الحاجة إلى ثقافة يمينية تقدمية
وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023 إغلاق سفارات الولايات المتحدة وإيطاليا واليونان في أوكرانيا خوفاً من غارة روسية منظمة الصحة العالمية تُؤكد أن 13 % من جميع المستشفيات في لبنان توقفت عملياتها أو تقلصت خدماتهاالطبية في القطاع الصحة في غزة تؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي أعدم أكثر من 1000 عامل من الكوادر الطبية في القطاع عطل فنى يُؤخر رحلات شركة الخطوط الجوية البريطانية في أنحاء أوروبا وزارة الصحة اللبنانية تُعلن سقوط 3544 شهيداً و 15036 مصاباً منذ بداية العدوان الإسرائيلي على البلاد
أخر الأخبار

الحاجة إلى ثقافة يمينية تقدمية

المغرب اليوم -

الحاجة إلى ثقافة يمينية تقدمية

نديم قطيش
بقلم - نديم قطيش

قد لا تتوفر في العالم العربي اليوم شخصية مماثلة لشخصية إدموند بورك، الفيلسوف الآيرلندي - البريطاني في القرن الثامن عشر، الذي وضع إلى حد كبير أسس الفكر السياسي المحافظ من خلال نقده للثورة الفرنسية. تدعو فلسفة بورك إلى التغيير التدريجي في مقابل الانقلابات الجذرية، والحفاظ على التقاليد والمؤسسات القائمة، وتطبيق نهج تطويري وإصلاحي عملي يحترم السياق الثقافي والتاريخي الفريد للدول والمجتمعات المختلفة.

بيد أن العالم العربي يقدم في لحظته الراهنة، وتحديداً في خلال كما في أعقاب عقد «الربيع العربي»، مشهداً سياسياً يمكن فيه تتبع أصداء فلسفة بورك، عبر القيادة البراغماتية والفطنة الاستراتيجية اللتين أظهرهما بعض قادة الدول المحافظة، في الصراع الذي خاضوه مع مثلث الإسلام السياسي «الإخواني» (مصر، المغرب، تونس، السودان)، والإسلام السياسي «الثوري» الإيراني (اليمن، العراق)، والإرهاب «الجهادي»، بالإضافة إلى صراعهم مع اليسار الليبرالي عالي الصوت، الذي غالباً ما يتحول مطية للحركات الإسلامية التي سرعان ما تبني على الأنقاض السياسية والمؤسساتية التي ينتجها اليسار، كما حصل بعد إسقاط نظام الرئيس حسني مبارك.

فهذه المدرسة السياسية العربية التي تقود واحداً من أدق التحولات الاجتماعية والاقتصادية في تاريخ المنطقة، وتعبر عنها القيادة السياسية في السعودية والإمارات، تقوم على التحول التدريجي، من موقع الإصلاح غير الصدامي مع التراث، ورفع أولوية الاستقرار السياسي والاجتماعي، وتعد التجسيد العملي لجوهر مدرسة إدموند بورك، وإن كان ينقصها التأسيس النظري والفلسفي.

إن واحدةً من أفكار بورك التأسيسية هي دعوته رجل الدولة إلى الجمع بين «الميل إلى حفظ ما هو قائم، وامتلاك القدرة على التطوير»، من دون أن يرتاب بالتناقض الذي تنطوي عليه هذه الدعوة. فهي عملياً دعوة للإصلاح القائم على التحول التدريجي وتطوير الحوكمة والتحديث الحذر الذي يلتزم في الوقت نفسه الحفاظ على بعض العناصر التقليدية. يتجلَّى هذا النهج في الحاصل اليوم في منطقتنا في مجالات التقدم على صعيد حقوق المرأة، واعتماد التكنولوجيا، والتنويع الاقتصادي، وتطوير القوانين التي تسمح بتعزيز التكافؤ بين الجنسين، وتعزيز قيم التسامح والاستقرار الاجتماعي.

بموازاة ذلك، وفي أعقاب اندلاع الانتفاضات العربية عام 2011، وقبل ذلك، أي منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003 بهدف «الدمقرطة العدوانية» للشرق الأوسط انطلاقاً من إسقاط النظام في بغداد، تم، على مراحل، تفجير الفسيفساء المعقدة للنسيج الاجتماعي في المنطقة، عبر تجاوز دموي للتاريخ المجتمعي والذاكرة الجماعية والمؤسسات الموروثة، وجرى فصل هذه العناصر بتعسف شرير عن أي حساب يتصل بالمسيرة التنموية الإجبارية في هذه الدول.

فعلى عكس بعض وجهات النظر الدولية التي دعت إلى التحولات الديمقراطية الفورية خلال فترات «الربيع العربي» وقبله، كان تركيز القيادات السياسية المحافظة على البراغماتية الحذرة، من خلال فهم العواقب الإقليمية المحتملة للتغييرات المفاجئة، كتوسع المشروع الثوري الإيراني، أو وصول الإسلاميين إلى السلطة. لقد وضعت تجربة هذه القيادات الأسس السياسية لاستراتيجية تجمع بين الاستقرار والمرونة وسط التغيير المضطرب وديناميات الثورات المحفوفة دائماً بعدم القدرة على التنبؤ وإمكانية تمهيدها للفوضى.

ولئن وُضعت الأسس السياسية لهذا المسار بالتجربة الحية، فإن ما ينقص وبشكل حاد وخطير هو الأساس النظري والفلسفي للمثقف «المحافظ التقدمي» أو «المحافظ الليبرالي» أو «اليميني التقدمي». أقر أن كل هذه مفاهيم قاصرة لأسباب كثيرة، أولها أن فكرتي اليمين واليسار أنهما تقسيم ناتج عن تجربة نشوء الأحزاب في الغرب، ضمن دينامية خاصة لها علاقة بالتفاعل بين التحولات الاجتماعية والثقافية وبين النظم الملكية فيه. في حين أن الأفكار السياسية في العالم العربي ولدت من رحم التفاعل مع حدث تفكك السلطنة العثمانية ودينامية التفاعل مع الاستعمار، وتمحور جلها حول فكرة الحكم ومصادر شرعيته.

وبالعودة إلى الفترة الممتدة بين منتصف القرن التاسع عشر ومنتصف القرن العشرين، يمكن العثور على مثقفين وكيانات سياسية تنطبق عليها، مع شيء من التحايل المفهومي، مفاهيم من نوع المثقف «المحافظ التقدمي» أو «المحافظ الليبرالي» أو «اليميني التقدمي» بين المدنيين كطه حسين ولطفي السيد أو أركان حزب الوفد، وقبلهم جميعاً رفاعة الطهطاوي (1801- 1873)، وبين الدينيين كالشيخ محمد عبده الذي تحلق حوله مدنيون بينهم طه حسين وقاسم أمين وآخرون. كما قدمت التجربة اللبنانية تعبيرات يمينية تقدمية، ولو على غلو علماني عند بعض رموزها كشبلي شميل، في مقابل شخصيات أكثر تعقلاً كفرح أنطون وبطرس البستاني وفارس الشدياق.

وما إن جاء عقد الخمسينات وثوراته القومية مع جمال عبد الناصر، ثم إرهاصات «البعث» على تنوع شرورها حتى جرى تدمير الأسس الطرية لفكر سياسي عربي محافظ وتقدمي، مقروناً بمحو ممنهج للتعقل والاعتدال على حساب الجموح الثوري الراديكالي.

ولئن استمر اليمين العربي سياسياً عبر الأنظمة المحافظة التي اختارت التفاهم مع الولايات المتحدة في ظل الحرب الباردة، ظل حتى اليوم يفتقر إلى التنظير الفلسفي والسياسي والقيمي، في مقابل تسييد الثقافة اليسارية والإسلامية على صناعة الفكر والجدل والأفكار.

ولعل الأخطر من ذلك أن النخب الدبلوماسية والسياسية للنظام السياسي المحافظ تُنتج في أكاديميات غربية، تطغى عليها هي الأخرى الرؤى اليسارية، فيكون المنتج إما نخباً ضائعة بين مخزونها المعرفي المنتج في كنف أكاديمي يساري وبين شخصية حكوماتها ونظمها السياسية، وإما نخباً معترضة على واقعها ومنخرطة في لعبة التبسيط المعنونة بـ«الديمقراطية مقابل الاستبداد»، وإما نخباً مؤمنة بواقعها السياسي، لكنها تفتقر للتهيئة الفكرية والقيمية اليمينية التقدمية، بحيث تعجز عن تقديم سردية متكاملة ومتماسكة تدافع عن الخيارات السياسية لدولها وحكوماتها ومجتمعاتها.

الحاجة ماسة عربياً لإنتاج مثقف يميني وثقافة يمينية تقدمية تدافع عن تنوع المسارات نحو الاستقرار والتقدم بما يتجاوز المفاهيم المسبقة عن صراع الديمقراطية والاستبداد، وتقدم للرأي العام المحلي والعالمي وجهة نظرها عن المسار التقدمي المحافظ طريقاً مناسباً للخروج من محنة العرب الراهنة نحو الاستقرار والازدهار والانسجام في السنوات المقبلة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحاجة إلى ثقافة يمينية تقدمية الحاجة إلى ثقافة يمينية تقدمية



GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 07:39 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
المغرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 08:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
المغرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:49 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
المغرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:10 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
المغرب اليوم -

GMT 20:49 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

دراسة حديثة تبيّن تهديد أمراض السمنة المفرطة لكوكب الأرض

GMT 02:25 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

مديرة صندوق النقد أسعار السلع المرتفعة ستستمر لفترة

GMT 16:15 2023 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي نصير مزراوي يواصل الغياب عن "بايرن ميونخ"

GMT 04:58 2023 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

وقوع زلزال بقوة 5.3 درجة على مقياس ريختر جنوب غرب إيران

GMT 10:06 2023 الثلاثاء ,27 حزيران / يونيو

المغرب يسعى لاستيراد ما يصل إلى 2.5 مليون طن من القمح

GMT 07:08 2023 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

أفكار لتجديد ديكور المنزل بتكلفة قليلة

GMT 07:17 2023 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

كاليفورنيا تتأهّب لمواجهة عاصفة مطرية عاتية و "وحشيّة"

GMT 07:44 2022 الأربعاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مكياج كلاسيكي لعروس موسم خريف 2022

GMT 14:16 2021 الجمعة ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أبل تطلق خاصية جديدة تسمح لك بإصلاح أجهزة "آيفون" بنفسك
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib