المواطنة وحرب أكتوبر

المواطنة وحرب أكتوبر

المغرب اليوم -

المواطنة وحرب أكتوبر

خالد منتصر
بقلم : خالد منتصر

هل كان سيحدث اقتحام خط بارليف لو كنا قد طبقنا نظرية الولاء والبراء، وسمعنا كلام الطائفية العنصرية الذى تبثه تيارات الفاشية الدينية والإسلام السياسى عن وجوب عدم موالاة المسيحى، ومنعه من تولى الوظائف القيادية ورفض التحاقه بالجيش والاكتفاء بدفعه للجزية؟

الإجابة هى لا، لسبب بسيط، وهو أن صاحب فكرة هدم الساتر الترابى بخراطيم المياه هو الضابط المهندس المسيحى باقى زكى يوسف، الذى كان برتبة مقدم آنذاك، أدعوكم بمناسبة ذكرى حرب أكتوبر لقراءة قصته بلسانه ومن خلال حكيه، لعل الأجيال تتذكر وتفيق من الغيبوبة.

يقول اللواء باقى زكي: «فى أبريل 1964، انتُدبت للعمل فى السد العالى من القوات المسلحة، والأعمال هناك كانت كلها تتم بنظام معين، وبتكنولوجيا معينة، السد العالى كان عبارة عن رمل وزلط وحجر، وفى 5 يونيو 1967 حدثت النكسة، فقررت القوات المسلحة آنذاك إنهاء عمل كل الضباط المنتدبين فى الخارج فى كل المؤسسات الحكومية.

وعُدت مرة أخرى للقوات المسلحة، وتم تعيينى رئيس مركبات فى أحد التشكيلات التى كانت موجودة غرب قناة السويس.

وبطبيعة عملى كنت أمر على صف عربات الوحدة التابعة للتشكيل الذى أترأسه، وفى هذا الوقت كان الجيش الإسرائيلى لا يزال فى مرحلة بناء الساتر الترابى الذى كان جزءاً حصيناً من خط بارليف الدفاعى، والذى كان عبارة عن كثبان رملية طبيعية، وكثبان رملية نتيجة حفر القناة على الشاطئ الشرقى للقناة، العدو قام بتعلية هذه السواتر الترابية بتشكيلاتها القديمة والحديثة وأوصلها إلى ارتفاعات تصل إلى 12 أو 20 متراً ارتفاعاً، وبعرض 8 إلى 12 متراً من السويس إلى بورسعيد.

أثناء مرورى بالقرب من هذه المنطقة، كنت أرى الساتر الترابى وهو فى مرحلة البناء، وبدأوا فى تعليته، وجعلوه مائلاً بنسبة 80 درجة حتى يتماشى مع قاع القناة، فأصبح بذلك مانعاً شديداً للغاية بعدما تم وضع ألغام ومفرقعات ومدافع داخله، وخطر على بالى فكرة، أنه لو كان الساتر الترابى فى أسوان، لكانت خراطيم المياه التى تجرف الرمال إلى قاع السد العالى يمكن أن نستفيد منها فى مقاومة هذا الساتر الترابى، وهذا كان أقصى تفكير لى.

فى مايو 1969 جاءتنا الأوامر بعبور قناة السويس، وفى أثناء جلوسى مع قائد الفرقة، عرضت فكرتى الخاصة بالساتر الترابى، وقام رؤساء العمليات بشرح الموقف كاملاً أمام الفرقة بتفاصيل شديدة الدقة، نشأته، طبيعته، مكوناته، التجهيزات الهندسية والقتالية الموجودة فيه، والتجارب التى يمكن إجراؤها للتغلب عليه، والتى كانت كلها نابعة من المدرسة الاستراتيجية العادية التقليدية العالمية، التى كانت ستتم إما بالصواريخ أو المدفعية أو الطيران.

وبتجربة كل هذه الطرق وجدنا أن المدة التى سنستغرقها فى فتح الثغرات فى الساتر الترابى ستكون ما بين 12 إلى 15 ساعة، دون وجود دبابات أو مدفعية تغطى الجنود، المشكلة كانت صعبة للغاية، علاوة على أن الخسائر التقديرية كانت على أقل تقدير قد تصل إلى 20 ألف شهيد على الأقل لحين إتمام هذه المهمة.

قلت للقيادة: الساتر الترابى مبنى فى الأساس على رمل، بتحصينات قديمة ومتوسطة وجديدة وتم وضع كل التحصينات داخله. ويمكن تدميره باستخدام مضخات ماصة كابسة، يتم وضعها على زوارق خفيفة، تسحب المياه من القناة وتضخها على الساتر الترابى مباشرة، خاصة بعد أن قام العدو بتعليته وتمييله.

وعلى رأى المدفعية أصبح فى (السوادة)، أى مرمى المدفع، وأصبح فى حضن مدافع المياه، لأن الساتر الترابى على الحافة وبنفس درجة الميل.

تكريمى الحقيقى كان عندما عشت اللحظة التى رأيت فيها فكرة من أفكارى تنقذ البلد، أنا لا أحتاج بعد هذا لا ورقة ولا شهادة، لأن ربنا أكرمنى جداً بفكرة الساتر الترابى، فبدلاً من 20 ألف شهيد عاد 20 ألف بطل، ربنا منحنى الفكرة ومنحنى حقى تماما.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المواطنة وحرب أكتوبر المواطنة وحرب أكتوبر



GMT 06:07 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الجديد... أي أميركا ننتظر؟

GMT 04:35 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تتهدّد الحربُ الأهليّة لبنان؟

GMT 19:26 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأمريكية

GMT 22:05 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الكل متأخر... سيدي!

GMT 15:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يخشى "حزب الله"... بل يخشى إيران!

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 08:38 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها
المغرب اليوم - ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها

GMT 15:54 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل
المغرب اليوم - حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل

GMT 10:33 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أستراليا تحظر السوشيال ميديا لمن دون 16 عاماً
المغرب اليوم - أستراليا تحظر السوشيال ميديا لمن دون 16 عاماً

GMT 20:04 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وليد الركراكي يكشف مصير حكيم زياش مع المنتخب المغربي

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس الفرنسي وزوجته يزُوران ضريح الملك محمد الخامس

GMT 03:51 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

الكعبي يطارد هداف الدوري اليوناني

GMT 06:49 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي علي نصائح مهمة لتنظيف خزانات المطبخ من الدهون

GMT 20:26 2018 السبت ,05 أيار / مايو

9 أشياء تكرهها حواء في مظهر آدم

GMT 00:06 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

سيمونا هاليب تتصدّر التصنيف العالمي للاعبات التنس

GMT 08:44 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

النجمة لطيفة تعلن أنّ ألبومها الأخير حقّق مبيعات كبيرة

GMT 05:02 2022 الإثنين ,17 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار المحروقات في المغرب تُسجل ارتفاعاً قياسياً

GMT 00:04 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الحديقة السرية في مراكش تفتح أبوابها مجددا في وجه الزوار
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib