«٣٠ يونيو» وجينات الهوية المصرية

«٣٠ يونيو» وجينات الهوية المصرية

المغرب اليوم -

«٣٠ يونيو» وجينات الهوية المصرية

خالد منتصر
بقلم : خالد منتصر

ما زلت مصراً على أن خروجنا فى ٣٠ يونيو كان خروجاً للحفاظ على هويتنا، وللحفاظ على أن تكون مصر وطناً لا قبيلة، وما زلت أكرر الكلمات التى دونتها وقتها:الشعوب عادة تتظاهر وتخرج فى ثورات من أجل ارتفاع أسعار أو ضائقة اقتصادية أو انعدام كهرباء ومياه... إلخ، لكن الشعب المصرى خالف كل تلك التوقعات وتمرد على كل هذه البديهيات وخرج من أجل فكرة مجردة، من أجل الحفاظ على هوية، من أجل مادته الوراثية الجينية المصرية التى كانوا يريدونها إخوانية إنتاج 1928 وما قبلها باطل قبض الريح، خرج من أجل دى إن إيه ابن البلد المصرى الذى لا يعرف تجهم الإخوان ولا تزمتهم ولا لزوجتهم ولا تقيتهم، المصرى الذى كان يردد دوماً أن الرب رب قلوب، وأن الدين المعاملة وليس التنظيم، الدين المعاملة وليس الطقوس، الدين المعاملة وليس العصابة ولا المرشد ولا حزب الحرية والعدالة، عشرات الملايين خرجت من أجل فكرة، لم تكن تظاهرات فلاسفة أو مظاهرات نخبة أو منتدى ثقافياً، ولكن هذا الخروج كان خروج شعب عفوى رافض للإسلام السياسى وتدخل الدين فى السياسة وتسلط عصابة المرشد على مقدّراته، هذه هى الشرارة العبقرية لثورة يونيو، إنها من أجل فكرة، يحركها هاجس الحفاظ على الهوية المصرية، وهذا ما يجب أن يظل فى الذاكرة، ويحافظ عليه الجميع، ويقبض على جمرته كل مسئول قبل أن يتخذ قراراً يشوه به تلك الهوية أو يستبدل ذقناً بلحية.

كثيراً ما نُخدع فى أن الشعب المصرى قد تم احتلاله بالإسلام السياسى وتخديره بشعاراته، ونكتشف أن تحت تلك القشرة الزائفة ما زالت نواة متماسكة فيها شريط وراثى عمره سبعة آلاف سنة، نكتشف أن طبقات مصر الجيولوجية التاريخية متراكمة ومتداخلة وعميقة، ومن يتعامل مع هذا الشعب على أنه مجرد صفحة مياه ساكنة بدون الغوص فى القاع البركانى المتحرك، هو حتماً يتغافل عن جذور تاريخ وعن نضال قادة وبسطاء وشباب وشيوخ عبر هذا التاريخ الطويل، ومفاجآت صدمنا بها هذا الشعب الذى كنا ظنناه فى وقت ما راضخاً ساكناً منسحقاً، فإذا به يصفع قصور فهمنا وضعف تحليلنا وعدم تقديرنا ويخرج كالعنقاء من تحت الرماد، صبر على الإخوان لكنه كان صبر الحكيم الذى يمنح الحبل للمتسلط كى يشنق نفسه، اعتبر تلك العصابة أسخف جملة اعتراضية فى كتاب تاريخه، همس لنفسه: ماذا يضير مجلداً به مليون صفحة إذا لوثته حروف عبارة عارضة دخيلة وسمجة؟ استوعب الشعب هؤلاء وضم معهم البعض الذى هو إفراز تعليم فاسد وتم خداعه بسهولة نتيجة ترك الشارع للإخوان مقابل ترك الكرسى للنظام المباركى السابق فى صفقة كارثية كادت تطيح بالوطن وتحرق أخضره ويابسه.

عبقرية «30 يونيو» فى بساطتها وعفويتها وفكرتها ودلالتها وعمق رسالتها، مفردات الرسالة تقول: أنا مصر الحية التى تمرض ولا تموت، أنا مصر التى تستوعب الجميع ولا تلفظ إلا الغريب الذى لا ينسجم مع نسيجها الاجتماعى، أنا مصر التى هى قبل الأديان بل هى التى وضعت أسس الدين مكتوبة فى بردياتها وعلى جدران معابدها وأحجار أهراماتها، أنا مصر التى لا تحتاج إلى معلم بلحية ليعلمها ما هو دينها ويلقنها قواعد أخلاقها، أنا مصر التى لن يتصالح جسدها مع سموم الغرغرينا، أنا مصر التى ستستفز جهاز مناعتها لتشفى من إيدز الإسلام السياسى التكفيرى الجهادى، أنا مصر التى تقف فى وجه المدفع، تخوض فى حقل الألغام، تحارب نيابة عن الدنيا معركة الإرهاب القاسية مع ضباع لا ترحم، أنا مصر الواثقة من انتصارها مهما طال

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«٣٠ يونيو» وجينات الهوية المصرية «٣٠ يونيو» وجينات الهوية المصرية



GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

GMT 07:04 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

وزن تأريخ الأردن في التوجيهي 4 علامات.. أيعقل هذا ؟!

GMT 07:01 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 06:58 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:09 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

مستحضرات تجميل تساعدك في تكبير شفتيك خلال دقائق

GMT 03:29 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

ديكورات ثلاجات يُمكن أن تستوحي منها إطلالة مطبخك

GMT 01:08 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

عطيات الصادق توضح كيفية التعامل مع أهل الزوج

GMT 00:10 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

التشكيلي رشيد بنعبد الله يحتفي بالفرس في معرض فردي

GMT 07:30 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

مصممة تضفي لمسة جمالية على منزل قديم في إنجلترا

GMT 05:49 2018 الإثنين ,18 حزيران / يونيو

تعرفي على أحدث تصاميم "الحنة البيضاء"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib