أوهام الحل الخارجي لأزمة السودان
الحوثيون يؤكدون إفشال هجوم أميركي بريطاني على اليمن باستهداف حاملة الطائرات "يو إس إس هاري إس ترومان" إسرائيل تنفي مغادرة أي وفد لمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة إلى القاهرة 10 جنود إيرانيين شباب لقوا حتفهم في حادث سقوط حافلة في واد غرب إيران سقوط نحو 300 قتيل في اشتباكات عنيفة بين قوات سورية الديمقراطية وفصائل مسلحة مدعومة من تركيا في محيط سد تشرين وزارة الصحة في غزة تكشف أن عدد ضحايا عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع ارتفع إلى 45,259 شهيداً و107,627 مصاباً من 7 أكتوبر 2023 تسجيل 76 حالة وفاة و768 إصابة جراء إعصار شيدو الذي ضرب مقاطعات "كابو" و"ديلغادو" و"نابولا" و"نياسا" في شمال موزمبيق زلزال متوسط بقوة 5.3 درجة غرب يضرب جنوب إفريقيا تكريم الفنان الكوميدي محمد الخياري في الدورة العاشرة لمهرجان ابن جرير للسينما وفاة الفنان المغربي القدير محمد الخلفي عن عمر يناهز 87 عامًا بعد معاناة طويلة مع المرض ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 45227 شهيد و107573 جريح منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

أوهام الحل الخارجي لأزمة السودان

المغرب اليوم -

أوهام الحل الخارجي لأزمة السودان

عثمان ميرغني
بقلم : عثمان ميرغني

في الوقت الذي تتردد فيه دعوات من هنا وهناك لتدخل دولي لوقف الحرب في السودان، بدأ وفد من شخصيات سياسية سودانية هذا الأسبوع جولة على عدد من دول المنطقة، بدأها من أوغندا، طرح فيها رؤيته للأزمة، وتشديده على الدور الأفريقي في الحل، الذي يرى البعض أنه يعني إرسال قوات أفريقية.

الحقيقة أن التدخلات الدولية لوقف الحروب وفرض السلام قضية معقدة، ونتائجها كانت فاشلة في أكثر الحالات، من التدخل الأميركي في الصومال عام 1993، إلى ليبيا واليمن أخيراً، ومع ذلك نرى من يدعو ويعلق آمالاً أو أوهاماً على مثل هذا التدخل. هذا على الرغم من أن هناك تجارب ماثلة توضح أن التدخلات الدولية يمكن أن تضر أكثر مما تنفع، وتؤدي أحياناً إلى إطالة أمد الصراعات، وزعزعة الاستقرار مثلما حدث في العراق وأفغانستان على سبيل المثال لا الحصر.

لتخفيف وقع دعوات التدخل الخارجي، يجادل البعض بأن المقصود ليس تدخلاً دولياً، بل أفريقياً في إطار شعار «حلول أفريقية للمشاكل الأفريقية». في كل الأحوال، فإن أي تدخل عسكري دولي ليس وارداً أصلاً في ظل انشغال العالم، والغرب تحديداً، بحرب أوكرانيا، لذلك يبقى الحديث مركزاً بالضرورة على خيار قوات أفريقية ترسل إلى السودان ضمن ترتيبات لوقف الحرب وفرض السلام، أسوة بما حدث في الصومال في 2007، أو في دارفور في 2008، أو في جنوب السودان عام 2013، علماً بأنه في كل هذه الحالات لم يؤدِّ التدخل إلى إنهاء الصراعات وتحقيق الاستقرار.

والسؤال هو: في الحالة السودانية المعقدة، هل الهدف من التدخل الخارجي الذي نسمع البعض ينادي به لوقف الحرب، هو إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل اندلاعها، والوقوف في محطة «الاتفاق الإطاري» مرة أخرى؟

وإذا كان الأمر كذلك، فهل سيكون هذا حلاً أم إعادة إنتاج للأزمة ذاتها التي قادتنا إلى هذا الوضع المزري؟

لقد فرضت الحرب واقعاً جديداً وغيّرت الكثير من المعادلات سياسياً، وعسكرياً، واقتصادياً، واجتماعياً، وأي حلول سوف تتطلب معالجات جديدة، ورؤية توافقية لمواجهة متطلبات إعادة الإعمار، وتحقيق الاستقرار المطلوب لإخراج البلد من أسوأ محنة يمر بها منذ فترة طويلة.

محاولة القفز على الواقع الجديد الذي أفرزته الحرب سيقود السودان إلى دورة أخرى من عدم الاستقرار والحروب، ويجعله عرضة لمخططات الطامعين في أراضيه وخيراته، والساعين لتقسيمه لتحقيق مخططاتهم. فليس خافياً على أحد أن الانقسام الموجود وسط القوى السياسية إزاء استدعاء التدخل الدولي أو الأفريقي لفرض حلول عسكرية وسياسية، موجود أيضاً في الشارع السوداني. الأخطر من ذلك أن استدعاء قوات دولية أو أفريقية لن يعني فقط استمرار الصراع وعدم الاستقرار، بل قد يفتح الباب أمام احتمالات زحف الإرهاب إلى السودان، والأمثلة كثيرة من العراق وسوريا وأفغانستان، إلى الصومال واليمن.

اللافت أن الذين يتبنون شعار «لا للحرب» تراهم يركضون اليوم لاستدعاء التدخل الخارجي في السودان، وهو في تقديري اعتراف بفشل النخب في حل مشاكلها وتنحية خلافاتها جانباً، وإعلاء المصلحة العامة على المصالح الفئوية، وتقديم حلول تتجاوز الانقسام السياسي والآيديولوجي، ما يزيد أزمات البلد الذي يدفع اليوم أفدح الأثمان لهذا الفشل المتكرر.

لن تأتي الحلول من الخارج، وإن فرضت بقوات أو قرارات دولية فسوف تكون أوهن من بيت العنكبوت. الأزمة سودانية والحل سوداني، أو هكذا يجب أن يكون. وإذا عجز المتصدرون للمشهد عن تحقيق الحل فالأفضل أن يتنحوا ويتركوا الساحة لغيرهم، بدلاً من محاولة العودة على «ظهر» التدخل الخارجي. وإذا كانت القوى السياسية تقول إن الإسلاميين يستخدمون هذه الحرب للعودة إلى السلطة على ظهر الجيش، فإن استدعاء هذه القوى للتدخل الخارجي يضعها أيضاً في موقف الاتهام بأنها تريد تحقيق أجندتها على ظهر قوات أجنبية بحجة وقف الحرب وحقن الدماء.

بدلاً من البحث عن الحلول في الخارج، أو المجيء بوصاية دولية وقوات أفريقية، الأجدى للقوى السياسية أن تبحث عن حلول داخلية مهما تطلب ذلك من مثابرة، ومن نبذ للمصالح الشخصية والطموحات السياسية من أجل مصلحة البلد. وعلى هذه القوى العمل لكسب الشارع إلى جانب مشروعها للحل، أو تلمس نبضه وتعديل مواقفها تبعاً لذلك. لقد خسرت هذه القوى الكثير من رصيدها الشعبي بسبب العثرات والممارسات خلال السنوات الأربع الماضية، وبسبب تباين المواقف في ظل الحرب الراهنة.

السودان بعد هذه الحرب يحتاج إلى مشروع توافقي، وخريطة طريق واضحة للمسار الانتقالي، تبتعد فيها القوى السياسية عن صراعات السلطة وسباق المقاعد، لتفسح المجال لحكومة كفاءات مستقلة تماماً، كي تتفرغ هي لوضع مشروع متكامل لقضايا الحكم والتنمية والديمقراطية والتفاهم مع المكون العسكري بشأن الإصلاح المطلوب في القوات المسلحة وسد الثغرات التي كشفت عنها هذه الحرب، وبناء جيش قومي مهني يبتعد عن السياسة التي نخرت في جسده وأضعفته وخلقت فجوة بينه وبين غالبية الشعب. فهذا الإصلاح لن يتحقق بإرادة خارجية، ولن يفرضه المدنيون، بل يتطلب تفاهماً وتعاوناً بين المكونين العسكري والمدني لوضع التصورات والخطوط العريضة، بينما تترك الجوانب الفنية للمختصين العسكريين ممن هم في الخدمة أو من أهل الكفاءة من العاملين.

تبقى بعد ذلك مشكلة مستقبل «قوات الدعم السريع» وإمكانية دمجها في القوات المسلحة بعد كل هذا الذي جرى. فهناك مَن لا يزال يتحدث عن هذا الدمج باعتباره الوصفة لوقف الحرب، ولإعادة هيكلة القوات المسلحة، وبناء الجيش الوطني المهني الذي يبتعد عن السياسة. في تقديري أن مثل هذا الكلام يفرط في التفاؤل، ولا يستصحب الحقائق والمواجع التي أفرزتها هذه الحرب. لقد أثبتت الحرب للكثيرين أن «قوات الدعم السريع» بممارساتها التي رأوها في دارفور ثم في الخرطوم، وبارتباطها مع مخططات خارجية، لا تصلح للدمج في الجيش وإلا أفسدته ودمرت نظاميته ومهنيته. أضف إلى ذلك أن هذه الممارسات نفرت المزيد من المواطنين المدنيين ومن العسكريين منها، وعززت حجة حلها، وبالتالي فإن ربط إنهاء الأزمة الحالية بدمج «قوات الدعم السريع» قد يكون بمثابة وضع قنبلة موقوتة قرب برميل بارود، بما يعني نسف جهود أي حل يحقق الاستقرار ويبعد شبح الانقسامات والحروب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوهام الحل الخارجي لأزمة السودان أوهام الحل الخارجي لأزمة السودان



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 09:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع
المغرب اليوم - المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع

GMT 13:49 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني
المغرب اليوم - الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني

GMT 18:10 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 09:12 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

لاعبو منتخب "الأسود" يؤكدوا ثقتهم في الركراكي

GMT 08:54 2023 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

العام الحالي 2023 الأكثر حرّاً في التاريخ المسجّل

GMT 16:07 2023 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

علماء الآثار يزعمون اكتشاف "خريطة كنز عملاقة"

GMT 05:19 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زينّي حديقة منزلك بـ"فانوس الإضاءة الرومانسي"

GMT 09:00 2018 الثلاثاء ,12 حزيران / يونيو

" ديور " تطرح ساعات مرصعة بالألماس

GMT 18:37 2016 الأحد ,03 إبريل / نيسان

شيرى عادل فى كواليس تصوير "بنات سوبر مان"

GMT 02:51 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

شيرين سعيدة بنجاح "سابع جار" ودورها في "عائلة زيزو"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib