بقلم : عماد الدين حسين
حضرت صباح أمس الأحد الجلسة الرسمية الفعلية الأولى للحوار الوطنى بعنوان: «النظام الانتخابى فى ظل الضوابط الدستورية ــ قانون مجلس النواب» وذلك فى إطار لجنة مباشرة الحقوق السياسية فى المحور السياسى.
مشهد القاعة فى أرض المعارض بمدينة نصر كان مبشرا لأن كل الحاضرين على اختلاف توجهاتهم خرجوا راضين إلى حد كبير.
النقاش فى هذه الجلسة تركز على نقطة واحدة، وهى: ما هو أفضل نطام لإجراء الانتخابات البرلمانية: هل هو القائمة النسبية أم القائمة المطلقة المغلقة أم الفردى؟
الدكتور على الدين هلال مقرر المحور السياسى قال إن الهدف الأساسى هو الانتقال إلى بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، ولا توجد دولة ديمقراطية بدون المدنية، وفى هذه الجلسة فإن الهدف الأساسى هو ضمان تمثيل نيابى صحيح وانتخابات تعبر عن هموم وآراء ورغبات الناس، وهو نفس المعنى الذى قاله د. محمد عبدالغنى مقرر اللجنة بتأكيده على أن الغرض النهائى لأى نظام انتخابى هو أن يعبر بصورة عادلة وشفافة عن آراء الناس.
المفاجأة التى لفتت نظر البعض هى أن المستشار محمود فوزى رئيس الأمانة الفنية للحوار وأحد أهم خبراء القانون فى مصر كان أول المتحدثين، وكشف بوضوح عن انحيازه للقائمة المغلقة المطلقة. وهو الأمر الذى أثار اعتراض المعارضة على أساس أن منصبه يمنعه من ذلك، لكن ضياء رشوان المنسق العام حل الأمر بصورة ذكية حينما قال إن من حق كل شخص أن يعبر عن قناعاته، وأنه هو شخصيا منحاز إلى القائمة النسبية.
كان واضحا أن كل المتحدثين من الفريق المحسوب على الموالاة مع القائمة المطلقة المغلقة مع بعض المقاعد للنظام الفردى وحجتهم الأساسية هى أن ذلك يتوافق مع الدستور الذى يلزم بوجود «كوتات» محددة لبعض الفئات مثل المرأة والأقباط والشباب وذوى الاحتياجات الخاصة، وبالتالى فالقائمة النسبية أو الفردى قد لا يحققان هذا الهدف.
كل ممثلى أحزاب الموالاة خصوصا مستقبل وطن وحماة وطن والشعب الجمهورى تبنت نفس الاتجاه، بل كان ملحوظا أن ذلك هو رأى حزب الوفد مثلا الذى بدأ ممثله ياسر الهضيبى مفضلا القائمة النسبية، لكنه فى نهاية كلمته قال إن حزبه مع القائمة المغلقة لنفس السبب وهو الدستور. فى حين أن موقف حزب التجمع كان مختلفا ومنحازا للقائمة النسبية.
فى المقابل فإن ممثلى المعارضة جميعهم تقريبا دافعوا بحرارة عن نظام القائمة النسبية باعتباره الأفضل تمثيلا وعدالة لآراء الناس. يقول هؤلاء أنه لا يعقل أن من يفوز بـ ٥٠٫١٪ يحصل على كل المقاعد ويتم إهدار إرادة ٤٩٫٩٪ من آراء الناخبين، فى حين أن القائمة النسبية تضمن تمثيل الجميع كل حسب الأصوات التى حصل عليها.
أنصار القائمة المطلقة المغلقة يقولون إنها تضمن تقوية للأحزاب والبرامج على حساب القبلية والمرشحين الأفراد، وإذا كان البعض يتهمها بأنها تهدر ٤٩٫٩٪ من أصوات الناخبين فهذا الأمر يحدث أيضا فى الانتخاب بالطريقة الفردية.
لكن أنصار القائمة النسبية يقولون إذا كانت الحكومة تريد تعميق الديمقراطية والتعددية الحزبية فعلا، فإن القائمة النسبية هى أفضل نظام لأنها تقوى الأحزاب الصغيرة حتى تكبر.
الجدل ظل محتدما بين أنصار المطلقة والنسبية، وأعجبنى مداخلات مهمة قالت ما معناه أن القضية ليست فقط فى النظام المطبق، بل فى المناخ الذى تجرى فيه الانتخابات نفسها. وبالتالى فإن نزاهة الانتخاب وحياد الإدارة والمساواة بين الجميع على أساس القانون ونزاهة الفرز والإشراف القضائى، هى الأساس أولا، ولو توافرت هذه الظروف فإن أى نظام انتخابى سوف يكون عادلا وجيدا.
رأى آخر أيضا عبرت عنه مارجريت عازر يرى أنه يمكن أن يكون لدينا نظام خليط بحيث يتوافق مع الدستور، فمثلا تكون هناك نسبة للفردى، ونسبة أكبر للقائمة النسبية، وقائمة مغلقة للفئات المميزة، هذا كلام طيب لكن البعض يقول إنه قد يكون معقدا بالنسبة للعديد من الناخبين الأميين أو غير المسيسين.
النائب ضياء داود قال إن القائمة سواء كانت نسبية أو مطلقة أو بالنظام الفردى يمكن أن ينتج عنها برلمان مستبد والمهم أن تكون هناك نزاهة انتخابية وشفافية ورقابة حقيقية من البرلمان لعمل السلطة التنفيذية، وأن يصل الناس بحرية إلى صندوق الانتخابات وأن تعكس الأخيرة رغباتهم.
الحوار كان جيدا وحضاريا ومبشرا، وأتمنى أن تستمر نفس الروح حتى نصل إلى توافق فى هذه القضية وبقية القضايا وعددها ١١٣ فى ١٩ لجنة و٣ محاور.