إلى وزيرة الثقافة، وأثق فى استجابتها لهذا النداء، لأنها فنانة باليه فى الأساس، وإحساسها الموسيقى فى منتهى الرُّقى والرهافة، ولذلك تعرف قدر فنان بحجم على إسماعيل، فى ديسمبر هذا العام تحل ذكرى ميلاد على إسماعيل المائة، وأثق فى استجابة الوزيرة لهذا النداء باحتفال يليق بهذه القامة العملاقة.

من هو على إسماعيل؟

أسهم الموسيقار العبقرى على إسماعيل فى تشكيل وجدانى ووجدان جيلى من خلال بصمات محفورة، مثل الوشم فى العقل والروح، فهو ليس مجرد ملحن عابر أو موزع منفّذ أو موسيقار حرفى، لكنه حالة موسيقية وإعصار لحنى وفيضان نغمى قل أن يجود الزمان بمثله، يكفى أن تعرف أن صانع كل هذا المجد، وكل هذا الكم من الإبداع رحل عنا وهو فى بدايات الخمسينات من عمره. على إسماعيل هو قطعة الماس التى لها ألف وجه وزاوية، ملحن لم يرضَ بقميص التلحين الضيّق الذى سيُكتّفه رغم أن فرصته مع صديقه عبدالحليم بدأت مبكراً فى أغنية «يا عاشقين يا مغرمين»، موزع موسيقى عبقرى كان الملحنون يسلمونه اللحن أو الميلودى الأساسى ويقولون له «عيش يا على»، كانوا متأكدين أنه سيهضم ويتمثل ويمتص الرحيق ليُفرز عسلاً فنياً له طعم وختم ومذاق على إسماعيل، لا أحد يعرف مثلاً أن بداية الجملة الافتتاحية لأغنية «أنا كل ما أقول التوبة» هى من صُنع وصياغة على إسماعيل، تطبيقاً لمبدأ «عيش» التى همس بها له بليغ، ولأنه تلميذ مُبدع حريف آخر وهو أندريا رايدر، فقد أهدى السينما المصرية الموسيقى التصويرية لأكثر من 360 فيلماً، وهو رقم ضخم ورهيب والمدهش أن الكم لم يؤثر على الكيف أبداً فى تلك الأفلام، من منا لا يتذكر موسيقى الأيدى الناعمة أو السفيرة عزيزة أو الاختيار.. إلخ، أما الأرض فموسيقاه وأغنيته «الأرض لو عطشانة» فهى بمثابة الأيقونة التى سرق لمعانها العيون، فترسخت فى ذاكرة المشاهد أكثر من عناصر الفيلم الأخرى، كانت نبوءته فى فيلم «العصفور» بأننا سننتصر مصدر دهشة لكل المثقفين اليائسين المحبطين عندما وضع موسيقى الفيلم الذى تم إخراجه قبل انتصار أكتوبر، رايحين فى إيدنا سلاح راجعين رافعين رايات النصر!، داهمته أول أزمة قلبية بعد هزيمة 1967، دمرته وأربكته الهزيمة وأدخلته فى دوامة اكتئاب عدمية سوداوية أحس معها باللاجدوى فخرج «الطشت قاللى»!! التى هوجم العبقرى على إسماعيل بسببها حتى خرج من قُمقم الإحباط، وجاء الرد قوياً بألحان 73، أما فرقة رضا فهى العشق والغرام والتجربة المتفرّدة. لبنات بناء وجدان جيلنا الموسيقى فيها «حلاوة شمسنا والأقصر بلدنا» وكل رقصات فرقة رضا التى كانت بمثابة سفارة مصر الراقصة فى كل بلاد العالم.

على إسماعيل فنان بدرجة مغامر وموسيقار بدرجة جواهرجى، يعشق اكتشاف الجواهر المدفونة، قدم الثلاثى المرح فى تجربة كانت جديدة من حيث الشكل والمضمون ونجحت المغامرة، قدم الموسيقى الشرقية بطعم الأوركسترا الغربى، وروض الآلات الغربية المتأنقة وجعلها ترقص على أنغام الطبلة وتبكى مع الناى، ظل يعطى ظهره للجمهور كمايسترو، ولكنه منح هذا الجمهور قلبه وكل كيانه وروحه.

مات وهو يعمل، كان يحضر لرحلة سفر إلى روسيا فى الوقت نفسه الذى يُجهز فيه موسيقى فيلم «مولد يا دنيا» ومسرحية «كباريه»، أثناء حوار المخرج حسين كمال الحماسى معه محرّضاً لاستكمال موسيقى الفيلم قبل سفره، مالت رأس على إسماعيل إلى الأمام وكأنه يخطف سنة نوم وغفوة نعاس، ظنها حسين كمال مقلباً من مقالب على إسماعيل الكوميدية التى لا تنتهى، لكنها كانت النهاية وكان الرحيل، وكأنه كان يغنى رايحين شايلين فى قلوبنا أمل، لكن مش راجعين تانى شايلين رايات الفرح، فقد ترك على إسماعيل الفرح والبهجة فى قلوب المصريين، هو لن يرجع لأنه ماراحش أصلاً من قلوب محبيه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مئوية علي إسماعيل مئوية علي إسماعيل



GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

GMT 21:25 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الفعل السياسي الأكثر إثارة

GMT 06:07 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الجديد... أي أميركا ننتظر؟

GMT 04:35 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تتهدّد الحربُ الأهليّة لبنان؟

GMT 19:26 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأمريكية

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 08:38 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها
المغرب اليوم - ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها

GMT 15:54 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل
المغرب اليوم - حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل

GMT 10:33 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أستراليا تحظر السوشيال ميديا لمن دون 16 عاماً
المغرب اليوم - أستراليا تحظر السوشيال ميديا لمن دون 16 عاماً

GMT 17:36 2012 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

مجموعة للعناية بالشعر وتقويته

GMT 12:24 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

أولمبيك آسفي يخطط لضم 4 لاعبين في الميركاتو

GMT 17:23 2016 الثلاثاء ,12 إبريل / نيسان

مشوار المنتخب السعودي في تصفيات كأس العالم 2018

GMT 02:35 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

عفاف شعيب سيدة شعبية في مسلسل "فوق السحاب"

GMT 19:13 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

Jacob & Co"" تطرح مجموعة جديدة من المجوهرات الفاخرة

GMT 05:15 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

موقع الواجهة البحرية في "رامسغيت" يتحول إلى إبداع فني

GMT 10:01 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

آخر الاتجاهات المميزة في عالم الموضة لعام 2018

GMT 05:26 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أبرز أسباب انتشار قشرة الشعر خلال موسم الشتاء

GMT 15:25 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف لاعب كرة إكوادوري أربعة مواسم بسبب المنشطات

GMT 11:31 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

الاسباني فيليبي السادس يستعد لزيارة المملكة المغربية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib