من الذى سيطبق الترشيد

من الذى سيطبق الترشيد؟

المغرب اليوم -

من الذى سيطبق الترشيد

عماد الدين حسين
بقلم : عماد الدين حسين

أحسنت الحكومة، حينما قررت اتخاذ إجراءات كثيرة لترشيد استهلاك الكهرباء، حتى يتم توفير الغاز وبالتالى تصديره للخارج والحصول على العملة الصعبة اللازمة لتخفيف فاتورة الاستيراد المتعاظمة.
السؤال الذى طرحته فى مقال الأمس هو: ما هى الآليات الموجودة لدى الحكومة كى تترجم هذا التوجهات والقرارات إلى واقع يلمسه الجميع على الأرض؟
من سوء الحظ أن الجهاز الإدارى للدولة المنوط به تحويل التوجهات والقرارات والإجراءات إلى واقع عملى، ليس فى أفضل حالاته ويعانى أمراضا وأوجاعا وترهلات متعددة بسبب سياسات حكومية متعاقبة عمرها عشرات السنين.
نعلم جميعا أن المحليات وهى صلب الجهاز الإدارى تعانى أوضاعا صعبة كثيرة، ومن سوء الحظ أنها ــ وهى بهذه الحالة ــ تتداخل فى معظم الخدمات التى تهم الناس. فالمفترض أنها من يطبق القانون الحكومى خصوصا فى تراخيص البناء وكل ما يتعلق بالبنية التحتية من كهرباء ومياه وغاز وخلافه.
بالطبع لا أعمم أو أتهم كل العاملين فى المحليات بالفساد ــ حاشا لله ــ ولكن أتحدث عن المناخ الذى نعلمه جميعا، وقاد إلى حبس المئات من رؤساء الأحياء والمهندسبن والموطفين بتهم فساد متنوعة.
وبالتالى فالسؤال هو: كيف يمكن لهؤلاء أن يطبقوا الإجراءات التى اتخذتها الحكومة الأسبوع الماضى؟
لشرح ذلك، علينا تذكر كيف أنه حينما تزيد أسعار الوقود ويقوم أصحاب وسائقو سيارات الأجرة برفع التعريفة بأكثر من نسبة الزيادة فى الوقود، فإن بعض القائمين على أمر هذه المواقف والتاكسيات لا يستطيعون السيطرة على هؤلاء السائقين، والأمر نفسه موجود فى عدم تمكن بعض مفتشى وزارة التموين من السيطرة على جشع بعض تجار التموين، أو فشل الأجهزة المحلية فى محاربة جشع العديد من التجار فى الأسواق المختلفة.
وذات يوم قال لى مسئول كبير إن هذا الجهاز الإدارى متداعٍ وشبه منهار ويحتاج إلى من يراقبه وهو يراقب الناس!! وبعض العاملين فى هذا الجهاز يعتقدون أن الرشاوى والإكراميات والبقشيش بمختلف أنواعه صار حقا مكتسبا لهم لأن مرتباتهم متدنية!!
نحتاج لتدريب مكثف لكل من سيقوم بعملية متابعة تضييق هذه الإجراءات. ونحتاج إلى أن نعلمهم أن هذه أموال عامة تخص الجميع، وأن إهدارها جريمة كبرى ينبغى التصدى لها بكل الطرق، نحتاج إلى أن نبدأ فى تعليم الأطفال من أول الحضانة حتى طلاب الجامعة معنى الأموال العامة، وأنها ليست مستباحة، وينبغى الحفاظ عليها بكل الطرق، وأن يتعلموا معنى الترشيد وحاجتنا إلى كل مليم خصوصا فى هذه الأيام الصعبة، والسؤال هنا: هل الجهاز الإدارى الموجود لدينا يدرك معنى هذه الأفكار والقيم ويؤمن بها وإذا كانت الإجابة بنعم، فهل لديه الإرادة والآليات لتطبيقها.
مرة أخرى ما أطرحه من تساؤلات وأفكار ليس دعوة لبث اليأس والإحباط، بل محاولة للتفكير بصوت عال حتى يتم تطبيق الإجراءات الحكومية الجديدة على أرض الواقع بدلا من تطبيقها جزئيا، أو تحولها إلى مجرد تصريحات نرددها اليوم، ثم تدخل فى كهف النسيان غدا، كما حدث لعشرات الحملات والدعوات السابقة. ونتمنى أن يكون التعديل الوزارى الجديد خطوة فى هذا الطريق الصعب والطويل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من الذى سيطبق الترشيد من الذى سيطبق الترشيد



GMT 07:04 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

وزن تأريخ الأردن في التوجيهي 4 علامات.. أيعقل هذا ؟!

GMT 07:01 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 06:58 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

GMT 06:54 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والصراع على الإسلام

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 19:37 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

اقتصاد منطقة اليورو ينمو في الربع الثالث بـ 0.4%

GMT 12:22 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

رحلة إلى العصور الوسطى في بروغ البلجيكية

GMT 10:53 2019 الإثنين ,25 آذار/ مارس

مصطفى خاطر ينشر صور من كواليس مسلسل "طلقة حظ"

GMT 22:15 2018 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

"الأوريس" المفتاح السحري لأفخر العطور الرجالية في الشتاء

GMT 23:17 2023 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك الإفريقي يتعهد بدعم ضحايا زلزال الحوز

GMT 06:52 2021 الجمعة ,22 كانون الثاني / يناير

المغرب يسعى لاقتناء صواريخ "باتريوت" الأمريكية

GMT 11:18 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

باستوري ينوي الرحيل إلى إنترميلان الإيطالي

GMT 17:46 2015 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار سيارة كيا سيراتو 2016 في المغرب

GMT 01:19 2015 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الناقد العراقي رسول محمد رسول يعلن عن آخر اصداراته الأدبية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib