بقلم : عماد الدين حسين
«حرية المرء فى تربية الحيوانات للحراسة أو غيرها، لا تعنى تعريض الناس للخطر وتهديد سلامتهم وترهيب معاشهم وتخويفهم بما قد يؤذيهم».
الكلمات السابقة جاءت فى الفقرة الأخيرة من بيان النائب العام المستشار حمادة الصاوى مساء الأحد الماضى والخاص بحبس المتهم صاحب الكلب الذى هاجم جاره فى «الشيخ زايد» بالجيزة وأصابه إصابات بالغة أدخلته فى غيبوبة خلال إجراء العملية الجراحية لم يفق منها حتى الآن.
لمن لا يعرف القصة فإن النيابة العامة تلقت بلاغا فى ٢٧ فبراير الماضى من الصيدلانية إيمان عبدالمحسن بأن كلب جارهم قام بمهاجمة زوجها محمد محب الماوى الذى يعمل فى أحد البنوك بتهتك فى عضلة الذراع اليمنى، وقطع فى الأربطة والأوتار والأعصاب.
المجنى عليه يعيش فى نفس عمارة المتهم وكان دائم الشكوى من أن كلب جاره الشرس يهاجم الجميع ويقفز من خلال سور المبنى القصير. ويوم الحادثة صعد لشقة جاره ليطلب منهم السيطرة عليه وتكميمه. العاملة فى المنزل فتحت له الباب، ثم فوجئ بالكلب يهاجمه مما أدى لإصابته، كما أن عضلة قلبه توقفت لمدة ٣٠ دقيقة كاملة أثناء إجراء العملية الجراحية. أهل المجنى عليه حرروا محضرا فى قسم شرطة ثان الشيخ زايد.
ومساء الأحد الماضى قررت النيابة العامة حبس صاحب الكلب، وهو فى نفس الوقت زوج لإحدى المذيعات.
أهل المجنى عليه يقولون إن الكلب دائم الهجوم على الجيران وإن أصحابه لا يهتمون كثيرا بتكميمه والسيطرة عليه، ويتركونه طليقا فى مرات كثيرة، وإن هذا الكلب سبق له أن عقر المجنى عليه وإحدى ساكنات العمارة.
أما صاحب الكلب فينفى كل التهم ويقول إن المجنى عليه حاول مهاجمة الكلب والاعتداء عليه، وإنه زار المجنى عليه فى المستشفى واعتذر له. وردت زوجة المجنى عليه بالقول: وماذا يفيد الاعتذار؟!! وأصرت على تحرير المحضر حتى تحصل على حق زوجها.
وطبقا لهند ابنة الفنان الراحل سعيد صالح وجارة زوجة المجنى عليه، فإن الكلب من فصيلة بيتبول المحظور استيرادها دوليا. وقرأت للإعلامى الكبير شريف عامر على تويتر يقول: «أى مربى كلاب مسئول يعرف أن نوع البيتبول أشبه بسلاح لا يمكن التحكم فيه، وهذه الفصيلة ممنوعة فى دول كثيرة، وعليها قيود صارمة فى دول أخرى، لأن غريزة القتل عنده أقوى من غريزة الحماية، ولا يمكن كبتها أو التحم فيها».
قرار النيابة العامة قال إنه بالفحص تبين أن الكلب خال من أى أعراض غير طبيعية، وتلقى جميع التطعيمات اللازمة ومرخص بحيازته من الجهة المختصة، وتم إيداعه فى أحد المستشفيات البيطرية.
ما سبق هو التفاصيل الأساسية فى القصة التى أثارت جدلا كبيرا على وسائل التواصل الاجتماعى وتناولتها الكثير من وسائل الإعلام المختلفة. وحتى يحسم القضاء الأمر، فإننى لا أستطيع تبرئة أو إدانة المتهم، لكن من المهم تناول ظاهرة الكلاب المنفلتة.
بطبيعة الحال ليس كل أصحاب الكلاب مهملين وعدائيين، بل إن بعضهم يهتمون بكلابهم صحيا وبيئيا وحماية الآخرين منهم.
لكن المشكلة فى فئة وطبقة جديدة بدأت تشكل خطرا داهما على المجتمع بأفكارهم وسلوكياتهم المنفلتة من كل قيد أو رادع، لأنهم يعتقدون أنهم يملكون الحق فى إرهاب الناس وتخويفهم.
شخصيا أرى العديد من الشباب يتجولون فى الشوارع بصحبة كلابهم، وبعضهم يترك كلبه طليقا فى الشوارع للتسابق أو التشاجر مع كلاب أخرى.
قرأنا فى وسائل الإعلام العديد من الحوادث التى تتعلق بمهاجمة كلاب مفترسة لمواطنين، ونتذكر قصيدة أحمد فؤاد نجم الشهيرة «كلب الست»، والتى يقال إنه كان يقصد بها كلب المطربة أم كلثوم الذى عض مواطنا فى حى الزمالك فتم القبض على المواطن المعضوض والإفراج عن الكلب!
لدينا مشكلة كبيرة مع الكلاب العادية التى ملأت غالبية الشوارع، لكن المشكلة الأخطر هى الكلاب المفترسة، والمشكلة الأكبر حينما تكون هذه الكلاب بصحبة أناس ليس لديهم الوعى الكافى، ولديهم نوازع للفتونة والبلطجة ويتلذذون بترهيب خلق الله وتخويفهم.
إذا ثبتت إدانة صاحب الكلب زوج المذيعة قضائيا، فأتمنى أن ينال عقابا رادعا، لتصل هذه الرسالة لكل أصحاب الكلاب ذات النوعية الخطرة ليدركوا أنهم سوف يدفعون ثمنا غالبيا. وحتى إذا ثبت براءته فإن الحادثة تدق جرسا عاليا بخطورة هذه الظاهرة.
نحتاج لتشريعات عاجلة أو تفعيل التشريعات الموجودة للتأكد من تطبيق القانون على كل هذه النوعية من الكلاب، وهل هى مرخصة أم لا، وهل يحق أن تكون فى بيوت ضيقة أم لا، وهل الاشتراطات القانونية مطبقة أم لا؟