زاهي حواس
تحدثنا من قبل عن برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري في جميع مناطق المملكة، حيث ركز البرنامج على خمسة مشروعات مهمة وهي: مشاريع الرفع المساحي لاستخراج صكوك ملكية للمواقع الأثرية؛ وهذا المشروع يعتبر من المشروعات المهمة التي تسجل مواقع التراث تسجيلاً علمياً، وقد أعلن في المملكة العربية السعودية عن مشروع الرفع المساحي الذي يسعى لاستخراج صكوك ملكية للمواقع الأثرية باسم هيئة التراث لعدد كبير من المواقع، خاصة في جدة والرياض وتبوك والجوف وغيرها من المواقع الأثرية المهمة. هناك أيضاً مشروع التنقيب والبحث الأثري، حيث شاهدنا الشهر الماضي الكشف الذي أعلن عن تسجيل خطوات الإنسان على أرض الجزيرة العربية، وكذلك مشروع الدراسات الأثرية المتخصصة، وكذا مشروع استكشاف الآثار الغارقة. وأعتقد أن السعودية قد استفادت من العمل مع البعثات الدولية خلال السنوات الماضية، وهي الخطوات نفسها التي بدأناها في مصر، حيث قمنا بالعمل مع بعثات فرنسية وأميركية، وتم الكشف عن مدن قديمة غارقة في «أبو قير» بالإسكندرية، وكذلك الآثار اليونانية والرومانية الغارقة في منطقة جبل السلسلة بمحطة الرمل التي يوجد فيها قصور البطالمة، بالإضافة إلى قصر الملكة كليوباترا وقصر عشيقها وزوجها مارك أنتوني، حيث شاهدت استخراج عمود أثري من تلك القصور. وكم كنت أتمنى أن يُبنى متحف للآثار الغارقة بجوار قلعة قايتباي عبارة عن صندوق مفتوح تحت الماء يمشي فيه السياح ليشاهدوا تلك الآثار الغارقة.
أما المشروع الأخير الذي يدخل ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين، فهو مشروع تطبيقات الرصد الأثري في جميع مناطق المملكة. وبالنسبة لمشروع التنقيب الأثري فهناك مشروع علمي تقوم به بعثات محلية بالتعاون مع بعثات دولية، إذ تم إنجاز واحد وعشرين مشروعاً مع بعثات دولية من بينها مشروع البعثة السعودية البولندية للتنقيب في موقع عينونة بمنطقة تبوك ومشروع البعثة السعودية النمساوية الألمانية للتنقيب في موقع «قرية» بتبوك.
وهناك مشاريع للتنقيب محلية في منطقة الحدود الشمالية والمنطقة الشرقية وموقع جرش في منطقة عسير. وهناك بعثات مشتركة مع عدد من الجامعات السعودية. وتقوم هذه البعثات بالكشف عن أدلة جديدة تعيد كتابة تاريخ المملكة العربية السعودية على أساس علمي، وخاصة في فترة ما قبل التاريخ وحتى العصور الإسلامية، التي وضعت ضمن اهتمام المملكة لمعرفة خطوات الإنسان على أرض الجزيرة.