أزمة حكومة أم أزمة بلد
دونالد ترامب يفضل السماح لتطبيق تيك توك بمواصلة العمل في الولايات المتحدة لفترة قصيرة على الأقل شركة طيران أمريكية تجبر أحد الركاب على ترك مقعده في الدرجة الأولى لصالح كلب مرافق مقتل 10 ركاب وإصابة 12 في تحطم طائرة في البرازيل مطار دمشق الدولي يُعلن تمديد تعليق الرحلات الجوية حتى الأول من يناير 2025 الحوثيون يؤكدون إفشال هجوم أميركي بريطاني على اليمن باستهداف حاملة الطائرات "يو إس إس هاري إس ترومان" إسرائيل تنفي مغادرة أي وفد لمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة إلى القاهرة 10 جنود إيرانيين شباب لقوا حتفهم في حادث سقوط حافلة في واد غرب إيران سقوط نحو 300 قتيل في اشتباكات عنيفة بين قوات سورية الديمقراطية وفصائل مسلحة مدعومة من تركيا في محيط سد تشرين وزارة الصحة في غزة تكشف أن عدد ضحايا عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع ارتفع إلى 45,259 شهيداً و107,627 مصاباً من 7 أكتوبر 2023 تسجيل 76 حالة وفاة و768 إصابة جراء إعصار شيدو الذي ضرب مقاطعات "كابو" و"ديلغادو" و"نابولا" و"نياسا" في شمال موزمبيق
أخر الأخبار

أزمة حكومة أم أزمة بلد؟

المغرب اليوم -

أزمة حكومة أم أزمة بلد

عثمان ميرغني
بقلم - عثمان ميرغني

تكررت كثيراً خلال الأيام القليلة الماضية صفة «جمهورية موز» لوصف الحال في بريطانيا. الاستخدام مجازي بالطبع، لأن بريطانيا ملكية وليست جمهورية، لكن إذا كان الوصف يُطلَق عليها بسبب أزمتها الاقتصادية - السياسية الراهنة؛ فماذا نقول عن بعض دولنا التي فارقت درب المنطق والحكمة، وغرقت في أزمات السياسة ومستنقع الحروب الداخلية؟ مجرد خاطرة، وإن كانت ليست موضوعنا اليوم.
كم يبدو غريباً أن يصل الحال بالمملكة المتحدة إلى وضع تلجأ فيه كثير من الأُسَر إلى الجمعيات الخيرية للحصول على الطعام، وتحذر فيه سلطات الطاقة من احتمال فرض قطع الكهرباء لساعات يومياً خلال الشتاء المقبل. أقدم الديمقراطيات أصبحت تعيش أوضاعاً مضطربة، وتقلبات سياسية متسارعة، جعلت بعض المعلقين يقولون إنها تعيش الحالة الإيطالية. أربعة وزراء مالية في غضون ثلاثة أشهر، وأربعة رؤساء وزراء في ستة أعوام، والخامس ربما يكون في الطريق خلال أيام أو أسابيع، إذا استمر التخبُّط الحالي.
الأزمة الحالية سببها مجموعة من العوامل؛ بدأت بتداعيات قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، ثم جائحة «كورونا» التي هزت الاقتصاد العالمي، وأخيراً الحرب في أوكرانيا التي يدفع العالم كله ثمنها. في هذه الأوقات المضطربة جاءت حكومة رئيسة الوزراء، ليز تراس، لتزيد تعقيدات الأزمة الاقتصادية والمالية في بريطانيا بسياسات غير موفَّقة وميزانية غير مدروسة جيداً أدّت إلى انهيار قيمة الجنيه الإسترليني، حتى كاد يتوازى مع الدولار الأميركي، قبل أن يستعيد شيئاً من عافيته. كذلك استمر ارتفاع أسعار الفائدة وأعباء الدين الحكومي، وزادت الضغوط على المواطن؛ سواء في ارتفاع الأقساط العقارية، أو مع ارتفاع نسبة التضخم، وزيادة أسعار الطاقة، وتكلفة المعيشة عموماً.
أمام هذه الأزمة التي أثارت سخطاً واسعاً، وفي محاولة لإنقاذ نفسها، ضحَّت ليز تراس بوزير ماليتها، كواسي كوارتينغ، بعد 38 يوماً فقط في المنصب، وعيَّنت مكانه منافسها السابق جيريمي هنت، الذي أصبح أقوى شخص في الحكومة، لأنه عاد بشروطه، وبصلاحيات مطلقة جعلته يمزق كل تعهدات رئيسة الوزراء وميزانيتها المصغرة، ليكتب قراراته وخطواته في صفحة بيضاء. الكل بات يقول إن تراس رئيسة وزراء بالاسم فقط، وهنت هو الرئيس الفعلي، أو مثلما قالت مجلة «الإيكونوميست» إن بريطانيا لديها ملكية دستورية، الملك فيها شخصية رمزية، واليوم بات لديها أيضاً رئيسة وزراء رمزية تحمل اللقب، لكنها بلا نفوذ.
هذه السيدة التي كانت تحلم بأن تكون مارغريت ثاتشر جديدة تقاتل الآن للاحتفاظ بمنصبها، وتحاصرها الأزمات والمؤامرات وراء الكواليس، للإطاحة بها. مغامرتها في تعيين هنت لكي تنقذ نفسها وتحتمي خلفه؛ كونه يتمتع بالاحترام في البرلمان، قد تهيئ لاحقاً لتنصيبه وإطاحتها، بعد أن فقدت تأييد نسبة مقدَّرة من نواب حزبها، وخسرت تعاطف الإعلام وتأييد الشارع البريطاني الذي لم يمنحها تفويضاً أصلاً، لأنها جاءت عن طريق تأييد أغلبية أعضاء حزبها المسجلين، الذين يمثلون أقل بكثير من 1 في المائة من عدد الناخبين في بريطانيا.
آخر استطلاعات الرأي وضعت تراس كأقل رؤساء الوزراء شعبية على الإطلاق، حتى بين أعضاء حزبها، انخفض التأييد لها، وبات 20 في المائة فقط يؤيدونها، بينما الغالبية تريد استقالتها. وبسبب تخبط حكومتها، انخفضت شعبية حزب المحافظين أيضاً، وبات يتخلف بنحو 36 نقطة عن منافسه، «حزب العمال» (56 في المائة مقابل 20 في المائة)، وهو أعلى فارق بين الحزبين في ربع قرن.
أطرف تعليق قرأته يقول إن ليز تراس في ستة أسابيع دفنت الملكة إليزابيث، ودفنت الاقتصاد، ودفنت حزبها؛ ذلك أن حزب المحافظين، مثل رئيسة الوزراء، يعيش أزمة حقيقية، بعد أن فقد تأييد الغالبية في الشارع البريطاني، حتى قبل الأزمة الأخيرة، وبات مُرجَّحاً أنه سيخسر الانتخابات المقبلة المقررة في 2024، أو قبل ذلك إذا خسرت الحكومة ثقة البرلمان، وهو أمر مستبعَد، لأن نواب حزب المحافظين المهددين بخسارة مقاعدهم في الانتخابات لن يصوتوا ضد حكومتهم، حتى وإن اختلفوا معها، لأنهم إن فعلوا فسيعجلون بنهايتهم، لكنهم يمكن أن يضحوا برئيسة الوزراء، مثلما فعلوا بعددٍ ممن سبقوها.
حزب المحافظين، الذي كان يُعدّ أنجح حزب سياسي في بريطانيا، لأنه حكم فترة أطول، بات يتخبط منذ فترة طويلة، ويعاني، نتيجة اختطاف اليمين المتشدد داخله لبعض أهم سياساته وقراراته في لحظات مهمة خلَّفت تداعيات كبرى.
الحزب في تقديري مسؤول عن أسوأ القرارات التي انتهت ببريطانيا إلى هذا الوضع. مارغريت ثاتشر في حربها لتدمير النقابات العمالية المتشددة وإضعاف غريمها، «حزب العمال»، في هذا السياق، دمرت أيضاً الصناعات البريطانية، عن طريق برنامج الخصخصة الواسع الذي شهد أكبر عملية تفكيك وبيع لمؤسسات القطاع العام.
وقتها شاع التعبير الذي استخدمه رئيس الوزراء الأسبق، هارولد ماكميلان، في انتقاده لعملية بيع مؤسسات القطاع العام التي اعتبرها مثل بيع فضة العائلة؛ فقد فقدت بريطانيا تدريجياً صناعة السفن، والسيارات، والحديد والصلب، كما بيعت الخطوط الجوية البريطانية، والسكك الحديدية، وشركة الاتصالات، وشركة الغاز، وغيرها من كبرى الشركات التي كانت مملوكة للدولة. وهكذا تحولت بريطانيا من دولة صناعية إلى بلد يعتمد بشكل كبير على قطاعي الخدمات المالية والتأمين.
رئيس الوزراء السابق، بوريس جونسون، قاد عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست) التي لا تزال تداعياتها تظهر تدريجياً، وتسهم في تقزيم الاقتصاد ومتاعبه؛ فبريطانيا اليوم غير بريطانيا الأمس، إذ خسرت الكثير من نفوذها على الساحة الدولية، وفقدت مركزها، كخامس أكبر اقتصاد عالمي، بعد أن أزاحتها الهند وتربَّعت مكانها.
والأزمة الراهنة، وإن كان عنوانها ليز تراس، هي في الحقيقة أزمة حزب فقد البوصلة بسبب الصراع الداخلي المزمن بين اليمين المتشدد والجناح المعتدل، وأزمة بلد فقد وضعه القديم في عالم متغيِّر تبرز فيه قوى جديدة وتتغير الموازين السياسية والاقتصادية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أزمة حكومة أم أزمة بلد أزمة حكومة أم أزمة بلد



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 09:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع
المغرب اليوم - المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع

GMT 13:49 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني
المغرب اليوم - الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني

GMT 18:10 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 09:12 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

لاعبو منتخب "الأسود" يؤكدوا ثقتهم في الركراكي

GMT 08:54 2023 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

العام الحالي 2023 الأكثر حرّاً في التاريخ المسجّل

GMT 16:07 2023 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

علماء الآثار يزعمون اكتشاف "خريطة كنز عملاقة"

GMT 05:19 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زينّي حديقة منزلك بـ"فانوس الإضاءة الرومانسي"

GMT 09:00 2018 الثلاثاء ,12 حزيران / يونيو

" ديور " تطرح ساعات مرصعة بالألماس

GMT 18:37 2016 الأحد ,03 إبريل / نيسان

شيرى عادل فى كواليس تصوير "بنات سوبر مان"

GMT 02:51 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

شيرين سعيدة بنجاح "سابع جار" ودورها في "عائلة زيزو"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib