لكي يتفادى السودان الكارثة
الحوثيون يؤكدون إفشال هجوم أميركي بريطاني على اليمن باستهداف حاملة الطائرات "يو إس إس هاري إس ترومان" إسرائيل تنفي مغادرة أي وفد لمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة إلى القاهرة 10 جنود إيرانيين شباب لقوا حتفهم في حادث سقوط حافلة في واد غرب إيران سقوط نحو 300 قتيل في اشتباكات عنيفة بين قوات سورية الديمقراطية وفصائل مسلحة مدعومة من تركيا في محيط سد تشرين وزارة الصحة في غزة تكشف أن عدد ضحايا عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع ارتفع إلى 45,259 شهيداً و107,627 مصاباً من 7 أكتوبر 2023 تسجيل 76 حالة وفاة و768 إصابة جراء إعصار شيدو الذي ضرب مقاطعات "كابو" و"ديلغادو" و"نابولا" و"نياسا" في شمال موزمبيق زلزال متوسط بقوة 5.3 درجة غرب يضرب جنوب إفريقيا تكريم الفنان الكوميدي محمد الخياري في الدورة العاشرة لمهرجان ابن جرير للسينما وفاة الفنان المغربي القدير محمد الخلفي عن عمر يناهز 87 عامًا بعد معاناة طويلة مع المرض ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 45227 شهيد و107573 جريح منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

... لكي يتفادى السودان الكارثة!

المغرب اليوم -

 لكي يتفادى السودان الكارثة

عثمان ميرغني
بقلم : عثمان ميرغني

لا حديث أو شاغل للسودانيين هذه الأيام إلا عن المواجهة المحتملة بين أكبر قوتين عسكريتين في البلد، وهما القوات المسلحة، وقوات الدعم السريع، وهي مواجهة لا يتمناها عاقل لأنَّها إن حدثت فسوف تكون كارثية، ولا أحد يعرف إلى أين ستقود في ظل انتشار السلاح، وتكاثر الميليشيات بلا ضابط أو رادع. السودان في تاريخه لم يعرف وضعاً بهذا السوء. صحيح أنه شهد في مراحل مختلفة حروباً داخلية استمرت طويلاً، وتسببت في مآس بشرية لا تزال مستمرة، كما أدت إلى شق في كيانه بانفصال الجنوب، لكن ما يحدث اليوم يبدو مختلفاً تماماً من حيث خطورته، وحجمه، ونتائجه المحتملة.

الحرب الكلامية المستعرة بين قيادة الجيش وقيادة قوات الدعم السريع منذ أسابيع، واشتدت بشكل خاص خلال الأيام القليلة الماضية، أخرجت إلى العلن التوتر الذي كان يغلي تحت السطح منذ فترة، وكشفت الكذبة التي لم يصدقها كثيرون، وهي أن الدعم السريع جزء من القوات المسلحة وتأتمر لقائدها الأعلى. فلو كان هذا الأمر صحيحاً لما كنا نشهد هذه الحرب الكلامية الدائرة الآن حول ضرورة دمج هذه القوات في الجيش. المفارقة أن هذه الأزمة خلقها وفاقمها الجيش نفسه، أو فلنقل قيادته، سواء في عهد نظام الرئيس المعزول عمر البشير أو في الوقت الراهن؛ لأنّ جيشاً نظامياً ما كان يجب أصلاً أن يلجأ لتشكيل ميليشيا يستخدمها أداة في حروبه الداخلية، ثم في صراعه السياسي ضد خصومه. فليس هناك بلد انتشرت فيه الميليشيات، وسلم من آثار ذلك على أمنه واستقراره، والأمثلة حولنا كثيرة وحافلة بالنتائج المدمرة.
وللإنصاف لا بد من القول إنه منذ البداية كانت هناك تحفظات ومخاوف من بعض القيادات في الجيش، لكنّ البشير مضى في الخطوة، وجعل قوات الدعم السريع بعد إنشائها عام 2013 تتبع لهيئة العمليات بجهاز الأمن والمخابرات، قبل أن يقرر لاحقاً وضعها تحت إمرته باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة، لكي يستقوي بها في صراعات السلطة، وقمع أي تحركات ضد نظامه. وتم تقنين هذا الوضع فيما عُرف بقانون الدعم السريع الذي أجيز في المجلس الوطني عام 2017. وعلى الرغم من أن ذلك القانون نصّ على أن «تتبع قوات الدعم السريع للقوات المسلحة، وتأتمر بأمر القائد الأعلى»، فإن ما كان يحدث على مرأى من الملأ أنها بقيت تتحرك باستقلالية كبيرة، فتقوم بتجنيد منتسبيها، وعقد صفقات تسليحها، وتعمل بهياكلها الخاصة، وتأتمر بتوجيهات قائدها محمد حمدان دقلو (حميدتي) وشقيقه عبد الرحيم. وبفضل الإمكانات والموارد الكبيرة التي توفرت لها من واقع السيطرة على مناجم ذهب، واستثمارات وأنشطة متعددة، نمت هذه القوات حتى أصبحت جيشاً موازياً، ونمت مع ذلك طموحات قائدها.
المشكلة تفاقمت بشكل خطير بسبب ثلاثة تطورات حدثت منذ الثورة الشعبية التي هبَّت ضد نظام البشير في نهاية 2018؛ الأول عندما جلب النظام قوات الدعم السريع إلى الخرطوم للاستعانة بها في محاولة قمع الثورة، ومن يومها لم تغادر العاصمة بل عززت وجودها العسكري فيها. والثاني عندما أدخلتها القيادة العسكرية الحالية حلبة الصراع على السلطة، وسعت للاستقواء بها في المواجهة مع المكون المدني. أما التطور الثالث فهو اتفاقية السلام التي وقّعت مع عدد من الحركات المسلحة عام 2020 وكانت نتائجها كارثية، إذ أسهمت في انفراط عقد الأمن ونشر المزيد من الميليشيات والسلاح في الخرطوم وخارجها، كما شجعت على دعوات التسلح في أقاليم أخرى، وظهور حركات مسلحة في مناطق لم يسبق لها أن أشهرت السلاح ضد الدولة.
اللافت أن القيادات العسكرية التي تتحدث اليوم عن دمج قوات الدعم السريع وقوات الحركات الأخرى في الجيش، سكتت لفترة عن هذا الأمر عندما كان يناسبها، ويخدم خططها لتعزيز قبضتها على السلطة. فعمليات الدمج حدث فيها تباطؤ أسهم بلا شك في أجواء الفوضى والاستقطاب الحاصل اليوم، إذ إنه وفقاً لاتفاقية جوبا للسلام كان يفترض أن تبدأ الترتيبات الأمنية للدمج في غضون ثلاثة شهور من توقيع الاتفاقية في أكتوبر (تشرين الأول) 2020، على أن تكون البداية بقوات الحركات المسلحة الموقعة على الاتفاق. لكن بسبب مناورات وحسابات العسكريين الذين أرادوا التمسك بالسلطة، والغموض حول وضع ومستقبل قوات الدعم السريع، بقي موضوع الدمج مؤجلاً، بكل التعقيدات والمخاطر التي يمكن أن تنجم عن ذلك. كانت لكل طرف من الأطراف الثلاثة (الجيش والدعم السريع والحركات المسلحة) حساباته ومصالحه التي تتلاقى في كيفية الاحتفاظ بكعكة السلطة. فالقيادات العسكرية أرادت استخدام تحالفها مع الدعم السريع والحركات المسلحة في مواجهتها مع المكون المدني، ولإحباط الثورة. وقيادة قوات الدعم السريع كانت تستغل الفرصة لتعزيز قوتها العسكرية والاقتصادية، والعمل على تعزيز نفوذها السياسي. أما الحركات المسلحة فكانت تريد الاحتفاظ بالمغانم والمكاسب السياسية التي جنتها.
هكذا تلاقت الأطراف الثلاثة في خطوة إطاحة الحكومة المدنية بقيادة الدكتور عبد الله حمدوك في 25 أكتوبر 2021، لكن تحالف المصالح لم يصمد، وبدأت الخلافات تظهر بين الفريق البرهان وحميدتي في عدد من القضايا والمواقف السياسية، إلى أن أعلن هذا الأخير تبرؤه من موقفه السابق، ووصف ما حدث بالانقلاب واعتبره خطأ، قائلا إنه أعاد فلول النظام السابق إلى السلطة. وانتقل الصراع بينهما إلى ساحة «الاتفاق الإطاري» الذي وقع في ديسمبر (كانون الأول) كمخرج من الأزمة السياسية الراهنة والعودة بالبلاد إلى المسار الانتقالي للتحول الديمقراطي. فبينما كان البرهان وحلفاؤه في المكون العسكري يشترطون توسيع الاتفاق ومشاركة كل الأطراف «دون إقصاء»، ظل حميدتي يكرر أنه لا بد من تنفيذ الاتفاق كما هو ومن دون تأخير.
كذلك فإنه بينما يتحدث الطرفان اليوم عن مسألة دمج قوات الدعم السريع والحركات المسلحة الأخرى في القوات المسلحة وفقاً لما هو منصوص عليه في الاتفاق الإطاري، فإن كل طرف يراها من زاوية مختلفة. البرهان وزملاؤه في القيادة العسكرية يريدون إجراء يدمج هذه القوات في الجيش وفق الضوابط المرعية، ويرون أنها بذلك تقلص نفوذ حميدتي وتضعه تحت القيادة الهرمية للجيش، في حين أن حميدتي وشقيقه عبد الرحيم وهو نائبه في قيادة الدعم السريع يكرران أنهما يريدان أن يتم الدمج «في ظل إصلاح أمني شامل» للقوات المسلحة، وهو ما يقصدان به إعادة هيكلته، وإبعاد عناصر للحد من تغلغل عناصر الحركة الإسلامية فيه، كما يفهم من كلام قائد الدعم السريع في مناسبات سابقة.
على الرغم من هذه المناورات والتباينات، فالواقع أن «الاتفاق الإطاري» يمكن أن يصبح فعلاً المخرج من أزمة السودان الخانقة، بما فيها أزمة دمج القوات. وهناك ضغوط دولية شديدة على الأطراف لكي تمضي في تنفيذ الاتفاق باعتباره الحل الوحيد المتاح، لا لإعادة المسار الانتقالي نحو التحول المدني الديمقراطي فحسب، بل لمنع انهيار البلد الذي يقف اليوم على حافة هاوية الانهيار التام اقتصادياً وأمنياً، وخطر اندلاع مواجهات عسكرية كارثية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 لكي يتفادى السودان الكارثة  لكي يتفادى السودان الكارثة



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:20 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:49 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني
المغرب اليوم - الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني

GMT 18:10 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 09:12 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

لاعبو منتخب "الأسود" يؤكدوا ثقتهم في الركراكي

GMT 08:54 2023 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

العام الحالي 2023 الأكثر حرّاً في التاريخ المسجّل

GMT 16:07 2023 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

علماء الآثار يزعمون اكتشاف "خريطة كنز عملاقة"

GMT 05:19 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زينّي حديقة منزلك بـ"فانوس الإضاءة الرومانسي"

GMT 09:00 2018 الثلاثاء ,12 حزيران / يونيو

" ديور " تطرح ساعات مرصعة بالألماس

GMT 18:37 2016 الأحد ,03 إبريل / نيسان

شيرى عادل فى كواليس تصوير "بنات سوبر مان"

GMT 02:51 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

شيرين سعيدة بنجاح "سابع جار" ودورها في "عائلة زيزو"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib