اللقاح للجميع الآن

اللقاح للجميع... الآن!

المغرب اليوم -

اللقاح للجميع الآن

حسين شبكشي
حسين شبكشي

مع كتابة أحرف وكلمات هذه السطور تتسابق المصادر الإخبارية المختلفة في تغطية «عواجل» الأنباء المتلاحقة المتعلقة بتطورات متحور جائحة (كوفيد - 19) الأخير، والذي أطلق عليه مسمى «أوميكرون». تفاعلت الأسواق المالية كعادتها بتوتر وقلق وخوف، فانهارت كردة فعل أولية لقرارات عدد غير بسيط من الدول بخصوص الإجراءات الاحترازية المتعلقة بالسفر ومواعيد عمل المحلات العامة.

والرسالة الأهم التي لا يزال فيروس «كورونا» يرسلها لنا باستمرار هي رسالة بسيطة مفادها أننا كنا نعيش على كوكب كبير، والآن نحن نعيش على قرية كونية صغيرة للغاية، والتي حتى يتم تلقيح كل منزل بسكانه فيها سيبقى كل منزل مجاور له بسكانه مهدداً بالإصابة بالفيروس.

وفي هذا السياق يوضح الدبلوماسي والأكاديمي السنغافوري المرموق كيشور ماهبوهاني، أن صندوق النقد الدولي عبر إحدى لجانه المتخصصة أجرى دراسة أفادت بأن العالم لو صرف مبلغ خمسين بليون دولار فقط على لقاحات لتلقيح كافة سكان العالم ستحقق عائداً اقتصادياً لاقتصاد العالم يبلغ قيمته تسعة تريولانات من الدولارات، وهو عائد يساوي 180 إلى 1، وبالتالي لعل الدرس الأولي السريع الذي يقدمه للعالم متحور «أوميكرون» هو أن الدول الصناعية الكبرى لا تزال مقصرة بشكل أساسي وواضح في إيصال اللقاحات بأعداد فعالة ومؤثرة إلى مناطق العالم المتضررة من الجائحة وغير القادرة على استيفاء وتحمل التكاليف المالية، وخصوصاً في القارة الأفريقية والقارة الآسيوية وقارة أميركا الجنوبية. هناك قناعات متزايدة في المناطق الجنوبية من الكرة الأرضية بأنهم يتعرضون إلى حالة التمييز والممارسات العنصرية فيما يخص الإجراءات الاحترازية الحادة بحقهم، وتحديداً الإجراءات المتعلقة بتعليق السفر إلى دول أفريقية وما لذلك من آثار هدامة ومدمرة على الاقتصاد المحلي في هذه الدول المعنية.

والجهة الوحيدة التي تتحرك بشكل جدي في هذا الإطار، هي دول أعضاء الاتحاد الأوروبي، والتي صرحت مؤخراً بأن اللقاحات الأوروبية التي ستقدم لصالح الدول النامية لمواجهة جائحة «كورونا» ستصل إلى 750 مليون جرعة، ولكن يبقى اللوم الأعظم على دول مثل روسيا والصين والولايات المتحدة، وجميعهم دول منتجة للقاحات المتعلقة بهذه الجائحة، ولديهم القدرات المالية الهائلة على تحمل التكاليف المالية للقاحات، ولكنهم للأسف حتى هذه اللحظة لم يقدموا المطلوب منهم وهو ما يساعد في تفسير القصور الواضح في عدم وصول العالم إلى معدلات ونسب حماية القطيع المجتمعية المنشودة.

ورغم ندرة المعلومات العلمية الموثقة العلمية والطبية الدقيقة عن المتحور الجديد فإن هذا لم يمنع أو يوقف السباق المحموم في الأيام القليلة، منذ انطلاق الأخبار عن اكتشافه، بين أعداد المصابين به حول العالم وبين انتشار الخوف والقلق والرعب منه والدخول في تفاصيل سيناريوهات الإغلاق الكامل كما حصل من قبل، وهي مسألة مرعبة كانت لها فواتير باهظة الثمن على الصعيدين الاقتصادي والنفسي، والتي لا تزال دول كثيرة حول العالم تجاهد في تحمل تكاليفها.

ولعل تعليق الإعلامية اللبنانية موناليزا فريحة عن تطورات متحور «أوميكرون» فيه من البلاغة واحكمة الموجزة ما يختزل المشهد كله وذلك بقولها: «لن يكون أحد في مأمن قبل أن يصبح الجميع في مأمن». في المرحلة الأولى كما كان متوقعاً تعاملت الدول حول العالم مع الجائحة بالتركيز على تلقيح مواطنيها والمقيمين فيها، ولكن مع مرور الوقت واستمرار ظهور متحورات أشد ضراوة وخطورة مثل «دلتا» و«أوميكرون» تبين للعالم أن كل التركيز على الاستيفاء بالتركيز على اللقاح الخاص بكل دولة سيبقى ناقصاً إذا لم يشمل مفهوماً ورؤية عالمية أكثر شمولاً تركز على إيصال أكبر عدد من اللقاحات لكل العالم بلا أي استثناء، وفي أقرب وقت.

العالم مهدد بالعودة للمربع الأول بعد ظهور العديد من البشائر والمؤشرات الإيجابية التي كانت تشير إلى انفراجة اقتصادية عظيمة لأسواق العالم، وعليه سيكون التحدي الأعظم أمام حكومات العالم هو الإبقاء على نوافذ التفاؤل والأمل والإيجابية مفتوحة، لأن الأسواق المالية شديدة الحساسية فيما يتعلق بأي شيء يجذب الخوف والسلبية والرعب والقلق والتشاؤم، وهو ما نراه بدأ في التسرب والانتشار بالتدريج في وسائل الإعلام، وبالتالي من الممكن توقع تداعيات ذلك.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اللقاح للجميع الآن اللقاح للجميع الآن



GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 18:36 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
المغرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:49 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

المغربية عزيزة جلال تعود للغناء بعد توقف دام 30 عامًا

GMT 02:57 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

3 مشروبات شائعة تُساهم في إطالة العمر

GMT 08:43 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أبرز الأماكن السياحية في مصر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib