شرطة النجدة النفسية

شرطة النجدة النفسية

المغرب اليوم -

شرطة النجدة النفسية

خالد منتصر
بقلم : خالد منتصر

تعمّدت كتابة هذا الرقم لكى نحفظه جميعاً، الفرد الذى تداهمه عاصفة اكتئاب جسيمة أو الأسرة التى لديها فرد مقبل على الانتحار، كنت ألوم سابقاً على الجهات المعنية عدم الاهتمام بمشكلة مرضى الاكتئاب، ووجدت فى هذا الرقم جزءاً من الحل، فمن يرد عليك هو شاب متخصص فاهم يمد إليك يد العون بكل حب واهتمام (0220816831) رقم لا بد أن تحفظوه كما تحفظوا رقم شرطة النجدة، لكن هل مشكلة الانتحار تستدعى كل هذا الاحتشاد وتلك الحملة؟

تعالوا نقرأ هذه الأرقام، لنعرف حجم المشكلة: مليون شخص ينتحرون كل عام على مستوى العالم، أى إن عدد المنتحرين فى العالم أكثر من ضحايا الحروب والقتل العمد، 3000 حالة انتحار يومياً، الانتحار هو السبب الأول للموت عند المراهقين والبالغين تحت الـ35، هناك شخص ما ينتحر فى مكان ما فى العالم كل 40 ثانية، الرجال ينتحرون بنسبة ثلاثة أضعاف المرأة، على عكس ما تتخيلون، هناك شخص يحاول الانتحار ولم ينجح فيه كل ثلاث ثوانٍ!! أرقام مرعبة توضح حجم المشكلة وخطورتها، لذلك أطلقت منظمة الصحة والجمعية العالمية لمكافحة الانتحار شعار connect، care، communicate لدعم المقبل على الانتحار، وكان لا بد فى مصر ألا ندفن رؤوسنا فى الرمال وندّعى أنه لا توجد لدينا مشكلة انتحار، لأننا كما نردّد دائماً شعب متدين بالفطرة. من الممكن أن تكون النسبة عندنا أقل، لكنها موجودة وتزداد، ولا بد أن نعرف أن الاكتئاب مرض فيه خلل كيميائى ولا علاقة له بنسبة التديّن أو مقدار ما تؤديه من طقوس، لذلك كان يجب على وزارة الصحة إنشاء خط ساخن يتحدث فيه المقبل على الانتحار عندما تهاجمه الهواجس، ليجد من يدعم بالنصيحة ويعتنى ويتواصل.

فى أحيان كثيرة يكون المكتئب جعان تواصل وعطشان اهتمام، يحتاج إلى من يسمعه، من يصرخ له، أشد الأمراض إيلاماً هو الاكتئاب، ألمه أشد وأعنف وأقسى من السرطان، والمنتحر يعرف أن المجتمع سيلفظه إذا انتحر ولن يحترمه، يعرف كل ذلك، لكنه بالرغم منه ينتحر، هو بتعبيره ماعادش قادر يستمر، عايز يستريّح ويريّح، حاسس إنه بيتفرج عَ الدنيا، لامبالٍ بالحياة، ماعادش يفرق عنده حياة أو موت، ماعندوش الدافع... إلخ، كل هذه الكلمات لمبات حمراء نراها ولا ننتبه، وأجراس خطر نسمعها من المكتئب ولا نعيره اهتماماً، إلى أن تحدث الكارثة فنستيقظ على طلقة رصاص أو ابتلاع أقراص دواء أو قفزة إلى المجهول من نافذة، أو من على كوبرى إلى النيل مباشرة، ثم نُمصمص شفاهنا، قائلين ده كان لسه امبارح بيتعشى معانا، أو كان مكلمنى فى التليفون وكان بيضحك!! كلام فارغ نُخلى به مسئوليتنا عن إهمال هذا البنى آدم وجعله يصرخ إلى الداخل وحيداً، يعود إليه صدى صوته من بئر بلا قاع. الطبيب أيضاً عليه مسئولية، فمن يترك شاباً حاول الانتحار ليعالجه بعدها فى البيت بشوية أقراص ويقول «دى حاجة بسيطة» دون أن يُدخله المستشفى ويضعه تحت المراقبة، فهو يرتكب جريمة طبية، اهتموا بمريض الاكتئاب فهو ليس مجرد شخص متضايق أو زعلان أو نكدى أو مزعج أو براوى... إلخ، إنه مريض يتألم وعلينا جميعاً أن نهتم به قبل الدخول فى سكة اللى يروح مايرجعش.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شرطة النجدة النفسية شرطة النجدة النفسية



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib