حراس آثار مصر
ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير الحكومة الإسبانية تفرض غرامة تصل لـ179 مليون يورو على 5 شركات طيران بسبب ممارسات تعسفية السلطات الأمنية في بريطانيا تُخلي أجزاء كبيرة من مطار جاتويك جنوبي لندن لأسباب أمنية وزارة الصحة في غزة تُناشد المؤسسات الدولية والإنسانية بتوفير الحماية للمستشفيات والكوادر الصحية في القطاع إصابة 6 كوادر طبية وأضرار مادية جراء هجوم إسرائيلي على مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة مقتل 10 أشخاص فى هجوم على مزار فى ولاية بغلان شمال شرق أفغانستان الشرطة البريطانية تُغلق السفارة الأميركية فى لندن بعد انفجار طرد مشبوه عثر عليه بالمنطقة الجيش الإسرائيلي يُصدر أمراً بإخلاء 3 قرى في جنوب لبنان وانتقال السكان إلى شمال نهر الأولى الشرطة البرازيلية تتهم بشكل رسمي الرئيس السابق اليميني جاير بولسونارو بالتخطيط لقلب نتيجة انتخابات 2022 بالتعاون مع مؤيديه المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن ارتفاع عدد شهداء الغارة الإسرائيلية علي مدينة تدمر الي 92 شخصاً
أخر الأخبار

حراس آثار مصر!

المغرب اليوم -

حراس آثار مصر

زاهي حواس
بقلم - زاهي حواس

لعل أجمل ما فى عملى هو البحث دائمًا عن التاريخ والآثار؛ ليس فقط البنايات والقطع الفنية والأثرية، وإنما أيضًا القصص والحكايات العجيبة التى تُحدثنا عن هؤلاء الذين قاموا بتمويل بناء تلك العمائر ونحت التماثيل والتحف، وكذلك العمال والفنانون الذين قاموا بالبناء والتشييد وصناعة تلك التحف الفنية التى تزين متاحف العالم كله، ولا ننسى كذلك الذين حافظوا واحتفظوا بها عبر السنين. وأعجب كثيرًا من معظم الآثاريين الذين يوجهون جل اهتمامهم إلى الآثار دون الأشخاص، الذين هم جزء لا يتجزأ من الأثر.

كنت أسعد الناس جميعًا عندما وجدنا فى السجلات القديمة صور وأسماء الأشخاص الذين ارتبط عملهم بأول متحف للفن والآثار الإسلامية فى العالم كله، والذى بدأ تحت اسم «دار الآثار العربية»، وكان موقعه داخل جامع الخليفة الفاطمى الحاكم بأمر الله بجوار باب الفتوح بالقاهرة التاريخية.. ومن أولئك الذين عثرنا عليهم وخرّت علينا ذكراهم من بطن التاريخ المرحوم مأمون أمين الشيشينى بواب، وكان يشغل وظيفة حارس دار الآثار العربية، (التى هى متحف الفن الإسلامى الآن)، وذلك فى السنوات الأولى من إنشاء الدار فى جامع الحاكم بأمر الله.

وجدنا للمرحوم مأمون الشيشينى صورة رسمية له، وهو فى العقد الخامس من عمره، يرتدى الجلباب وعلى رأسه عمامة بيضاء، وتبدو على ملامحه الجدية والحزم باعتباره حارسًا وبواب دار الآثار العربية، ويحمل على صدره رقم ١٧. وكان مما عُثر عليه إلى جانب صورة مأمون الشيشينى السجل الخاص بتسجيل القطع الأثرية وأرقامها مسجلة بخط اليد تحت بند (بيان الأصناف)، ثم بنود أخرى عن مقاسات الصنف (المقصود الأثر) من طول وعرض، وأهم البنود الموجودة فى الكشف هو بند (الثمن)، حيث كان لابد من تثمين كل قطعة أثرية وعمل فنى باعتبار أنه عهدة رسمية حتى يمكن مجازاة صاحب العهدة فى حال ضياعها أو تلفها..

ومما كُتب فى هذا السجل وصف لقطعة أثرية من الرخام الأبيض عليها زخارف بارزة وكتابات بالخط الثلث، وجاء تثمينها بمبلغ خمسين مليمًا!، مع العلم بأن الجنيه المصرى يتكون من ألف مليم.

وتراوحت أثمان الآثار المسجلة فى هذا السجل ما بين خمسين مليمًا وخمسة جنيهات، ويجب أن نُلفت النظر إلى أن ذلك كان فى سنة ١٨٨١م. والآن نحن لا نضع أثمانًا لقطع أثرية، ونعتبرها جميعًا من الأعمال الفنية التى لا تُقدر بمال.

ومن ضمن الوثائق التى عثرنا عليها اسم وصورة الموظف المسؤول عن التسجيل وكتابة السجلات، وهو المرحوم أحمد أفندى طاهر، كاتب سجلات دار الآثار العربية، من سنة ١٨٨٢م إلى سنة ١٩٣٢م، أى أنه ظل لخمسين عامًا يعمل كاتبًا للسجلات، وبفضله حُفظت لنا هذه السجلات على مدار خمسة عقود، وكان من السهل علينا العثور عليها فى أرشيف متحف الفن الإسلامى نتيجة وجودها فى يد موظف واحد على مدار خمسين عامًا..

والصورة التى عُثر عليها لهذا الموظف المحترم تصوره برداء رسمى يتكون من جاكت ذى ياقة من القطيفة وأسفله صديرى من نفس القماش وقميص أبيض قصير الرقبة وبابيون أسود، وقد غطى رأسه بالطربوش التقليدى. ليس فى العالم كله أفضل (من وجهة نظرى) من أن نعرف حكاية هؤلاء الذين أداروا الآثار، وكانوا حراسًا على أول متحف إسلامى فى مصر والعالم. لقد استطعنا بعد سبع سنوات من العمل الدؤوب، الذى بدأ فى عام ٢٠٠٣ حتى ٢٠١٠، أن نعيد إلى المتحف الإسلامى جماله ومهابته، التى كادت تندثر تحت وطأة تقادم السنين عليه.. هذا الصرح الأنيق هو أيقونة فى قلب القاهرة التاريخية، وهذه دعوة مفتوحة لكل الناس لزيارة أجمل متاحف الفنون الإسلامية فى العالم كله.

‏مازلت أذكر الرئيس دكتور، وقد أُطلق عليه هذا الاسم لأنه كان يعمل مع دكتور آثار ألمانى فى الأقصر. والريس دكتور هو أحد رجال مدينة قفط فى قلب صعيد مصر، ‏ومنها شارك كثير من العمال ورؤساء الحفائر فى الكشف عن آثار مصر. و‏قد برع القفطاوية فى فنون الحفر والترميم. وقد كنت أعمل مفتشًا للحفائر بموقع أبوبللو، ‏وكان معنا حوالى ١٠٠ عامل من قفط؛ نعمل فى الحفائر كجزء من مشروع تنفيذ الرياح الناصرى. ومازلت أذكر هذا اليوم، وكان يوم خميس، وكنت أستعد للسفر إلى القاهرة لقضاء العطلة، وجاء لى عامل ‏اسمه فرج، وقال لى: الريس دكتور يريد حضرتك!، وذهبت إلى حيث يقوم الريس دكتور بالحفر، وقال لى: لقد وجدنا مقبرة، وأعطانى فرشة لكى أنظف فى منتصف المقبرة، وعثرت داخل المقبرة ‏على تمثال رائع جميل من الفيانس، ‏وبدأت أنظف التمثال، وأثناء التنظيف قلت بداخلى: لقد عثرت على حبى وعشقت الآثار، وكان السبب فى ذلك الريس دكتور.

وكان يعمل معنا بالحفائر الحاج محمد القفطاوى، الذى كان واحدًا من أعظم المرممين الذين تعاملت معهم طوال سنوات عملى فى الآثار. هذا الرجل كان فى مقدوره تحويل تمثال مُهشَّم تمامًا إلى حالته الأصلية!، وكان الريس عبدالوهاب حامد، وهو من قفط أيضًا، يعيش وعائلته فى قرية عزبة الوالدة بحلوان، وقضى كل حياته منذ صغره فى العمل بالحفائر فى طول البلاد وعرضها، وكان مسؤولًا عن حضور وانصراف العمال. وعندما عملت فى حفائر مرمدة بنى سلامة طلبت من الريس عبدالوهاب العمل معى. ‏وتقع مرمدة بنى سلامة فى غرب الدلتا، والموقع يعود إلى العصر الحجرى الحديث، وكان العمل فى هذا الموقع يتطلب نوعًا خاصًّا من الحفائر، التى لم يشهدها الرئيس عبدالوهاب من قبل!، وفى البداية قسمنا الموقع إلى مربعين، وبدأنا نحفر الطبقات، ونقوم بغربلة الرمل للتأكد من عدم فقدان أصغر الأشياء حتى لو كانت مجرد حبوب جافة. وفى أحد الأيام جاءنى الرئيس عبدالوهاب يقول بلهجته الصعيدية الجميلة: «يا بوى والله أنا حلمت إنى باشوف حاجة غريبة ما شوفتهاش قبل كده!».

ومازلت أيضًا أذكر ‏الرجل الذى حرس الآثار بالنبوت، ‏وهو الريس «عبدالمعبود»، وابنه «نجدى». ‏كان «عبدالمعبود» يمشى بالعصا، وكأنه جاء من العصر الفرعونى ليحرس آثار مصر. أعتقد أننى لو ‏كتبت عن الحراس والعمال، الذين عملت معهم خلال حياتى العملية، فسوف أحتاج إلى كتابة مجلد ضخم لكى أوفيهم حقهم لكونهم هم مَن حرسوا آثار مصر.

لقد حاضرت فى معظم بلدان العالم، وشهدت محاضراتى الكثير من القصص والغرائب، وأذكر أننى فى إحدى محاضراتى وجدت ناعومى كامبل تتقدم منى بعد المحاضرة لتقول لى إنها تود أن تقوم بدور الملكة كليوباترا!. وقلت لها على الرغم من أننى متأكد من أن كليوباترا لم تكن أجمل منكِ، فإن هذا ليس منطقيًّا لأنها كانت ملكة يونانية، وبالتالى من الجائز أن تكون ذات عيون زرقاء وشعر أصفر!، وهنا ضحكت ناعومى كامبل، وأخبرتنى بأنها تعشق هذه الملكة. وفى اليوم التالى طلبت منى أن أذهب معها إلى أبوالهول، وهناك وقفت صامتة لأكثر من عشر دقائق، وبعدها توجهت إلى المخلب الأيسر، وقبلت «أبوالهول». وكان آخر لقاء لى معها بعد ذلك عندما حضرت الحفل الذى أُقيم فى منطقة الأهرامات للاحتفال بأزياء ديور العالمية. وقد اختار المنظمون مكانًا خاصًّا للمشاهير. وقد انزعجت «ناعومى» لعدم وجودى فى مكان المشاهير، وقالت للخبير السياحى، الصديق عمرو بدر: أين زاهى حواس؟، وعرفت أننى فى مكان آخر، وقالت إن هذا المكان الذى نحن فيه هو المكان الطبيعى الذى يتواجد فيه زاهى حواس!. ستظل ناعومى كامبل أميرة مُتوَّجة فى عالم الأزياء، وقد استطاعت بجمالها وابتسامتها أن تأسر قلوب الناس.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حراس آثار مصر حراس آثار مصر



GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 22:23 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مباحثات عباس وبوتين لوجود فلسطين في البريكس

GMT 05:47 2023 الثلاثاء ,11 إبريل / نيسان

أول مواطن تركي يسافر إلى محطة الفضاء الدولية

GMT 14:44 2022 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

 المؤشر نيكي يهبط 0.57% في بداية التعامل بطوكيو

GMT 10:31 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

الاتجاهات في عام 2018 تحمل التكنولوجيا إلى مناطق مخيفة

GMT 05:02 2017 الجمعة ,28 إبريل / نيسان

رباه..إنهم يلقنون فرنسا الديمقراطية !!!

GMT 00:32 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو موسي يتصدر الأكثر مبيعًا بـكتابيه

GMT 21:19 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

النقد الدولي يخفض توقعاته لنمو الصين لـ4.8%

GMT 16:24 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

كيفية إنشاء أحداث خاصة في تطبيق واتساب

GMT 20:46 2023 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

الحكومة المغربية تُصادق على إحصاء السكان

GMT 11:04 2023 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

صافرات الإنذار تدوي في مستوطنات غلاف غزة

GMT 21:58 2023 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أنشيلوتي يعنف نجم هجوم ريال مدريد عقب لقاء فالنسيا

GMT 11:58 2023 الأحد ,08 تشرين الأول / أكتوبر

نور الغندور تتألّق بأزياء ملفتة ومميزة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib