بقلم - زاهي حواس
تقع منطقة الجوف شمال غربي المملكة العربية السعودية، وتتكون من ثلاث محافظات رئيسية، وهي: دومة الجندل، وطبرجل، والقريّات، وتتبعها مجموعة من القرى والمراكز، بالإضافة إلى سكاكا، وهي حاضرة المنطقة، ومقرّ إمارتها.
عُرفت الجوف في شمال الجزيرة العربية باسم جوف السرحان؛ لكونها تُطلق على الجزء الجنوبي من وادي السرحان، الذي يمتد من محافظة دومة الجندل السعودية جنوباً، وحتى محافظة الزرقاء الأردنية شمالاً، ويعدّ وادي السرحان من أكثر أودية الجزيرة العربية تميزاً في الخصائص البيئية والطبيعية والتاريخية. ذكر ابن منظور في «لسان العرب» أنّ: «الجوف من الأرض أوسع من الشعب تسيل فيه التلال والأودية، وله جرفة، وربما كان أوسع من الوادي وأقعر، وربما كان سهلاً يمسك الماء، وربما كان قاعاً مستديراً فأمسك الماء».
وقد كانت المنطقة تُسمّى جوف آل عمرو، نسبةً إلى آل عمرو من قبائل طيء، الذين كانوا يسكنونها قديماً، كما كانت المنطقة تسمّى قديماً بـ«وادي النفاخ»؛ لشدّة كرم أهلها، وعنايتهم بالضيف.
وسوف نجد أن تاريخ الجوف يعود إلى ما قبل التاريخ، حيث إن منطقة الجوف هي إحدى أقدم مناطق الاستيطان البشري، ليس على مستوى شبه الجزيرة العربية فقط، بل على مستوى غرب قارة آسيا، وقد برهنت على ذلك مكتشفات موقع الشويحطية الأثري شمال مدينة سكاكا، الذي عاش فيه الإنسان قبل أكثر من مليون سنة.
كانت منطقة الجوف في عصور ما قبل التاريخ تتمتع بمقومات بيئية وطبيعية جذبت المجتمعات البشرية القديمة للعيش والاستقرار على أرضها التي يتوفر فيها كل ما كان يحتاجه الإنسان آنذاك من غذاء ومأوى، وقد خلّفت هذه المجتمعات البشرية على أرض منطقة الجوف الكثير من الآثار المتنوعة من مستوطنات ومدافن وأدوات حجرية ورسومات صخرية أُرِّخَت للعصور الحجرية، وما تلاها.
وسوف نعرض في مقالنا القادم معلومات هامة جداً عن تاريخ الجوف في عصر ما قبل الإسلام، وكذلك العصر الإسلامي حتى نصل إلى العصور الحديثة، وهنا أسأل المواطن الذي يعيش في المدن والقرى والمراكز التابعة للجوف هل تتصور أن تاريخ المنطقة التي تعيش فيها يعود إلى آلاف السنين، حيث أثبتت الدراسات والاكتشافات الحديثة بهذه المناطق أن الخطوة الأولى بدأت على أرض الجوف تعود إلى مليون سنة؟