بقلم - زاهي حواس
تشهد المملكة العربية السعودية تطوراً كبيراً في المجالات كافة، ومنها الحقل الأثري وقضايا الحفاظ على التراث الأثري للمملكة سواء الإسلامي أو ما قبل الإسلام. ومما لا شك فيه فإن الفضل في ذلك يعود للرؤية العلمية المدروسة التي تُخطط لسنوات مقبلة وتحدد الأهداف التي تسعى لتحقيقها في ظل الإمكانات المتاحة. وبالفعل نجحت السعودية خلال السنوات الماضية في بناء كوادر علمية تعمل في الحقل الأثري من أثريين وخبراء في الترميم يشهد لهم العالم. والحقيقة التي يجب ذكرها هي أن القيادة في المملكة تولي اهتماماً خاصاً بتطوير العمل الأثري كجزء من اهتمامها بالحفاظ على الهوية الثقافية للسعودية.
وقد زار هذه المواقع صديق أثناء زيارتي لإحدى المدن الأميركية، وتقابلت مع أحد الأصدقاء الذي فاجأني بالحديث عن زيارته للمملكة العربية السعودية كسائح، وقال لي إنه لم يصدق ما كان يشاهده في مدينة الدرعية التاريخية والمواقع الأثرية بالمملكة وإنه فوجئ بحجم الاهتمام بتطوير المناطق الأثرية والمتاحف. ولأنه من المتخصصين في قضايا التراث حدثني عن أن الوقت قد حان لخروج الكثير من المعارض الأثرية من المملكة لتجوب المتاحف العالمية حول العالم للتعريف بما يتم ويتحقق من إنجازات في السعودية.
وقد سعدت في السنوات الماضية بزيارة الكثير من المواقع الأثرية في أنحاء المملكة كافة سواء في القرى أو المدن، وشاهدت التطوير المستمر في المجالات الثقافية والتراثية، ووجود محاولات دائمة ومستمرة للحفاظ على المهن التراثية التي كادت أن تختفي، ودعم القائمين عليها حتى لا تتحول إلى مجرد ذكرى وقصص يحكيها الأجداد للأحفاد.
لا بد من الإشادة بهيئة التراث بالمملكة وجيل مثقف من الأثريين والخبراء في مجالات التراث كافة من العاملين بالهيئة لجهودهم المثمرة منذ تأسيس الهيئة. وخلال العام الماضي نجحت هيئة التراث في تسجيل حداء الإبل والبن الخولاني السعودي ضمن القائمة الدولية للتراث الثقافي غير المادي، هذا بالإضافة إلى تحقيق اكتشافات أثرية مهمة أضافت مزيداً من المعلومات عن الامتداد التاريخي للمملكة وذلك في سبعة مواقع متفرقة من أنحاء المملكة. وأعمال التنقيب والمسح الأثري التي أدت لاكتشافات أثرية مهمة من خلال عمل الكثير من البعثات الأثرية السعودية أو المشتركة التي تقوم بأعمال التسجيل والمسح الأثري في مئات المواقع الأثرية بالمملكة. وقد تم في العام الماضي فقط توثيق 425 موقعاً أثرياً جديداً مسجلاً في السجل الوطني بالإضافة إلى تسجيل 1750 موقعاً تراثياً عمرانياً في السجل الوطني، هذا بالإضافة إلى توقيع عدد مهم من اتفاقيات الحفاظ على التراث وعقد الكثير من ورش العمل لإحياء التراث الثقافي وتشغيل أربعة مراكز زوار بالمناطق الأثرية تقدم خدمات التعريف بالمواقع الأثرية وأهميتها وتساعد الزائر للوصول إلى أقصى استفادة من زيارته للمواقع الأثرية.