مَن يدفع فاتورة حرب السودان
نادي وست هام يونايتد يُعلن أقال مدربه الإسباني جولين لوبتيغي بسبب سوء نتائج الفريق هذا الموسم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يُقدم العزاء في وفاة أسطورة الملاكمة عبد القادر ولد مخلوفي مقتل 3 وإصابة 3 آخرين جراء تحطم طائرة مائية في جزيرة سياحية أسترالية توقف حركة الطيران بين سوريا والإمارات بعد انطلاق أول رحلة جوية أمس الثلاثاء قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مدينة الظاهرية جنوب الخليل في الضفة الغربية وتصادر عدداً من المركبات إدارة بايدن تُحذر ترامب من كارثة إنسانية في غزة حال دخول قانون حظر الأونروا حيز النفاذ وزارة الخارجية السورية تدعو إلى رفع العقوبات بشكل كامل بعد زوال السبب الذي وجدت من أجله الجيش الإسرائيلي يعلن العثور على جثة الأسير يوسف الزيادنة في رفح بقطاع غزة وأعادتها إلى تل أبيب الإمارات تُدرج 19 فرداً وكياناً على قوائم الإرهاب المحلية وذلك لارتباطهم بتنظيم الإخوان المسلمين مقتل 3 جنود إسرائيليين وإصابة آخرين بجروح متفاوتة جراء انفجار عبوة ناسفة شمال قطاع غزة
أخر الأخبار

مَن يدفع فاتورة حرب السودان؟

المغرب اليوم -

مَن يدفع فاتورة حرب السودان

عثمان ميرغني
بقلم : عثمان ميرغني

بعد أن تنتهي هذه الحرب في العاصمة السودانية، ستكون هناك معركة أخرى صعبة في الانتظار، وهي معركة إعادة الإعمار. فالدمار الذي حدث هائل بالفعل، وسيكتشف الناس حجمه عندما ينجلي غبار المعارك ويرون الصورة الكلية لا الصور المجزأة التي يتم تداولها بسبب صعوبات التغطية والتحرك على الأرض. فمنذ اندلاع الحرب، حدث تدمير ممنهج لكل مقومات الحياة والدولة. نُهبت مصانع المواد الغذائية والدواء وأفرغت من كل محتوياتها حتى طاولات وكراسي المكاتب ومعدات التكييف. بل إنه في بعض المصانع وصل الأمر إلى حد تفكيك الماكينات وسرقتها. نُهبت وحرقت الأسواق في مدن الخرطوم الثلاث، ولم تسلم الكثير من المحال والمتاجر الصغيرة والكبيرة، حتى محال التوابل والعطارين طالها النهب والتخريب. وامتدت عمليات النهب والتدمير إلى مخازن ومنشآت منظمات الإغاثة الدولية، ومقار البعثات الدبلوماسية.

أيضاً استهدفت مؤسسات الدولة والمنشآت الخدمية الأساسية وعلى رأسها محطات كهرباء ومياه احتلتها قوات الدعم السريع منذ بداية القتال، ما حرم أعداداً كبيرة من السكان في بعض المناطق من مياه الشرب واضطرهم إلى جلب المياه من النيل أو من آبار قريبة، معرضين حياتهم للخطر.

وتعرضت البنوك لعمليات نهب منظمة من قبل عناصر «الدعم السريع» وثقتها مقاطع الفيديو العديدة المنتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي، وأكملت المهمة العصابات التي استغلت الفراغ الأمني الحاصل وغياب الشرطة.

الجيش السوداني قاتل كجيش محترف، بينما عناصر الدعم السريع تصرفت كميليشيا تفتقر إلى أي عقيدة عسكرية سليمة، لذلك ارتكبت تجاوزات وانتهاكات خطيرة، ودخلت الأحياء السكنية متخذة السكان دروعاً بشرية، واستباحت البيوت، وأملاك المواطنين، واقتحمت المستشفيات وأفرغتها من المرضى لعلاج عناصرها ولاتخاذ بعضها مقار عسكرية، الأمر الذي زاد الأوضاع سوءاً وحرم الناس من أبسط الخدمات الصحية الضرورية وعرض حياة الكثيرين للخطر.

السودانيون غارقون اليوم في تفاصيل الحرب وهمومها اليومية، لكن السؤال الأول بعد أن يتوقف الرصاص، سيكون الحديث عن فاتورة إعادة الإعمار.

أمس، أعلنت منظمة الأمم المتحدة على لسان رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أنها ستحتاج إلى نحو 3 مليارات دولار لتقديم مساعدات عاجلة في السودان، مشيرة إلى أن 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف السكان، باتوا يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية العاجلة، بعدما زاد الوضع سوءاً بسبب الحرب الجارية الآن. وقالت الأمم المتحدة إنها راجعت خطتها السابقة منذ اندلاع الحرب وتتوقع الآن أنها ستحتاج إلى أزيد من مليارين ونصف المليار دولار لتقديم مساعدات داخل أراضي السودان، إضافة إلى نحو 470 مليون دولار للاجئين والنازحين بسبب القتال، وسط توقعات بأن عددهم سيصل إلى نحو مليون ومائة ألف شخص خلال العام الجاري.

هذا عن المساعدات الإنسانية، أما احتياجات إعادة البناء والإعمار فسوف تكون أضعافاً مضاعفة، وستضع السودان أمام اختبار حقيقي وتحتاج إلى تفكير خارج الصندوق. العالم اليوم مشغول بمشاكله الاقتصادية المتفاقمة منذ الأزمة المالية العالمية، ثم جائحة «كورونا»، وأخيراً الحرب الأوكرانية، لذلك فإن السودان لن يكون في مقدمة الاهتمامات، ولن تتدفق عليه مساعدات تحقق له إعادة بناء كل ما دمرته الحرب. ستأتي مساعدات بالتأكيد لكنها ستبقى محدودة، وبعضها سيكون مرهوناً بشروط، وحتى إذا عُقد مؤتمر للمانحين فإن الحصيلة، وفقاً للكثير من التجارب الماثلة، ستكون وعوداً يتحقق منها القليل، ويتأخر الكثير أو لا يتحقق.

الواقعية تعني أن على السودانيين توظيف تجربة الحرب وتحويلها إلى فرصة للنظر إلى التنمية الداخلية بعين جديدة. الدول لا تنمو وتتطور بالإغاثات والمعونات، بل بأن تتعلم أن تقف على قدميها، وتعتمد على تطوير قدراتها ومواردها. الوقوف بالأبواب لطلب المساعدات، لا يبني دولة، بل يحد من القدرة على التفكير والعمل والابتكار للخروج من الأزمات.

نموذج رواندا قد يكون تجربة ملهمة فيها بعض الدروس للسودان. فبعد مأساة حرب 1994 التي راح ضحيتها أكثر من 800 ألف شخص وأدت لنزوح نحو مليوني إنسان، انصرفت رواندا إلى إعادة بناء نفسها حتى أصبحت اليوم من النقاط المضيئة في أفريقيا، ومحط إعجاب الكثيرين حول العالم. صحيح أنها استفادت من المساعدات التي قدمت لها، لكنها لم تجعل نفسها أسيرة لمفهوم الدعم. نفضت الدولة غبار الحرب والتخلف، وسارت بخطى حثيثة لتحقق تقدماً اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً مشهوداً جعل البعض يطلق عليها لقب «سنغافورة أفريقيا». فعلى مدى سنوات أصبح لديها واحد من بين أسرع الاقتصادات نمواً في العالم، وحتى في ظل الظروف العالمية الصعبة حالياً، أكد صندوق النقد الدولي أنه يتوقع نمو اقتصاد رواندا بمعدل 6 في المائة لهذا العام، وبنسبة تزيد على 7 في المائة للعام المقبل.

ليس هذا فحسب، بل إن رواندا أصبح لديها أعلى معدل للالتحاق بالتعليم في أفريقيا بعدما سجلت نسبة 97 في المائة من الأطفال الذين يلتحقون بالتعليم. وفي مجال التنمية الزراعية أصبحت أول دولة توقع البرنامج الشامل لتنمية القطاع الزراعي في إطار مبادرة الاتحاد الأفريقي لتشجيع دول القارة على زيادة الاستثمارات في القطاع الزراعي بتخصيص ما لا يقل عن نسبة 10 في المائة من ميزانيتها لتنمية هذا القطاع الحيوي.

رواندا بلد صغير محدود الإمكانات ولا يقارن بالسودان الشاسع والغني بالموارد الطبيعية، الذي إن كان هناك ما كبل نهضته، ودفعه في طريق التقهقر والتخلف، فهو عدم الاستقرار السياسي، وفقدان النخب السياسية والعسكرية للبوصلة، وغرقها في صراعات السلطة ولعبة الكراسي. اليوم ربما تكون هناك فرصة، لولوج طريق الإصلاح لو وعى الناس دروس هذه الحرب ووظفوها لمعالجة أخطاء الماضي المتراكمة، ووضعوا مصلحة بلادهم فوق كل الاعتبارات الأخرى.

من أين نبدأ؟

بعد كل الدمار الذي حدث، والجهود المطلوبة لإعادة تأهيل القطاعات الخدمية والصحية والمعيشية الحيوية بشكل سريع كي تستأنف دورة الحياة، يحتاج السودانيون إلى إعادة التفكير في حساباتهم بشأن الفترة الانتقالية. ذلك أن فترة انتقالية قصيرة لعام واحد أو عامين لن تكون كافية لمواجهة ما هو مطلوب للبدء في عملية إعادة الإعمار الصعبة. مثلما أن حكومة محاصصات بين القوى المدنية والعسكرية ستشلها الصراعات وتشغلها عن التركيز على الملفات العاجلة في إعادة بناء ما دمرته الحرب. وقياساً على تجربة الأعوام الأربعة الماضية فإن المفاوضات السياسية بين القوى المعنية المتعددة لن تكون سهلة، وتحتاج إلى وقت لتحقيق التوافق المطلوب لانتقال مستقر، ولتجهيز الآليات لإجراء انتخابات تقود إلى الحكم المدني الديمقراطي المنشود. وفي ظل هذه الحال، الأفضل أن تكون هناك حكومة تكنوقراط من المستقلين تنصرف لمعالجة ملفات استعادة دورة الحياة وإعادة الإعمار، بينما تتفرغ القوى المدنية والسياسية ومؤسسات الدولة لمفاوضات وترتيبات الانتقال، وتوحيد السلاح تحت قيادة الجيش النظامي.

التحديات المقبلة مصيرية للسودان، وعلى النخب أن تتعلم من كوارث الماضي، لأنه ليس هناك مجال للمزيد من سوء الحسابات، والدوران في ذات الحلقة المفرغة من لعبة الكراسي التي قادت البلد إلى هذا الوضع المزري.

آليات وتفاصيل الإصلاحات وإعادة الإعمار تحتاج إلى عودة أخرى في مقال لاحق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مَن يدفع فاتورة حرب السودان مَن يدفع فاتورة حرب السودان



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 04:02 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

ملخص وأهداف مباراة توتنهام ضد ليفربول في الدوري الإنكليزي

GMT 21:17 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

المكاسب المالية تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 02:19 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

فالنسيا يواصل نزيف النقاط بالتعادل مع ديبورتيفو ألافيس

GMT 17:49 2017 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

بشرى بوشارب تُعلن عن رواية "المهاجرة" في القاهرة

GMT 22:17 2016 الإثنين ,10 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد لاستخدام العشب الصناعي في حديقة منزلك

GMT 17:54 2016 الجمعة ,14 تشرين الأول / أكتوبر

سون هيونغ مين يفوز بجائزة لاعب الشهر في الدوري الإنجليزي

GMT 15:48 2016 الأحد ,11 كانون الأول / ديسمبر

آن هاثاواي تفتخر برشاقتها بعد الولادة في فستان أسود
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib