بقلم : خالد منتصر
حدثان خلال 24 ساعة، الأول عزف الموسيقار عمر خيرت فى مهرجان القلعة، والثانى حل مشكلة ناقلة البترول التى جنحت وشحطت عند نفق أحمد حمدى فى ساعات قليلة وبعد منتصف الليل بنصف ساعة، كل حدث فيهما بث التفاؤل والأمل فى هذا الوطن، وأثبت أن مصر من الممكن أن تمرض لكنها لن تموت.
ليست صدفة أن عمر خيرت هو الذى عزف فى احتفالية قناة السويس الجديدة، وكان حفلاً رائعاً على ضفاف القناة، فالحدثان ربما رتبهما القدر معاً.
لماذا فرحت بعزف عمر خيرت فى محكى القلعة؟ السبب هو أن عمر خيرت فى الأوبرا كان مرتبطاً بارتفاع ثمن التذاكر وعدم قدرة البسطاء على دخول الحفلة، ووقوع التذاكر فى فخ السوق السوداء ونفادها بعد نصف ساعة من نزولها على الموقع.
باختصار كانت هناك صعوبات، وصارت الكرافتات والبدل والجو المتأنق حاجزاً بين متوسطى الحال وموسيقى عمر خيرت، حتى ظننا أن هذا الموسيقار المبدع الجميل قد صار ملكاً وحكراً لكريمة الكريمة من الطبقة المخملية، حتى فوجئنا بعمر خيرت نفسه الذى أعرفه وأعرف تواضعه وبساطته عن قرب يعلن عن أنه سيعزف فى الحفل الختامى! صار الرجل الفقير بعشرين جنيهاً فقط يستطيع الاستماع إلى عمر خيرت وجهاً لوجه، بالجلابية أو بالقميص والبنطلون أو بالبلوزة والكارينا، ويصفق ويتمايل ويغنى ويرقص على أنغام عمر خيرت، بدون تكليف أو حواجز.
فرحت بهذا الزحام الرهيب الذى خرج عمر خيرت منه بصعوبة بالغة بعد نهاية الحفل، كانت مظاهرة حب لن ينساها خيرت ولن ننساها نحن أيضاً.
نأتى إلى الحدث الجميل الثانى، الذى ما إن تناولته وكالات الأنباء حتى خرجت ثعابين الشر من جحورها تندب وتشمت معلنة إغلاق مجرى قناة السويس، يقولونها بمنتهى الفرحة وكأنهم حرروا القدس، ناقلة بترول ضخمة شحطت عند نفق أحمد حمدى، لم أشاهد هلعاً أو عشوائية، هناك لجنة إدارة أزمة أخذت الخبرة مما حدث مع السفينة إيفرجيفن التى تم تعويمها فى ستة أيام فقط، وهو وقت قياسى.
وهناك رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع بمنتهى الهدوء ورباطة الجأش تعامل مع الأمر، وفى زمن قياسى تم استكمال عبور الناقلة وفتح المجرى الملاحى، لطم المتربصون، وصرخ الشامتون، وحدثت كبسة ما بعدها كبسة للإخوان الذين ما زالوا يحلمون بالعودة!! قباطنة وعمال وإدارة تحركات وخطة موضوعة بمنتهى الدقة والصرامة.
فرحت لأننا أصبحنا نتعلم الدروس ولا نبدأ من الزيرو ودائماً نطمح للإجادة والاقتراب من الكمال والإتقان، لم يعد يصيبنا اليأس، تعلمنا المعافرة بالعقل والمنطق، نخطط للمستقبل وهذا ظاهر فى توسيع المجرى الملاحى فى مكان مشكلة إيفرجيفن الآن.
نحاول أن نخاصم كمجتمع العشوائية، ومثلما فعل وأنجز الفريق مهاب مميش صاحب البصمات المتميزة من قبل معجزة حفر القناة الجديدة فى سنة، هيئة قناة السويس الآن تستمد نفس الروح وتنجز كل المهام فى أوقات قياسية.
شكراً لكل من يمنحنا لحظة فرح فى زمن بخيل.