بقلم : عماد الدين حسين
كيف هو حال المصريين فى الكويت؟!
ظنى الشخصى وبعد زيارة استمرت ثلاثة أيام لتغطية انتخابات مجلس الأمة يوم الخميس الماضى، والاستماع إلى آراء وتقييمات متنوعة، أنهم فى حالة طيبة لا تعكسها حالة الضجيج والهستيريا التى نسمعها أحيانا فى بعض وسائل التواصل الاجتماعى.
لا يوجد إحصاء رسمى لعدد المصريين بالكويت، والتقدير الأقرب للصواب أقل قليلا من 600 ألف.
هم ثانى أكبر جالية بـ ٢٤٪ وتسبقهم فقط الجالية الهندية بحوالى ١، ١ مليون تمثل حوالى ٤٠٪ والعمالة الكويتية فى المركز الثالث، لكن إذا تم استثناء العمالة الهندية المنزلية فإن العمالة المصرية تقفز للمركز الأول.
وكما كتبت قبل أيام فإن المزاح الشعبى الكويتى العام عن المصريين جيد بصفة عامة، بعيدا عن بعض الفئات القليلة التى تستهدفهم.
العمالة المصرية تتوزع على مجالات كثيرة من أول الوظائف الحكومية إلى القطاع الخاص، هم موجودون كمهنيين من أطباء ومهندسين ومحاسبين ومحامين لكن الجزء الأكبر يعمل فى قطاع المقاولات والمطاعم والمحلات، وجميعهم يساهمون بنسبة لا بأس بها فى تحويلات العملة الصعبة التى تلعب دورا مهما فى دعم الاقتصاد القومى.
ولا يعرف كثيرون أن عدد العمالة المصرية فى القطاع الحكومى الكويتى لا يزيد على ٣٨ ألف شخص وإجمالى عدد من يعمل منهم فى البلديات أقل من ألف شخص.
والذى حدث أن الحكومة الكويتية حينما أعلنت عن «تكويت» الوظائف فى البلديات خلال ثلاث مراحل، فإنه لم يتم الاستغناء إلا عن ٣٢ مصريا يعملون فى بلدية الكويت. فى حين أن بعض المواقع الإعلامية غير المهنية ذكرت أن الكويت ستستغنى عن أكثر من ٦٠٠ ألف مصرى يعملون فى القطاع الحكومى، فى حين أن إجمالى عدد المصريين لا يصل رسميا إلى هذا العدد، ثم إن القطاع الخاص يستوعب ٤٦٠ ألف بنسبة تصل إلى 75% من إجمالى العمالة المصرية وبالتالى فإن هذا الاستهداف الإعلامى هو أقرب إلى التربص، حتى لو كان بعضه يتم بحسن نية، لكنه فى النهاية يقود لخلق حالة من الإرهاب الإعلامى تصور الكويت وكأنها بصدد طرد كل المصريين منها.
العامل المصرى خصوصا فى المهن والحرف الدنيا يحصل على أقل الرواتب مقارنة بالعديد من الجنسيات الأخرى التى لا تقبل بمثل هذه المرتبات، كما أنه يعيش فى ظروف صعبة حيث يتكدس بعضهم فى غرف مزدحمة. وطبقا لمنظمة العمل الدولية فإن كل شخص يستحق أن يتمتع بـ ٣٠ مترا فى مسكنه، لكن فى حالة بعض المصريين بالكويت فلا يتمتع إلا بحوالى ثلاثة أمتار فقط، ولذلك حينما تزور مصريين بسطاء يعملون هناك خصوصا فى منطقة خيطان تجد أكثر من ستة أسرّة فى الحجرة الواحدة، بل إن بعضهم ينام ليلا والآخر ينام نهارا.
السفارة المصرية تتواصل مع العديد من أصحاب القطاع الخاص الذين يوظفون المصريين وتمكنت من تعديل العديد من شروط العمل المجحفة، خصوصا تحديد الحد الأدنى للأجور ب ٢٠٠ دينار «الدينار يساوى حوالى ٦٢ جنيها مصريا» وإذا قام صاحب العمل بتوفير سكن خاص للعامل ينقص الأجر خمسين دينارا، وإذا وفّر له المواصلات ينقص ٣٠ دينارا، وهو بند مهم لأن وسائل النقل العام تسير فى الشوارع الرئيسية فقط.
أحد من قابلتهم لفت نظرى إلى نقطة مهمة وهى ضرورة أن يتم إعادة تأهيل العمالة المصرية الموجودة فى الكويت إذا كانت غير مؤهلة، حتى لا يصبح بعضهم هدفا طوال الوقت للتهديد بإنهاء الخدمات والترحيل، وإذا كان هذا النوع من العمالة يقبل الحد الأدنى من الأجور فقد تأتى عمالة أخرى وتقبل بأقل منه، وبالتالى فإن إعادة دراسة سوق العمل الكويتية وكل أسواق العمل الخليجية بل والعالمية مهمة جدا حتى نعرف ما هى الوظائف المتاحة أكثر، وما هى وظائف المستقبل، فلا يعقل أن يحصل شخص من دولة عربية على راتب يفوق دخل ثلاثين مصريا مجتمعين.
نحتاج بالأخص إلى إعادة تأهيل العمالة الفنية المصرية المطلوبة فى الأسواق العربية، وفى كل الأحوال ورغم التأكيدات على العلاقات الطيبة جدا بين البلدين والتى سمعتها بأذنى خلال مقابلتتى مع وزير الإعلام الكويت عبدالرحمن المطيرى فى القاهرة والكويت، ثم ثلاث مقابلات مع سفيرنا المتميز فى الكويت أسامة شلتوت وكبار العاملين بالسفارة، فإنه ينبغى أن ندرس الملف جيدا حتى لا نتفاجأ بأى أمور غير متوقعة فى المستقبل.