محنة الديمقراطيات ومخاوف الفاشية
مظاهرة في واشنطن دعماً للفلسطينيين واللبنانيين الذين يتعرضون لهجمات إسرائيلية مكثفة حصيلة قتلى ومصابي الجيش الإسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية منذ بدء العمليه البرية باتجاه قرى جنوب لبنان آلاف الأشخاص يتظاهرون في مدريد ومدن أخرى حاملين الأعلام الفلسطينية ومرددين شعارات تضامن مع قطاع غزة ولبنان غارة إسرائيلية استهدفت منطقة القصير بريف حمص عند الحدود السورية اللبنانية وزارة الصحة الفلسطينية تعلن ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر إلى 41 ألفا و825 شهيداً و96 ألفاً و910 مصاباً منظمة الصحة العالمية تُعلن أكثر من 6% من سكان قطاع غزة استشهدوا أو أصيبوا في عام منظمة الصحة العالمية تُعلن إخلاء 3 مستشفيات جنوب لبنان والادعاءات الإسرائيلية لا تبرر استهدافها منظمة الصحة العالمية تؤكد 73 موظفاً بالقطاع الصحي اللبناني استشهدوا جراء الاعتداءات الإسرائيلية اختفاء ناقلات نفط إيرانية وسط مخاوف من هجوم إسرائيلي بايرن ميونخ الألمانى يُعلن غياب جمال موسيالا عن صفوفه خلال الفترة الحالية بسبب معاناته من الإصابة
أخر الأخبار

محنة الديمقراطيات... ومخاوف الفاشية

المغرب اليوم -

محنة الديمقراطيات ومخاوف الفاشية

عثمان ميرغني
بقلم: عثمان ميرغني

ما بين أحداث برازيليا في الثامن من يناير (كانون الثاني) 2023، وأحداث واشنطن في السادس من يناير 2021، كثير من التشابهات والتقاطعات. ففي مناظر أعادت إلى الأذهان أحداث اقتحام مبنى الكونغرس الأميركي، وجددت الحديث عن محنة الديمقراطيات، هاجم أنصار الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو يوم الأحد الماضي الحي الحكومي في العاصمة واقتحموا مقار البرلمان والمحكمة العليا وقصر الرئاسة، واشتبكوا مع الشرطة لساعات قبل أن تستعيد السلطات السيطرة على الوضع. مثل أنصار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، فإن أنصار بولسونارو يرفضون الإقرار بهزيمته في الانتخابات الرئاسية الماضية، ويرفضون شرعية الرئيس المنتخب لويس إيناسيو لولا دا سيلفا ويريدون إطاحته.
في الحالتين سلطت الأحداث الأضواء مجدداً على حقائق مقلقة للكثيرين، وهي التحدي الذي يمثله تنامي تيار اليمين القومي المتطرف، وتأثير أنصار نظرية المؤامرة، وصعود سياسيين شعبويين، وهشاشة الديمقراطية عندما يستخدم بعض القادة السياسيين أنصارهم لتهديد مؤسساتها وتقويض مبادئها. فالسياسيون الذين يرفضون الاعتراف بنتائج الانتخابات إلا إذا جاءت لمصلحتهم، يقوّضون ركناً أساسياً من أركان الديمقراطية وهو مبدأ التداول السلمي على السلطة عبر صناديق الاقتراع. وعندما ينتقل الأمر من مجرد التشكيك في الكلام، إلى أحداث عنف واقتحام مؤسسات ورموز السلطة، فإن التهديد يصبح أخطر.
الحقيقة أنه منذ أحداث اقتحام مبنى الكابيتول في واشنطن قبل عامين كان متوقعاً أن تيارات الشعبويين واليمين القومي المتطرف، قد تجد فيها محفزاً لنقل معاركها مع الحكومات المركزية إلى مستوى آخر لا يقف عند حد حملات التشكيك ونظريات المؤامرة، بل يصل إلى حد محاولة تقويضها والانقلاب عليها.
ألمانيا على سبيل المثال استيقظت على أنباء مخيفة في السابع من ديسمبر (كانون الأول) الماضي عندما أعلنت السلطات عن إحباط محاولة انقلابية استهدفت إسقاط النظام الديمقراطي بتنفيذ هجمات مسلحة واغتيالات واقتحام مقر البرلمان والاستيلاء على مؤسسات السلطة، وتشكيل حكومة عسكرية «مؤقتة». وفي حملة مداهمات شملت 11 ولاية اعتقلت السلطات عشرات المشتبه بهم من اليمين القومي المتطرف وبالأخص من حركة «رايخسبورغ» أي «مواطنو الرايخ»، وهي حركة لا تعترف بالدولة الألمانية القائمة وتؤمن باستمرار إمبراطورية الرايخ. وقد ظلت أجهزة الاستخبارات الألمانية تراقب الحركة منذ سنوات وتحذر من نشاطاتها وحملاتها للتعبئة والتجنيد بما في ذلك استقطاب عسكريين سابقين.
أميركا فيها مثل هذه الحركات التي تعادي السلطة المركزية وتريد تقويضها ولو بالعمل العسكري والإرهاب، ولعل تفجير أوكلاهوما الذي نفذه في عام 1995عسكري سابق هو تيموثي ماكفي بمساعدة شريك آخر هو تيري نيكولز، كان مؤشراً على ذلك. أوروبا وحتى أستراليا ونيوزيلندا وكندا فيها حركات من اليمين المتطرف التي لا تتورع عن استخدام الإرهاب والسلاح، وتنسق أو تتأثر ببعضها البعض مثلما اتضح في أحداث كثيرة ومنها الاعتداءات التي استهدفت المهاجرين والمسلمين.
أنصار بولسونارو في البرازيل دعوا صراحة الجيش للتدخل، واعتصموا أمام مقر قيادته منذ إعلان فوز لولا دا سيلفا في الانتخابات الرئاسية مطالبين بانقلاب على الرئيس المنتخب، قبل أن يلجأوا يوم الأحد الماضي إلى اقتحام الكونغرس والمحكمة العليا وقصر الرئاسة. الدعوة للانقلاب لم تأتِ من فراغ، إذ تساءل كثيرون منذ وصول بولسونارو، النقيب السابق في الجيش، إلى السلطة في عام 2018، ما إذا كانت الديمقراطية البرازيلية ستصمد في عهده. فالرجل عرف عنه إعجابه بعهود الديكتاتورية العسكرية في البرازيل، ولديه تصريحات كثيرة في هذا الشأن حتى خلال رئاسته، بل إنه لوّح بإعادة فرضها على البلاد.
خلال العامين الأخيرين شحن بولسونارو أنصاره، وسار على نهج ترمب في القول إنه إذا خسر الانتخابات فسوف يعني ذلك أنها مزورة، وأن البرازيل ستواجه كثيرا من المشاكل. بل إنه لوح «بالحرب» ضد من وصفهم باللصوص الذين يريدون سرقة الانتخابات، وقال إن البرازيل ستواجه وضعاً أسوأ مما حدث في واشنطن في 6 يناير 2021.
صحيح أن الجيش لم يستجب لدعوات أنصار بولسونارو بالتدخل، لكن السلطات البرازيلية تشعر بالقلق من احتمال وجود عناصر عسكرية قد تستغل الأوضاع إذا تدهورت. الأمر الآخر أن أحداث الأحد الماضي كشفت أن الشرطة تباطأت في التدخل، وأن عدداً من عناصرها كانوا يتسامرون مع المحتجين المتوجهين لاقتحام المقار الحكومية، ويلتقطون صور «سيلفي» معهم بدلاً من التصدي لهم.
وإذا كان بولسونارو وأنصاره يشكلون الآن مصدر قلق للحكومة البرازيلية، فإن الرئيس السابق قد يصبح مصدر حرج للولايات المتحدة. فهو يقيم منذ هزيمته في الانتخابات الماضية، في ولاية فلوريدا الأميركية، ليس بعيداً عن «صديقه السياسي» ترمب. وجاء إلى فلوريدا قبيل تنصيب لولا دا سيلفا رافضاً نقل الوشاح الرئاسي لخصمه اللدود، في خطوة تعكس رفضه الاعتراف بهزيمته الانتخابية، والتشكيك في شرعية لولا وهو الخط الذي ينتهجه أنصاره من خلال احتجاجاتهم التي يطالبون فيها بتنحي الرئيس، قائلين إن مكانه هو السجن وليس القصر الرئاسي.
ورداً على اتهامات لولا له بدعم «الفاشية» وأعمال الشغب الأخيرة، أصدر بولسونارو رداً مقتضباً عبر فيه عن إدانته «لاقتحام ونهب المباني العامة»، وتأييده للاحتجاجات الشرعية السلمية. إلا أن ذلك لم يمنع سيل الانتقادات الواسعة التي اتهمته بشحن أنصاره الذين يريدون الانقلاب على الشرعية الديمقراطية، وينادون بتدخل الجيش لتسلم السلطة وإنهاء رئاسة لولا. كما أن عدداً من أعضاء الكونغرس الأميركي دعوا إلى طرده وعدم السماح له بتحويل مقر إقامته في فلوريدا إلى ملاذ لتقويض الديمقراطية في بلاده.
وسط هذه الأجواء ترددت تكهنات بأن بولسونارو ربما يتوجه للإقامة في إيطاليا إذا تصاعدت الأصوات المطالبة بإبعاده من فلوريدا وإعادته إلى بلاده التي ربما تحاكمه إذا ثبت ضلوعه بأي شكل في الأحداث التي أدت إلى اقتحام المباني الحكومية في برازيليا. أما لماذا إيطاليا، فلأنها حالياً تحت حكم أحزاب اليمين القومي المتطرف بقيادة رئيسة الوزراء جيورجيا ميلوني التي قادت حزبها «إخوان إيطاليا» المتجذر في بقايا الفاشية، إلى انتصار مذهل في الانتخابات الماضية، قض مضاجع أوروبا القلقة من تنامي مد اليمين القومي المتطرف والسياسيين الشعبويين.
انتقال بولسونارو إلى إيطاليا أو أي بلد أوروبي آخر لن يكون موضع ترحيب من الكثيرين، لأن القارة لديها مشاكلها وهمومها، وقد سارعت السلطات الإيطالية إلى نفيه. فالرئيس البرازيلي المهزوم سيكون مصدر قلق حيثما حل، لا سيما أن البرازيل قد تكون مرشحة لاضطرابات أخرى مقبلة في ظل التحديات الكثيرة التي تواجهها حكومة لولا دا سيلفا، وقد تكون هناك فصول أخرى لم تكتب بعد لتداعيات أحداث الأحد الماضي في العاصمة برازيليا.
في كل الأحوال فإن تلك الأحداث أعادت النقاش المحتدم منذ اقتحام مبنى الكابيتول في واشنطن، حول التحديات التي تواجهها الديمقراطيات بسبب خطابات الشحن والتأجيج من القيادات الشعبوية، وفي ظل صعود اليمين القومي المتطرف في أكثر من مكان. صحيح أن التهديد للديمقراطيات الراسخة أو الناشئة ليس أمراً جديداً، لكنه أصبح اليوم ظاهرة قابلة للانتقال السريع بسبب الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي التي فتحت المجال واسعاً لحروب الإشاعات التي تغذي التأجيج، ووفرت منصات أتاحت للمتطرفين الترويج لأفكارهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محنة الديمقراطيات ومخاوف الفاشية محنة الديمقراطيات ومخاوف الفاشية



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:18 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين رئيس تكشف عن شخصيتها في فيلم «الفستان الأبيض»
المغرب اليوم - ياسمين رئيس تكشف عن شخصيتها في فيلم «الفستان الأبيض»

GMT 18:41 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

لا تتورط في مشاكل الآخرين ولا تجازف

GMT 23:10 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد ورق الغار للصحة

GMT 06:52 2019 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي عل الألوان التي يمكن تنسيقها مع " الأخضر" في الديكور

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

استئنافية وجدة ترجئ النظر في قضية "راقي بركان"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib