بقلم : خالد منتصر
جاءت جائحة كوفيد وجاءت معها اللقاحات ومنافسات الشركات ونقاشات العلماء، طابور من اللقاحات فى سباق محموم لكسب ثقة العالم، كل شركة تعرض مزايا لقاحها، كلما كانت الفاعلية أقوى والآثار الجانبية أضعف، حصل اللقاح على السبق والثقة. من بين تلك اللقاحات التى حصلت على ثقة العالم لقاح جونسون آند جونسون، كان السبب الرئيسى سهولة الاستخدام والتخزين، الجرعة مرة واحدة بدلاً من مرتين كما فى اللقاحات الأخرى التى تمتد إلى أسابيع أو شهور، والتخزين لا يحتاج إلى درجة برودة شديدة مما يناسب الدول النامية التى لا تملك وسائل وإمكانيات التخزين والتبريد الحديثة، كل تلك المزايا جعلت المواطنين، خاصة فى أمريكا، يتجهون إليه، لكن التقرير الذى أصدرته السلطات الصحية الأمريكية بتعليق استخدامه لحين التحقق من العلاقة بين اللقاح وعدد من الوفيات أثار لغطاً كبيراً فى كافة الدوائر العلمية المهتمة بمقاومة هذا الوباء الذى ما زال يسبب للعالم الذعر والفزع.
كانت لجنة خبراء مستقلين قد دعت السلطات الصحية الأمريكية لإصدار توصية لجميع البالغين بإعطاء الأولوية للقاحى «فايزر» و«موديرنا» على اللقاح الأحادى الجرعة، وخلصت لجنة الخبراء إلى هذه الدعوة بناء على بيانات جديدة أكدت إصابة أشخاص تلقوا لقاح «جونسون آند جونسون» بتجلطات دموية، وشددت لجنة الخبراء على وجوب أن يبقى لقاح جونسون متاحاً لا سيما بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعانون من حساسية تمنعهم من تلقى أحد اللقاحين الآخرين أو إذا لم يتوفر لقاح آخر بديل عنه.
ما سبب تلك الضجة؟ السبب أنه قد سُجلت فى الولايات المتحدة 54 حالة تجلط دموية مرتبطة بلقاح «جونسون» من أصل أكثر من 14 مليون جرعة تم إعطاؤها، لكن ماذا عن الفاعلية؟ كان خبراء صحة فى ألمانيا قد أكدوا فى سبتمبر 2021 أن عدداً متزايداً ممن تلقوا لقاح «جونسون آند جونسون» ضد فيروس كورونا أصيبوا بالمرض، وبحسب التقرير الأسبوعى لمعهد روبرت كوخ الألمانى، فقد أصيب حتى ذلك التاريخ 6106 أشخاص بفيروس كورونا رغم حصولهم على البرنامج الكامل من اللقاح الأمريكى، وطبقاً للمعهد، فقد تلقى فى ألمانيا نحو ثلاثة ملايين شخص لقاح «جونسون آند جونسون»، ما يعنى أن لكل مليون حاصل على اللقاح، وقعت 2000 حالة إصابة بالفيروس، بينما وقعت 640 إصابة بالفيروس لكل مليون حاصل على تطعيم فايزر، ولقاح جونسون يحتاج إلى وقت أطول لبناء أجسام مضادة للفيروس، لكن هل هذا يعنى أن أمريكا ستوقف استخدامه؟ قال الخبراء إن هذه التوصية لا تعنى حظر هذا اللقاح فى الولايات المتحدة، إذ إنه سيبقى متاحاً كما ذكرنا وبالأخص للأشخاص الذين لا يمكنهم تلقى لقاحى «فايزر» أو «موديرنا» بسبب الحساسية من تقنية الحمض النووى الريبى المرسال (آر إن إيه) التى يعتمد عليها هذان اللقاحان.