بقلم : خالد منتصر
اشتكى مريض من أنه سأل طبيب قلب شاباً شهيراً على «الواتس»، فطلب منه ٣٠ ألف جنيه، وكان المريض فى حالة خطيرة، ولكن الطبيب قال له كعادته إنه لا يحتاج قسطرة (بالطبع قال ذلك لأنه غير مؤهل لعمل قسطرة)، بالطبع لا أُعفى المريض من أنه لجأ إلى هذا الطبيب الذى كتبنا عنه مراراً وتكراراً عن كذبه ومراوغته وتجارته بالدين وبلعبة الإعجاز التى باتت تدر ذهباً، ولكنى ألوم أيضاً الجهات المعنية، كيف يتركون هذا الطبيب حتى الآن يمارس النصب على المرضى؟ كتبت منذ ٢٠١٣ محذّراً وقالوا إنه قد أوقف، ولكنه عاد يعمل وبكثافة أكثر!، تذكرة بسيطة لمن يهمه الأمر بما كتبته:
كم من الجرائم ترتكب باسمك أيها الإعلام؟!، سألنى صديق عزيز مندهشاً من فرط جهلى كيف لا تستضيف فى برنامجك الطبى أصغر جراح قلب فى العالم؟!، لماذا تحقدون على الشباب ولا تمنحونهم الفرصة؟ وعندما أخبرته بأن برنامجى استضاف الكثير من شباب الأطباء المشرّفين، والذين يستحقون بالفعل كل الاحترام والتقدير، ولكن بشرط الكفاءة والعلم والتخصص، رد قائلاً: الدكتور جراح القلب حاصل على ست زمالات فى جراحة القلب وعمره 27 سنة (حينذاك فى ٢٠١٣)، وهو المساعد الأول للجراح العالمى مجدى يعقوب، واستضافه أشهر برامج التوك شو ومعظم المذيعين المعروفين، ثم أخرج من جيبه روشتة كان قد كتبها الجراح «ر. أ» لأحد أقاربه ليؤكد صدق كلامه، فوجدتها فعلاً شهادات رنانة من قبيل كلية الطب بتكساس وزميل أبحاث القلب بأكسفورد وجلاسكو والمستشفى الملكى... إلخ.
قررت بحث الأمر بجدية رغم الشك والتوجس، وبرغم عدم قبول عقلى لما يجافى المنطق وكل ما أعرفه عن درجات سلم التعليم الطبى الذى لا يمكن أن يسمح لمن عنده 27 سنة فى مصر بأن يصبح جراح قلب مبتدئاً بيقول يا هادى حتى، ولديه كل هذا العدد من الزمالات، وبرغم تجربتى المريرة مع دجالى الطب، الذين كان منهم مدرس الألعاب والمهندس الزراعى ومدلك الجيم، الذين افتتحوا عيادات بكل بجاحة وقتلوا الناس بنصبهم وإجرامهم بكل قلب بارد، المهم بالبحث والتحرى اتضح أن أصغر جراح قلب فى العالم هو نصاب كبير، مجرد خريج طب لم يمسك بمشرط جراح فى حياته، حتى ولو لإجراء زائدة دودية وليس عملية قلب مفتوح.
كل مؤهلاته صورة التُقطت له مع مجدى يعقوب مجاملة، وعلاقات إعلامية مشبوهة وقدرة أفعوانية أسطورية على الكذب، بالإضافة إلى مناخ مهترئ مسموم ونقابة ضعيفة مرتخية متراخية ووجدان اجتماعى يحتفى بالكذابين الدجالين لدرجة أن صفحة هذا المدعى وصلت إلى 60 ألفاً على الفيس، بينما صفحة مجدى يعقوب 6 آلاف لايك!!، المأساة والكارثة أنه يتاجر فى أرواح البشر ويوهمهم فى عيادته التى يتجاوز سعر كشفه فيها أسعار كشف أساتذة جراحة القلب الذين يملكون خبرة أربعين سنة جراحة، يضحك على مرضاه فى هذا الوكر، قائلاً لهم إن عمليات جراحة القلب أصبحت ممنوعة فى العالم كله، أما القساطر فلا داعى لها ولا حاجة لدى مرضى القلب أن يجروها لأنها خطر!، وعلاج أى حالة قلب دوائى فقط ويخرج العيان هاشاً باشاً منشكحاً من الطبيب الحنين الرائع الذى يكره الجراحة، حفاظاً على أرواح المرضى ليموت بعدها بقليل من مضاعفات الحالة والتأخير فى الجراحة أو القسطرة!!، أما حكاية د. مجدى يعقوب فالبيان التالى من مؤسسته فيه الرد، يقول البيان: مؤسسة مجدى يعقوب لأمراض وأبحاث القلب ومركز أسوان يؤكدان أن المدعو ر. أ، لم يسبق له العمل أو التدريب بأى شكل أو صفة مع د. مجدى يعقوب أو فريقه سواء داخل مصر أو خارجها، والمؤسسة إذ تؤكد حرصها على تشجيع الأطباء الشباب ومنحهم فرص التفوق والإبداع، فإنها تؤكد أيضاً وبقوة أن ذلك ينبغى أن يتم فى الأطر الأكاديمية والتدريبية السليمة المتعارف عليها عالمياً وتحت الإشراف والتوجيه الدقيقين، بما يضمن سلامة المرضى وحسن تنشئة الطبيب حديث التخرج. أمراض وجراحات القلب هما تخصصان دقيقان يستدعيان دراسة وتدريباً لمدد طويلة بعد التخرج (أكثر من 8 سنوات عادة) لاكتساب الحد الأدنى من التدريب والمعرفة اللازمين لتقديم الخدمة الطبية الآمنة، والمؤسسة تنصح المرضى بتحرى الدقة فى اختيارهم من يلجأون إليهم لتلقى العلاج، وتؤكد أنها لحرصها على سلامة المرضى وشرف المهنة ستقوم -بالتعاون مع المؤسسات الطبية المصرية العريقة والزملاء الأفاضل- باتخاذ جميع الإجراءات النقابية والقانونية ضد كل من تسول له نفسه الاتجار بآلام المرضى والنصب عليهم.
للأسف إنه أصغر جراح فى أكثر مهنة مستباحة، وهى مهنة الطب.