سرطان علاقات الحب

سرطان علاقات الحب

المغرب اليوم -

سرطان علاقات الحب

خالد منتصر
بقلم : خالد منتصر

رسائل القاتل محمد عادل، الطالب بكلية آداب المنصورة، إلى زميلته «نيرة»، التي ذبحها أمام الجامعة، تحتاج إلى تحليل مضمون شامل، ولا بد أن يدرسها علماء الاجتماع وعلماء النفس لوضع يدهم على الخلل الذي حدث في الوعي الجمعي لعدد ضخم من الشباب لا يُستهان بحجمه وتأثيره داخل المجتمع المصري، بالطبع لم ولن تنتهي علاقاتهم مع البنات بجريمة ذبح، لكنهم يستخدمون اللغة الفجة العنيفة الخشنة نفسها، ويفكرون في علاقة الحب بالعقلية الاستحواذية نفسها، التي تتعامل مع الأنثى كدمية أو شيء لا بد أن ينضم إلى ممتلكاتي! علاقة «الدكر» بالأنثى، كما وصفها القاتل، وليس علاقة الرجل بالمرأة، فلنقرأ الرسائل ونُحللها بحياد وبرود أكاديمي، وهذه بعض منها:

«بتاعتي وبس يا روح ...، بمزاجك أو غصب عنك، ومفيش مَخلوق حيلمس شَعرة منك غيري، ومفيش دكر هييجي ناحيتك، يبقى حَد كده يقرب لك، أو انتي تقربي لحد، انتي لازم تسمعيني لو غصب عنك».

«والله نهايتك على إيدي يا نيرة، تاني مفيش فايدة، ودِيني لاقتلك، وعَرش ربنا ما سَايبك تتهنِّي لحظة، هَدبحك، وديني لادبَحك، دانا أدبحك أسهل لي، انتي حسابك معايا تقيل أوي، بلاش تزوديها عشان وعهد الله ما هاسيب فيكي حتة سليمة ويبقى حَد غيري يلمس منك شَعرة، صحيح الفترة الجاية اتعلمي ضرب النار، أو شوفي محمد رمضان أو السقا يدربوكي بوكس، علشان نهايتك على إيدي يا نيرة، أهو طالما الدنيا ماجمعتناش تجمعنا الآخرة».

انتهت الاقتباسات، وبدأ دورنا كمثقفين نقرأ المشهد والكلمات بعين الراصد والمتوجس من تسونامي اجتماعي يتعرّض له شباب ريفي بسيط متقوقع في شرنقة حرمان ثقافي وتربية قمع أسري وسيطرة فكر أصولي عنيف متصلب ومطلق لا ينظر إلى الأشياء إلا من زاوية واحدة فقط، ما نلاحظه من تلك الاقتباسات بقراءة أولية سريعة:

١ - الحب مونولوج لا ديالوج، فرمان ذكوري، وعلى الأنثى أن ترضخ للفحل (بتاعتي وبس.. بمزاجك أو غصب عنك.. إلخ).

٢ - وهو يهدد بالذبح يستخدم قاموساً دينياً! منتهى الازدواجية والشيزوفرينيا، وهذا نجده في مئات الآلاف من شباب «الفيس بوك» الذي يدخل ليسبّك بأحقر الألفاظ وأقذرها، ثم تدخل على صفحته فتجدها أذكارًا ودعوات وصورًا للكعبة ونصوصاً دينية وابتهالات! (وديني لاقتلك! وعرش ربنا هدبحك! وعهد الله ما هاسيب فيكي حتة!! تجمعنا الآخرة! إلخ) نفس فكرة تحمُّل الكبت انتظارًا للحور العين.

٣ - التباهي بعضلات الفحولة والتميز العضلي الجسماني الذكوري التي هي هبة التستوستيرون لا الذكاء أو العقل، تحدي أن تتعلم البوكس من محمد رمضان أو السقا، وهي النماذج المترسّخة في ذاكرته للعنف والقتال، وأنها حتى لو تعلمت فنون القتال من هذين النجمين سينتهي بها الحال إلى الذبح، فهو الذكر الأقوى المسلح الذي يجيد استخدام السكين!

٤ - الحب على طريقة حسابات البقالة (حسابك تقل معايا.. إلخ)، من الذي حدد أن هناك حباً من الأساس وأن عليها دفع الحساب؟! هل هي مسئولة عن توهماتك وخيالاتك وهلاوسك وضلالاتك أيها الذكر الطاووسي الذي عليه الأمر والنهي وهي عليها الطاعة والرضوخ والانسحاق؟!

إنها لم تكن مجرد رسائل SMS، إنما كانت صواعق كهرباء لمست فصوص المخ الجماعي المصري فأيقظته وحرّضته على رصد حجم الخطر، رعب أكبر من هذا سوف يجيء إذا لم ننتبه لسرطان العلاقات المريضة بين الولد والبنت، الرجل والمرأة في بلادنا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سرطان علاقات الحب سرطان علاقات الحب



GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

GMT 21:25 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الفعل السياسي الأكثر إثارة

GMT 06:07 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الجديد... أي أميركا ننتظر؟

GMT 04:35 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تتهدّد الحربُ الأهليّة لبنان؟

GMT 19:26 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأمريكية

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 08:38 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها
المغرب اليوم - ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها

GMT 15:54 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل
المغرب اليوم - حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل

GMT 10:33 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أستراليا تحظر السوشيال ميديا لمن دون 16 عاماً
المغرب اليوم - أستراليا تحظر السوشيال ميديا لمن دون 16 عاماً

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 14:06 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 06:17 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 06:27 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أجمل إطلالات نجوى كرم باللون الزهري بدرجاته المختلفة

GMT 21:55 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعزل المحكمة الادارية عزل رئيس المجلس الجماعي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib